قاتل عدوك بكل شراسه بعيدا عن المواقف الشخصية

من هدي القرآن | 24 يونيو | مأرب برس :

 

 

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة:62) أن تأتي هذه الآية بعد الكلام المتكرر عن فئة من الناس حتى أنه تبدو القضية وكأنه موقف شخصي، حتى لا يحصل هذا الشعور وكأنه موقف شخصي من هذا الجنس، لا. {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (البقرة: من الآية61) وإلا فالقضية في أصلها وواقعها: أن القضية ليست قومية ولا مواقف من فئات لكونها الفئة الفلانية أو اسمها كذا، لا.

 

موضوع رحمة الله مفتوح {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (البقرة: من الآية62) من اتجه هذا الإتجاه سواء كان أصله من الذين هادوا أو من النصارى أو من الصابئين أو من أي فئة كان {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ماذا نفهم من الآية هذه في خلاصتها؟ أن تعرف أن هذا الحديث ما كأنه حديث عن جنس من البشر يكونون هكذا كموقف شخصي منهم بل هم لو استقاموا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، هذه الحالة هامة جداً بالنسبة للمؤمنين قضية هامة جداً، أحياناً عندما تتحول القضية عندك إلى شخصية يكون لها آثار سلبية في موقفك، آثار سلبية في قراراتك فعلاً.

 

هناك عبارة جميلة رأيتها في [فيلم] ولم أرها لحد الآن في أي مصدر من المصادر عن مالك الأشتر قال: [إن علياً علمني كيف أقاتل العدو دون أن أحقد عليه] أليست هكذا العبارة؟ أي المجال بالشكل الذي أنت موقفك من الآخر ليس موقفاً شخصياً بما تعنيه الكلمة؛ إنما لِما هو عليه.

 

عندما تكون على هذا النحو وأنت أيضاً تحمل في نفس الوقت حرصاً على أن يهتدي معناه هنا أن الموضوع عندك مقبول بأنه يتحول، إذا أصبحت القضية عندك موقفاً شخصياً تأتي أحياناً ولو قد أراد أن يتحول أن تصده تصبح أنت تعمل عكس ما أنت تتحرك فيه تصبح صادّا عن سبيل الله عندما تنطلق انطلاقة شخصية؛ ولهذا ترى من الأشياء العجيبة في مسيرة أنبياء الله كيف كانت، كيف كان يقول لهم قومهم أنه لازم يعودون في ملتهم يرجعون معهم! يقولون: لا يمكن أبداً، إلا أن يشاء الله، أليسوا يقولون العبارة هذه؟ يعني: أنا ممكن أعود في هذا لكن بالشكل الذي يشاء الله… ليس معناه موقفاً شخصياً منها موقفاً شخصياً، لا، القضية هكذا: المسألة الله لا يريد أبداً لو شاء هو ممكن أدخل معكم في هذا، هذا أيضاً يعطي جاذبية بالنسبة للطرف الآخر.

 

الموقف الشخصي أحياناً تتبنى مواقف شخصية بحتة تتحول المسألة إلى صراع شخصي لم يعد صراعا من أجل دين الله من أجل ما ذلك الشخص، الطرف عليه، هنا يقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} (البقرة: من الآية62) أليس هنا يسردهم في مقام واحد هؤلاء الذين قد أصبحوا محسوبين على هذا الدين يعني ماذا؟ يؤمنون بالله وبرسوله وبالقرآن قد أصبحوا هكذا، {وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (البقرة: من الآية62) ليس معناها مع ماذا؟ مع كفره بالقرآن وكفره بالرسول؛ لأن هذه لا تتأتى أي هي لا تحصل، ما هي حاصل عندما تفهم ماذا يعني الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر الإيمان بالله ما هو؛ لأن الإيمان بالله ليس مجرد عقيدة فقط الإيمان بالله ليس فقط مجرد عقيدة، من إيمانك بالله أن تؤمن بأنه هو إلهك وملكك وربك أنك عبد له تسلم نفسك له تطيعه هو يريد منك أن تكون كذا، هذا الإيمان.

 

أما نفس إيمان بالله كإله هو حاصل عندهم من قبل، الإيمان بالله كإله حاصل عندهم وعند المشركين الإيمان بالله إله ورباً هكذا مجرد اعتقاد معين، لكن، لا. ترى كيف الإيمان بالله يأتي في القرآن الكريم وكلها عملية، أن أكون مؤمناً بالله مقتضى إيماني بالله أن أكون مسلماً له بمعنى أني مؤمن بأنه إلهي وربي وملكي وسيدي، في نفس الوقت أسلم لأمره وهذا هو ماذا؟ الإيمان الصحيح والإيمان الذي لا يقبل إلا هو، هذا الإيمان.

 

عندما يقول: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (البقرة: من الآية62) هل يمكن تتصور إلى أن معناها لم أعد بحاجة أن أؤمن بمحمد ولا أؤمن بالقرآن؟ في أول الآيات هو قال: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ} (البقرة: من الآية41) ألم يقل لهم هكذا؟ ليس معناه بأن الله سبحانه وتعالى هو يريد إذا قد اليهودي يعمل أعمالاً صالحة والنصراني يعمل أعمالاً صالحة والمجوسي والصابئي، أهم شيء أن يكون الإنسان عضواً صالحاً في المجتمع، لا. بعضهم يقولون هكذا: [المطلوب فقط هو أن تكون أنت عضواً صالحاً في المجتمع اليهودي يهودي والنصراني نصراني من عمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون؟] لا. ليست القضية بهذا الشكل ولا يصح أن تفهمها بالشكل هذا وأنت تجد الآيات الكثيرة والخطاب الموجه لهم هم في [سورة البقرة] و[سورة آل عمران] وفي [سورة النساء] يؤمنون هم بما أنزل {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة: من الآية41) {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} (البقرة: من الآية41) كيف قدم الإيمان به؟ ألم يجعل الإيمان برسوله والإيمان بكتابه جزء من الإيمان به؟.

 

{فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: من الآية62) لكن يستفاد منها هذا المعنى السابق الذي ذكرنا لأنه جاءت بعد كلام هنا: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ} (البقرة: من الآية61) ليس معناه أنه في الأخير يقول واحد: [اترك هؤلاء]! يصبح له موقفاً شخصياً لا. قضايا ليست شخصية على الإطلاق، في صراعك مع أعداء الله يجب ألا تجعله صراعا شخصيا قاتله على أرقى مستوى، قاتله وتكون من أولي بأس شديد في الله ولله، وتتمنى أنه لو يهتدي ومقبول لو يهتدي، هذه قضية أعني: في التربية القرآنية يصل الإنسان إلى هذه: يكون شديداً على أعداء الله وفي نفس الوقت لا ينطلق من مواقف شخصية لديه هو، وفي نفس الوقت مقبول إذا أراد أن يسلم حياّه الله يسلم ويؤمن طبيعي، هذه القضية هامة من الناحية التربوية، هي خلاف الذي يطرحونه [القبول بالآخر] يريدون القبول بالآخر على ما هو عليه! أبداً لا تقبل هذا الآخر على ما هو عليه أبداً، تقف في وجهه تحاربه تتصارع معه لكن إذا رجع، إذا دخل فيما أنت فيه وآمن بهذا القرآن وبالنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وأصبح من المسلمين، هنا قد له ما لك وعليه ما عليك.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

 

 

[الدرس الرابع من دروس رمضان من الصفحة [23 ـ 25] ]

 

 

 

 

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

مقالات ذات صلة