من لا يصغي ولا يهتم لهدى الله يكون عرضة للتضليل

من هدي القرآن | 1 يونيو | مأرب برس :

{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} (الأعراف: من الآية148) هنا يبين للإنسان كيف أنه فعلاً في موضوع هدى الله يحتاج إلى إصغاء، واهتمام، ويكون مبنياً على إيمان، والتزام، والذين لا يكونون بهذا الشكل يكونون عرضة لأي تضليل، قوم موسى، يعني ليسوا أناساً من مجاهيل أفريقيا، أو نحوها .. قوم موسى الذين حررهم وهم في مصر، حررهم مما كانوا فيه، وفلق الله لهم البحر، وآيات عجيبة يشاهدونها، ومع هذا ماذا؟ كانت عندهم قابلية أن يضلَلَوا، هو قال: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} (طـه: من الآية85) ألم يقل وأضلهم السامري؟ لاحظ هنا في القضية هذه ألم يحصل مؤاخذة لهم شديدة؟ يوم قالوا: {يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً} عندما خرجوا من البحر كانت نفسياتهم ما زالت ثانية، وجههم موسى، وما حصل لهم شيء. هنا قاموا هم بتضليل السامري، وهم يعرفون بأن موسى ما زال حياً وإنما ذهب إلى الجبل، ذهب في ميعاد حدده الله له.

 

لهذا عندما يكون الإنسان غير مهتم، ولو كان في عصر مليء بالأنبياء، ولو كانت آيات الله تتنزل، ولو يشاهد عصا موسى تتحول إلى ثعبان، إذا لم تبن عليها قاعدة أساسية عندك: التزام، وفهم، ووعي، ستكون عرضة للتضليل، هؤلاء ناس ضُللوا وموسى ما زال حياً، وضللوا بعد أن قضى موسى معهم فترة طويلة في التبيين، وبعدما قد رأوا الآيات الكثيرة.

 

عندما يقول البعض: إنه كيف يمكن أن يكونوا ضلوا ناس من الصحابة بعد رسول الله! أليس هؤلاء صحابة ضلوا وما زال موسى حياً، إنما ذهب لفترة أربعين يوماً منهم، صحابة من داخل بني إسرائيل، من الذين اصطفاهم الله على العالمين، أمكن أن يضلوا مع وجود النبي، ثم تقول لي: كيف أنه يمكن أن يضل ناس من بعد النبي؟! أليس احتمال أن يضلوا بعد نبي أكثر من احتمال أن يضلوا في وقته؟ هذه الآيات نفسها كانت هي هامة جداً بالنسبة للصحابة أيام رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أن يكون كل واحد منهم منتبهاً عندما يعرف أنه أمكن أن يضل ناس وما زال نبيهم موجوداً، وآيات قاهرة معه، عصا تتحول إلى ثعبان، يده تتحول إلى عمود من النور، وأمكن أن يضلوا، وقال لهم: إنه أضلهم السامري. هذه الآية ألم يقرأها الصحابة؟ لكن أي ناس كائنا من كان إذا لم يتفهموا، ويعوا، سيكونون عرضة للضلال.

 

فهي تعتبر حالة خطيرة في حد ذاتها، إذا ما هناك تفاعل بإيجابية مع هدى الله، قد يكون الناس في حالة، قد فعلاً يضلهم فعلاً، من يتأمل موقف الإمام علي في تلك الحالة يعرف المسألة ـ مثلما قلنا سابقاً ـ يعرف الإمام علياً، أشياء كثيرة من سنن الله، عندما لا يكون هناك اهتمام أثناء تقديمه، وهو يقدم على أرقى صورة، ويبين على أحسن تبيين، ويقدم على أجمل صورة، وأيضاً يعطى في نفس الوقت، يعطى الناس حتى وإن كانوا بسطاء أشياء واضحة للالتزام، واضحة مثل: اتبعوا، أطيعوا.. أليست عبارات واضحة؟

 

لكن في الأخير، عندما لا يكون هناك اهتمام بالشكل المطلوب، هذه النوعية تكون عرضة لأن تضل، وأن تكون ضحية المضلين. قوم موسى أضلهم واحد، السامري، وجعلهم يعبدون عجلاً! ألا يمكن أن يأتي من بعد رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) من يضلهم، ويجعلهم يعملون خليفة آخر، قد أمكن شخص يجعلهم يعبدون إلهاً آخر.. أين أكبر؟ ألم يستطع أن يضلهم حتى يجعلوا لهم صنماً؟ إذاً بالتأكيد يستطيع أي شخص أن يضلهم فيتخذون لهم شخصاً آخر خليفة بدل ذلك الشخص الذي أعلنه على مرأى، ومسمع منهم. لكن إذا ما هناك اهتمام فهي في حد ذاتها حالة خطيرة.

 

كذلك في أي زمان لا يتصور واحد، مثلاً تتصور بأنه كأنك لا تسمع شيئاً، الناس إذا لم يكن عندهم اهتمام أن يصغوا بجدية، ويتفهموا، قد تأتي في مسيرة الناس أشياء كثيرة يكون من لا يهتمون عرضة لأن يضلوا فعلاً، ليست قضية سهلة. هنا يبين لنا أشياء، بين للناس في أيام رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) بهذه الأشياء، ولم يأخذوها على محمل الجد فضلوا فعلاً! هنا قال: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} (طـه: من الآية85) فتنهم.

 

كل المسألة تقدم على أساس أن الإنسان يتعامل بجدية مع ما يقدم من عند الله، وأن يتعامل بجدية مع ما قدم من عند الله هو بالشكل الذي يكون له إيجابية كبيرة في حياته؛ لأن حالة اللامبالاة هذه معناها في حد ذاتها: أن ما لله قيمة عندك، وليس لهداه قيمة عندك، إنما فقط اتغصَّاب! إذا لم يكن [إلا اتغصاب يغصبه] فلن يغصبه، سيجعله يضل.

 

 

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

 

 

[الدرس الثامن والعشرين من دروس رمضان [ 17 ــ 18] ]

 

 

 

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

مقالات ذات صلة