الثابتون لديهم وعي كبير وثقة عالية بالنصر

من هدي القرآن | 5 أبريل | مأرب برس :

الوعي الذي يقوم على أساس هدى الله سبحانه وتعالى يقي الناس من الكثير من الزلزلة؛ لأن الزلزلة هنا بمعنى أنه حكى من داخل المجتمع، قد لا يحتمل أن يكون النبي نفسه، أو مؤمنين واعين على مستوى عالي، أن يكونوا اكترثوا بالزلزلة؛ لأنه قدم لنا نموذجا آخرا: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ}(آل عمران173) أليست هذه من الأشياء التي تزلزل؟ {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ألم يحصل هنا ثبات؟.

في نفس المقام مع بني إسرائيل، في هذه الآية نفسها، عندما قال الآخرون: {لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ} هذا مؤشر خطير، يعني: قد راح أكثرنا قبل، وراح أكثرنا بعد النهر، ونحن الآن في الميدان، قد هذا بعضنا قد هم يقولون هكذا.

ما هذه توجد زلزلة؟ لكن لاحظ كيف الوعي لديهم جعلهم هم يثبِّتون الآخرين، ما اضطربوا هم، {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ} ما تزلزل هؤلاء، ما تزلزلوا مع أن قد هي حالة رهيبة فعلاً، وهم في ميدان المواجهة ما تزلزلوا! لماذا؟ إيمانهم قوي، وعندهم وعي بالشكل الذي يقيهم الاضطراب، كانوا هم ثابتين، وساعدوا على أن يثبت الآخرون.

ولهذا كان الناس الثابتون تكون مشاريعهم كبيرة، ماذا يعني كبيرة؟ هؤلاء المؤمنون برزوا وعندهم مشروع نصر في مواجهة تلك القوة الجبارة، والكثيرة العدد بقيادة ملكهم جالوت، انطلقوا بذلك الدعاء: {وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة250) ما هم دعوا الله بالشكل هذا؟ عندهم طموح أن ينتصروا عليهم، وفعلاً انتصروا عليهم {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ}(البقرة251).

هذه قضية هامة، لا بد أن تؤمن بأن يكون مشروعك هو مشروع القرآن نفسه، ألم يكن القرآن للناس جميعاً، للعالمين جميعاً؟ تكون نظرتك نظرته، وبعده، أين ما وصلت، بعد القرآن أينما وصلت، هذه قضية.

أن يكون في نفس الوقت عندك إيمان بأن النصر الإلهي، والفرج الإلهي، يأتي في النقطة التي تجعل الآخرين لتهيبهم منها يتراجعون. هنا إذاً لم يعد هناك ما يخليك تتراجع.

في نفس الوقت يكون الإنسان دائم الدعاء لله، هذه قضية لا ينفرد الإنسان بنفسه أبداً مهما لمس عنده من قوة إيمان، واستعداد، وثبات، لازم يكون دائم العلاقة بالله، والدعاء باستمرار، {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}(آل عمران8) {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة250) مجموعة أدعية من هذه نحاول أن نقولها يومياً، في قنوت الفجر، في قنوت الوتر، في خارج الصلاة، ندعو بها.

يجلس الإنسان على علاقة دائمة بالله، ولنعرف جميعاً بأنه قد تكون المرحلة هذه التي نحن فيها مرحلة من أفضل المراحل لمن يسيرون في سبيل الله، ونقول أكثر من مرة: من أفضل المراحل لمن يتحركون على أساس كتاب الله؛ لأنه إذا كانت مظاهر الارتداد التي تحصل داخل البلاد العربية تجعل الكثير منهم يتراجعون، لاحظ أنه في القرآن جعلها بالشكل الذي تعتبر مؤشر خير بالنسبة لك، أنه إذا ما كان هناك ارتداد فإن الله سيأتي بقوم يحبهم، ويحبونه.

هل هذا بالشكل الذي يحصل لديك هزيمة، وتراجع، عندما ترى آخرين لا ينطلقون، لا حكومات، ولا كثيرا من الناس، هذا معناه ماذا؟ ارتداد عما يجب أن يكونوا عليه، هذا الارتداد في الآية، معناه: يبقى لديك أمل كبير؛ لأن الله قال: – إذاً فرصة – {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}(المائدة54) ففرصة لي أن أعرض نفسي أمام الله عسى أن أكون من هؤلاء. [الدرس العاشر]

مقالات ذات صلة