بين المهرة و«التحالف»… «الشرعية» مع مَن؟

متابعات | 29 سبتمبر | مأرب برس :

تسعى السعودية وأذرعها في الجنوب إلى إسكات الأصوات المنادية برحيل «التحالف»، التي صدحت ضد العبث المهول في الجنوب، وعلى رأس ممارساته السعي إلى السيطرة على موارد البلاد كالنفط والغاز، والاستحواذ على الموانئ والمطارات والجزر والمدن الإستراتيجية اليمنية، وتحويل معظمها إلى سجون للمناوئين لسياسته التي بات الجنوبيون لا يطيقونها، ولا يتورعون عن المجاهرة بمناهضتها والدعوة إلى سرعة إيقافها.

استحداثات واعتقالات

خرقت السعودية التفاهمات التي اتفق عليها المتظاهرون وقوى «التحالف» والتي قضت بانسحاب الأخير من المدينة، وإيقاف الاستحداثات العسكرية، والتوقف عن عسكرة المدينة وجلب أداوت عسكرية إليها، وهو ما أثار المهريون ضدها، لاسيّما بعد أن أحضرت قوة عسكرية كبيرة واستحدثت معسكراً في مديرية المسيلة، وخرج الناس إلى الشوارع معلنين رفضهم لهذه الخطوة وأي خطوات مشابهة لها كلياً. وهو ما دفع السعودية إلى جعل أذرعتها تصدر مذكرة لاعتقال قهري للشيخ الحريزي، معتبرةً إياه «مهندس الرفض» وتثوير الناس ضد «التحالف»، وهي خطوة رأى مراقبون إنها ستثوّر الناس وتثير غضبهم أكثر، ما قد يدفعهم على الإقدام بمواجهة كبيرة ضد «التحالف».

وعقب ذلك، أصدرت اللجنة المنظمة لاعتصام محافظة المهرة، بياناً صحفياً حول الأنباء التي تفيد بأن «التحالف» وجه باعتقال الشيخ علي سالم الحريزي، ومن معه من النشطاء المشاركين في الاعتصام ضد سياسياته التي رأوا أنها تمثل خرقاً للسيادة.

ورأى مراقبون، أن البيان «يدين التحالف وممارساته في الجنوب والمهرة واليمن بشكل عام، رافضاً اعتقال الحريزي أو أي مواطن آخر»،  مذكّراً بأن «الاعتصام سلمي وسيظل سلمياً».

وندد البيان بسياسات «التحالف» التي رأوا أنها قد انحرفت عن مسارها وباتت تعبّر عن مطامع استحواذية وبشكل معلن.

وطالب البيان «الشرعية» بـ«إعادة النظر لما يجري»، قائلاً «نطالب السلطات الشرعية بإعادة النظر فيما يجري في المحافظة من ممارسات غير مقبولة، والترفع إلى مستوى المسؤولية الوطنية الكبرى، وتجنّب أي تصرفات تنذر بتدهور الاستقرار».

وتضاربت أنباء عن خروج الشيخ الحريزي إلى سلطنة عُمان، وسط تأكيدات لعودته إلى الغيضة متحدياً، وهي خطوة جريئة رأى مراقبون أنها «تعتمد على مشروعية مطالبهِ، ومطالب أبناء المهرة، كما أنها تكشف عن مدى التفاف الناس حوله، وهو ما سيمنع حتماً «التحالف» من اعتقاله، ويدفعه نحو اتخاذ صيغة ما للحفاظ على ماء وجهه، ورفع الاستحداثات العسكرية التي قام بها مؤخراً.

توجّس

إلى ذلك، قال الناشط السياسي عبدالرحمن علي، في حديث  لـ«العربي» إن «الوضع قد يؤول إلى الأسوأ، وقد يكون وبالاً على التحالف في حال قام باعتقال الشيخ الحريزي ومن معه، لأنه سوف يهيج بهذه الخطوة أغلب اليمنيين عليه، وقد يتوافد الكثير من المواطنين اليمنيين إلى ساحة اعتصام المهرة، وفي حالة تطور الوضع قد تحدث اشتباكات بين المواطنين وقوات التحالف المتواجدة في المهرة، برغم أن الناس هنا يشدّدون على السلمية».

بدوره، رأى المحلل السياسي عبدالله عبدالخالق، أن «ما تقوم به دول التحالف في محافظة المهرة، من إنشاء معسكرات وتكتلات عسكرية، قد تنقلب ضدها في أي وقت».

موجة غضب

وأثار التوجيه الذي أصدره «التحالف»، موجة غضب في قلوب غالبية اليمنيين، ودفعهم إلى التعاطف والتضامن مع الشيخ الحريزي، مشيرين إلى أن «المهرة مقدمة على التخلّص من الاستعمار بلا شك، وأن ما تقوم به السعودية والتحالف في المهرة، إنما هو من باب إيقاظ الضمير الجماهيري»، وهو ما يؤكده الصحافي سالم خميس، في حديث لـ«لعربي»، بالقول إن «ما يحدث في المهرة يعد منشطاً للناس وميقظاً للضمائر»، مشيراً إلى أن «ما يحدث في المهرة هو امتداد لما يحدث في الجنوب، من عسكرة للحياة وسيطرة على البلاد بالقوة، واستحداث المعسكرات والسجون والاعتقالات»، مضيفاً أن «ذلك سيكون بلا شك من أهم ما يقرب بزوال ورحيل التحالف».

يشار إلى أنه لم يصدر من «الشرعية» أي ردّة فعل تجاه توجيهات «التحالف» الأخيرة، أو بيان اللجنة المنظمة لاعتصام محافظة المهرة.

والسؤال الذي يراود غالبية اليمنيين في هذه الوقت، هو «هل ستقف الحكومة الشرعية مع أبناء المهرة أم أنها ستخذلهم كما خذلتهم في بداية الاعتصام؟ وهل ستتوقف السعودية والتحالف عن السيطرة على المدون الإستراتيجية وتحويلها إلى سجون وثكنات عسكرية أم لا، وهل ستكف عن الاستحواذ على حقول النفط والغاز أم أنها ستجعلها مصادر دخل لها لتمويل عملياتها العسكرية الحاصلة في البلد؟».

(العربي)

مقالات ذات صلة