يجب أن تبقى مستقيماً، وواثقاً من طريقتك

من هدي القرآن | 21 فبراير | مأرب برس :

أما الفئة الأخرى فهي فئة مقترحات، وهي غير مؤمنة بالموضوع، ولا هي متجهة فيه، تعطيك أولويات، فالإنسان إذا لم يكن فاهماً يكون عنده [والله يمكن أنه صدق ربما أننا لو عملنا كذا لساروا معنا]، قد يسير معك مؤقتا ولا تدري وجلس، ويكون تحولك إلى اعتبار أولويته له أثر سلبي في مجالات أخرى.

لاحظ هنا كيف الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) في مرحلة دعوته حتى نعرف أساليب الدعوة كيف هي، وفي الواقع معناها أساليب إقامة القسط؛ لأنه قد أصبح معنى الدعوة، يعني: الوعاظ هكذا لمجرد الوعظ، أساليب كيف يكون الناس أمة قائمة بالقسط، شهداء لله، هذا الشيء المهم، الإنسان بحاجة إلى أن يكون لديه رؤية متكاملة بالنسبة للإنسان أمامه، القرآن الكريم شخَّص المجتمعات، وشخص الإنسان أمامك بحيث تعرف أن هذه النوعية قد تكون كذا، من أجل لا تحبط أنت، تستمر في عملك، لا تكون أنت ترى هذا النوع وكأنه يمثل البشرية جميعاً، أترك هذا النوع لوحده يمكن تتجاوزه، ثم يهمش تماماً. وهذا الذي حصل في صدر الإسلام، ألم يتهمش كل أصحاب المقترحات هذه؟ {لوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} (الأنعام: من الآية8)، لولا كذا .. هؤلاء تهمشوا هناك، يوجد بشر كثير سيستجيبون، وهؤلاء ينتهون في الأخير، الآخرين انتهوا على جنب.

{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} (الأنعام: من الآية10)، لا يكون عندك أنك أمام أول إشكالية تحصل أمام رسول، من قبلك حصل لرسل استهزؤوا بهم، واستهزؤوا بآياتهم، وسخروا منهم، أي: فمعناه واصل، لا تبالي، هذه قضية غير جديدة، فلا ترجع على نفسك وتقول [لماذا إما أنا] أو [ما هو السبب؟] لا، واصل في عملك وأنت ستعرف من خلال عملك؛ لأنه يقدم في نفس الوقت كيف تكون مسيرة الإنسان بشكل صحيح، كيف تكون أساليبه صحيحة، لكن هناك فئات لا ينفع معها أي أسلوب تختاره مهما كان، لو اقترحت أن ينزل كتاباً من السماء في قرطاس ويلمسونه لن ينفع فيهم!. الإنسان يجمع بين القضيتين، يعرف كيف هي الأساليب الصحيحة، وفي نفس الوقت يعرف الناس أن فيهم من لا ينفع معهم أي أسلوب؛ لتستمر، لا يحدث لك إحباط، ولا يأس.

{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (الأنعام:10) وهنا يعطي الناس أملاً {فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (الأنعام:5)، وهنا أيضاً: {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}، تكون عارفاً بأن مصير الساخرين هؤلاء في الأخير أن يحيق بهم أمر الله. خلاصتها ماذا؟ خلاصتها أن تبقى أنت مستقيماً، وواثقاً من نفسك، وواثقاً من طريقتك، ومواصلاً لعملك، لا إحباط، ولا يأس، ولا تراجع، ولا ارتباك بين محاولة أقلمت وضعك وعملك استجابة لمقترحات من جانب الآخرين، مقترحات أولويات من جانب هؤلاء الرافضين والساخرين.

{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (الأنعام:11)، هذه واحدة من آيات النظر، أليست واحدة من آيات النظر؟ النظر في القرآن يجب أن تعرف متى يقدم، وفي أي موضوع يقدم، وإلى أي شيء يلفت نظرك، وليس أن نأخذ منها: [فدل على وجوب النظر] والنظر ماذا؟ في الأخير يشغِّلونه في غير موضعه، يجعلونك تنظر نظر قَلَبْ، وتضيع وقتك في قضية لا حاجة إليها، قضية محسومة أساساً.

{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}، سترون آثارهم، آثار المكذبين. {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} (الأنعام:12)، عندما يقول لهم: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} هم في نفس الوقت في آيات أخرى يقولون: هي لله، لكن هنا يقول: أنت قل لله، ولو قبل ما يقولون، ولو سيقولونها، قل أنت.

هذه قضية أساسية، أول شيء لا يقدم الموضوع وكأنه بطريقة استدلالية، أن تنتظر من الآخر أن يكون هو الذي يقتنع بطريقة معينة استدلالية، هذا شيء، الشيء الثاني بأنك لا تعود نفسك بأنه لا يكون للشيء قابليته عندك، وثقتك الكبيرة به، وثقتك من نفسك إلا إذا اقتنع الآخر، بحيث لو افترضنا وقالوا شيئا آخر تضعف ثقتك، هذه أحياناً تحصل عند الإنسان إذا عوَّد الإنسان نفسه أن لا يكون ما لديه محط ثقة لديه، لأن هذه قضية مؤثرة جداً، إذا كنت واثقاً بما أنت عليه ستنطلق، إذا أنت يحصل عندك تردد، سيحصل تراجع، ويحصل فتور في الموضوع، وهنا عندما تكون أنت مستبصراً لست بحاجة إلى أنه لازم أن الآخرين يقتنعون حتى أعرف بأنني على صواب.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

[الدرس الرابع والعشرون – من دروس رمضان]

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

بتاريخ 24رمضان 1424هـ

الموافق 18/ 11/2003م

اليمن ـ صعدة .

مقالات ذات صلة