العدو يتأرجح بين قيد المقاومة، وأطماعه بثروات لبنان

مقالات | 24 فبراير | مأرب برس :

ليس أمراً عابراً أن يخضع الكيان الإسرائيلي لحوار غير مباشر مع لبنان، حول الحقول النفطية والغازية، وتبادر الولايات المتحدة لتقديم نفسها كوسيط، يسعى في الواقع للتوصل إلى صيغة يتمكن من خلالها انتزاع ما أمكن لمصلحة الإسرائيلي، في قضية تتصل بثروات طبيعية استراتيجية، كان يفترض أنها في متناول أيدي جيش العدو. واذا ما اضفنا إلى ذلك، أن العدو يروج لمقولة إن هذه الحقول هي حق له، يعني ضمناً أنه يضفي مشروعية على أي خيار ينتهجه للحصول على ما هو “حقه”، بما فيها وضع اليد عليه بشكل مباشر.
في هذا السياق، أعلنت “إسرائيل” بأن الحدود البحرية بين لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة، تتجه نحو الشمال الغربي من الناقورة، ونتيجة ذلك، تقتطع “إسرائيل” مساحات واسعة من الحقوق اللبنانية.. وأنها ستتصرف وفقا لفهمها وتفسيرها.
مع ذلك، لم يبادر العدو على غير عادته، لأي مبادرة عملانية يفرض من خلالها سيطرته على ما اعتبره جزءا من “أمنه القومي”، وتحويل ذلك مع مرور الوقت إلى أمر واقع، ولهذه الغاية بلور اتفاقا مع قبرص استنادا إلى ما حدده كـ”مياه اقتصادية”. وهو سبق أن فعل ذلك في كل فلسطين سواء قبل أو بعد حرب 1948، أو بعد احتلال الضفة الغربية عبر فرض تهويدها وبناء المستوطنات فيها. بل هو نهج يتبعه في تحقيق أطماعه، عبر تحويل سيطرته إلى أمر واقع، يفاوض الاخرين انطلاقا من التسليم به. وفي أقل الأحوال، في حال حصول تطور سياسي أو امني استراتيجي، يُحوِّله إلى مادة ابتزاز يحصل مقابل التنازل عنه، على ما هو أهم بمعيار المرحلة التي يمر بها.

المقاومة كقوة ردع 
في مواجهة هذا التهديد المحدق بثروات لبنان الاكثر حيوية بالنسبة إلى مستقبله ومستقبل ابنائه، حضرت المقاومة كقوة ردع تمنع العدو دون المبادرة للسيطرة عليها. وكعامل توازن في مقابل الثنائي الاميركي الإسرائيلي، وكورقة ضغط في سياق المفاوضات غير المباشرة مع العدو وعبر ممثله الاميركي، ونافذة أمل ويقين بقدرة لبنان على انتزاع حقه في ثرواته، وكركيزة يستند اليها الفريق السياسي اللبناني لتعزيز صموده.  بل بات حضور حزب الله بذاته في المعادلة، وتصديه المباشر في مواجهة التهويل الاميركي ـ الإسرائيلي، عامل كبح يحضر في عملية استشراف المسارات، ودراسة الخيارات، وفي ضوئه (حضور قدرة حزب الله وإرادته) يتم استبعاد بعضها وترجيح اخرى. وهو ما برز في مقاربة رئيس مجلس الامن القومي الصهيوني السابق، اللواء غيورا ايلاند، الذي اعتبر أنه بتضارب الموقفين اللبناني والإسرائيلي، والهوة التي تفصل بينهما “تولدت هنا إمكانية حدوث مواجهة بين البلدين”. لكن الاهم الذي يبدو أنه أكثر حضورا واهتماما لدى صناع القرار السياسي والامني أن لا يبدو حزب الله هو المدافع عن هذه الثروات. وهو فخ بدا أن “إسرائيل” أوقعت نفسها به، عندما جاهرت بأطماعها واصرارها على السطو عليها “في المواجهة بين “إسرائيل” ولبنان حول مصلحة اقتصادية مهمة، سيكون حزب الله القوة التي ستدافع عن لبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وإذا لزم الأمر- سيحاول ردع “إسرائيل” عن طريق التهديد بضرب منصات الغاز التابعة لها”.  ويعني ذلك، بالنسبة لـ”إسرائيل” أن مكمن الخطر هو أن تجري مواجهة – وهو أمر مستبعد في المرحلة الحالية – بين حزب الله وجيش العدو على خلفية قضية تحظى باجماع شعبي ورسمي لبناني. ويدرك العدو أن الصورة والنتيجة التي ستترتب على ذلك، هي تظهير وتعزيز صورة حزب الله الفعلية، كقوة ردع ودفاع عن لبنان وشعبه وثرواته وأمنه القومي. في حين أن المخطط الإسرائيلي- الاميركي، كان يفترض أن أي مواجهة ستنشب ينبغي أن تكون تحت عناوين مفتعلة بهدف ايجاد شرخ داخلي حول مشروعية المعركة الدفاعية التي يخوضها حزب الله.
رغم ما تقدم، لا يستطيع كيان العدو أن يتخلى عن اطماعه، بثروات استراتيجية بهذا المستوى. وايضا، لا يريد أن يبدو كمن تراجع أمام ضغط المقاومة. وهكذا يجد نفسه يتأرجح بين اطماع لا يريد التخلي عنها، وبين اقراره بمحدودية خياراته العملانية نتيجة ادراكه لوجود ارادة صلبة لدى قيادة المقاومة التي تملك القدرات التي تمكنها من الدفاع عن ثروات لبنان، والنيل من المنشآت النفطية والغازية التي بناها في البحر المتوسط مقابل الشواطئ الفلسطينية.

*العهد الإحباري .

مقالات ذات صلة