قمة الظهران… ازدواجية ونفاق وتضليل

مقالات | 20 أبريل | مأرب برس :

بقلم / عادل الجبوري :

لم تخرج القمة العربية الأخيرة التي عقدت في مدينة الظهران السعودية، منتصف شهر نيسان – ابريل الجاري، بشيء يستحق الإشادة والتقدير والاحترام، بل على العكس من ذلك شهدنا قدراً كبيراً من الازدواجية والنفاق والتضليل، ولعل من يقرأ البيان الختامي لهذه القمة بتمعن وتدقيق، يلمس تلك الازدواجية، وذلك النفاق والتضليل الفاضح.

حينما انعقدت القمة، والتأم شمل الحكام والزعماء العرب في الظهران، كانت الجمهورية العربية السورية قد تعرضت قبل وقت قصير جدا الى عدوان عسكري ثلاثي من الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وفرنسا، ويفترض انه من الطبيعي والواقعي والمنطقي أن يتصدر موضوع ذلك العدوان أجندة القمة، بيد أن ما حصل جاء مخالفا بالكامل للعقل والمنطق السليم. وبدلا من ادانة واشنطن ولندن وباريس واظهار التعاطف مع دمشق، لم يتضمن البيان الختامي ولا حتى اشارة خجولة لذلك، بل والأنكى من ذلك تضمن البيان ادانة للنظام السوري. وقد لا يبالغ من يصف الموقف العربي حيال العدوان الثلاثي على سوريا بالمخزي والمهين.

النقطة الأخرى التي تستحق التوقف عندها، هي أن الحكام العرب لم يشيروا الى المآسي والويلات التي يعانيها الشعب اليمني، وتجنبوا التأشير الى من يتحمل المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والقانونية عن القتل والخراب والدمار الكارثي الهائل في اليمن، علما أنه لم يعد أحد في العالم، ممن يدقق في الأمور، يجهل حقيقة أن ما يسمى بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية والامارات هو وراء ما جرى ويجري في اليمن من مآس وكوارث وويلات.

واستكمالا لذلك، فإن الحكام العرب لم يدينوا في قمتهم البائسة والهزيلة الارهاب الداعشي التكفيري والجماعات الارهابية المختلفة، بقدر ما أدانوا الجمهورية الاسلامية الايرانية، وما أسموه الميليشيات المرتبطة بها، المقاومة اللبنانية، وفصائل الحشد الشعبي في العراق، وجماعة انصار الله اليمنية، غافلين او متغافلين عن حقيقة انه لولا الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتلك القوى الشجاعة المشرفة، لكان تنظيم “داعش” الآن يصول ويجول في كل شبر من بقاع العرب والمسلمين، وفي أحياء وشوارع وأزقة الرياض وابو ظبي وأنقرة والكويت والمنامة واسطنبول، وحتى في أحياء وشوارع وأزقة واشنطن ولندن وباريس ونيويورك.

هل قدمت الدول العربية، لاسيما السعودية والامارات، عشر الدعم الذي قدمته ايران للعراق في حربه ضد تنظيم “داعش” على امتداد ثلاثة أعوام ونصف العام؟

هل استطاعت أية دولة عربية أن تحقق ولو جزءا صغيرا ما حققه حزب الله اللبناني في مواجهته للكيان الصهيوني، والتي اعاد من خلالها الى الأمة العربية بعضا من كرامتها المفقودة بسبب هزائمهما المتكررة امام ذلك الكيان اللقيط؟

هل كان بالامكان أن يندحر تنظيم “داعش” الارهابي في العراق لولا الحشد الشعبي الذي تعمل الرياض جاهدة، ومعها أطراف أخرى، على تحجيمه وتهميشه واضعافه وابعاده؟

ليس هذا فحسب، بل إن المديح والتبجيل الرخيص بالسعودية في البيان الختامي، عكس في جانب كبير منه بؤس الخطاب العربي واليأس الكامل من امكانية تصحيح الواقع العربي البائس والخاطيء، فهل بات هناك من أحد يجهل ما قدمته السعودية للارهاب بكل عناوينه ومسمياته على امتداد خمسة عشر عاما من دعم عسكري واستخباراتي وسياسي واعلامي وديني، سواء في العراق أو غيره.

أين القدس من القمة التي أسماها الملك السعودي “قمة القدس”؟ كيف تكون قمة القدس، ولا يدين المشاركون فيها الكيان الصهيوني، بل يدينون المواجهين له، المدافعين عن الشعب الفلسطيني، والداعمين  لقواه الوطنية المناضلة؟!

من باب الانصاف والموضوعية، يمكن القول إن البيان الختامي، ربما يكون قد كتب من داخل أروقة وزارة الخارجية السعودية، ومكتب ولي العهد السعودي ورجل المملكة الاول محمد بن سلمان، ولم يكن للحكام والزعماء العرب من مهمة سوى التصويت على فقراته وبنوده ليس الا!

مقالات ذات صلة