لماذا تكالب الإعلام الغربي على تضخيم أحداث ايران؟!

متابعات | 4 يناير | مأرب برس :

احتفل الإعلام الغربي وبعض القنوات العربية هذا العام بالاحتجاجات التي خرجت في إيران أكثر من احتفالهم برأس السنة الميلادية، وكان المسؤولون الامريكيون والاسرائيليون وكذلك السعوديون يراقبون مجريات الأحداث بشوق وتوق لكي تأخذ هذه الاحتجاجات والتظاهرات أبعاداً تتناسب مع مخططاتهم التي عملوا عليها طوال السنوات الماضية والتي صرحوا بها علنا قائلين بأنهم يريدون نقل المعركة إلى داخل إيران، فهل نجحوا بذلك؟!
ما الأهداف التي دفعت الثلاثي السعودي – الامريكي – الاسرائيلي لدعم الاحتجاجات في ايران وما الغاية من ذلك؟!
أولاً: تلقى هذا الثلاثي عدة خسائر متتالية خلال الأزمات التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط في السنوات القليلة الماضية، ولا يكاد أحدهم يخرج من انتكاسة عسكرية كانت أو سياسية حتى يقع الآخر في ورطة جديدة يعجز البقية عن انتشاله منها، في مقابل ذلك كان هناك محور تشكل ايران احدى دعائمه الاساسية استطاع أن يحقق انتصارات متتالية، خاصة تلك التي انتصر فيها على “داعش”، والغرب لا يستطيع أن ينكر هذا الأمر، وفي الامس وبينما كان يجري الرئيس الفرنسي ماكرون اتصالا هاتفيا مع نظيرة الايراني، حسن روحاني قال له: “لا يمكن إنكار دور الحرس الثوري الإيراني في القضاء على داعش”.
هذا الكلام أغضب الثلاثي وجعلهم ينتظرون أي فرصة للإيقاع بإيران والحد من نفوذها وتأثيرها في المنطقة، ولكنهم على ما يبدو خسروا الرهان من جديد، فالاحتجاجات داخل ايران تنحسر وهناك رفض شعبي كبير لها بالرغم من أنهم خرجوا في البداية للمطالبة باصلاحات اقتصادية وهذا ما لم ينكره أحد من القيادة ولكن الإيرانيين ونظرا لغيرتهم الوطنية، عندما وجدوا أن الأمور تتجه نحو التخريب واستغلال هذه الأزمة من قبل أطراف غربية، قرروا الالتفاف حول قيادتهم التي وعدتهم ببذل الجهود للحد من المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد.
وفي هذا الإطار قال الرئيس روحاني كلاما ملفتا خلال اجتماعه برؤساء اللجان البرلمانية، قائلا : أن الأعداء منزعجون من عظمة الشعب ونجاحاته وتطوّر البلاد، مشيراً إلى أن حكومته تتعامل مع الانتقادات واعتراضات الناس كفرصة وليس كتهديد، ومؤكداً أن الشعب سينزل بالملايين إلى الشوارع دعماً للنظام إن تطلّب الأمر.
ثانياً: أكد وزير الأمن الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان يوم أمس الثلاثاء، أن منفعة إسرائيل تكمن في لفت أنظار العالم إلى ما يجري في إيران لا في غزة، وهذه حقيقة تدفع اسرائيل باتجاهها عبر وسائل الإعلام الخاصة بها أو تلك التي لها عليها سلطة ما.
في الواقع الامبراطورية الاعلامية التابعة للصهيونية دائما تحاول حرف الأنظار عن القضية الفلسطينة بين الشعوب واليوم حاولت ان تغير مسار الاحداث والتطورات في الاعلام عن الموضوع الفلسطيني نحو احداث ايران وتضخيم هذه الأحداث، وإظهار الوضع في ايران بأنه متأزم ويكاد ينفجر في أي لحظة، ولا أحد يستطيع أن ينكر بأن القنوات الغربية تكالبت للحصول على أي مقطع فيديو يظهر أي شيء ولو بسيط عن المظاهرات ولكنهم ولسوء حظهم لم يتمكنوا أن يحضروا المزيد من هذه المقاطع، لذلك ذهب بعضهم للاستفادة من احداث قديمة لتضخيم الحدث، ولكنهم أيضا فشلوا لأن الواقع على الأرض ليس كما يصورونه.
وإذا تساءلنا لماذا كل هذا الهرج والمرج نحو إيران من قبل اسرائيل وأمريكا، لوجدنا أن كلاهما يريد أن يغطي على الاحداث التي تجري في غزة الآن والتي تنذر ببدء انتفاضة فلسطينية جديدة بدأت حركة حماس بالحشد لها يوم أمس وقد تنتشر كالنار في الهشيم في أي لحظة، لان الأوضاع هناك وصلت إلى حد لا يطاق نتيجة للاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين ومحاصرتهم في غزة هذا من ناحية، من ناحية أخرى قرار الكنيست يوم أمس قد تكون له تبعات خطيرة على الداخل الاسرائيلي لكونه يهدف إلى تقييد مواقف حكومة إسرائيل في أي مفاوضات مستقبلية حول القدس، وهو ما يعني عمليا احتفاظ “إسرائيل” بالقدس كاملة تحت سيطرته، وهذا ما سيجعل الوضع في فلسطين كالنار تحت الرماد.
ثالثاً: لا يدخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تحريض الشعب الايراني للانتفاض على الحكومة، حيث يسخر صفحته الشخصية عبر “تويتر” للتحريض اليومي، ولكن لماذا؟!، السبب الاول: أن إيران فضحت السياسة الامريكية في المنطقة وأظهرت عجزها في العراق وسوريا وعدة دول أخرى، السبب الثاني: أن ترامب يريد بأي طريقة تغطية فشله في إقناع دول العالم بقراره حول القدس، حيث تلقى ضربة كبيرة من المجتمع الدولي في الجميعة العامة للأمم المتحدة عند التصويت على القرار، ورغم كل تهديداته للدول التي لم تصوت لصالحه لم يستطع الحصول على أي تأييد يذكر سوى من بعض الدول التابعة له بشكل مباشر.

ولكن السؤال ألا يخجل ترامب من تحريض الشعب الايراني على حكومته وهو من منع دخولهم إلى بلاده، فضلا عن كونه له اليد الكبرى في حصار هذا الشعب اقتصاديا من خلال فرض العقوبات عليه، وتجميد الاتفاق النووي وغيرها من الأحداث التي تصب جميعها في أذية شعب إيران وحياته اليومية.
في الختام، لن يستطيع الثلاثي الذي ذكرناه في بداية المقال أن يخفي فشله عن طريق تصوير إيران بأنها مدمرة من الداخل لان الواقع لا يعكس هذا الأمر، ولن يستطيع هذا الثلاثي أن يغطي فشله بإبعاد القضية الفلسطينية عن الواجهة لان هناك من يدعمها في ايران وسوريا ولبنان وتركيا وغيرها من الدول، لذلك من الأجدر بهذه الدول الالتفات إلى داخل بلادها التي تعاني من أزمات تكفيها على جميع المستويات.

 المصدر : موقع الوقت .

مقالات ذات صلة