هل نبقى كلنا في الهواء سواء؟!.. كلا

مقالات | 30 سبتمبر | مأرب برس :

بقلم / الشيخ العلامة سهل بن عقيل* :

نحنُ ثُرْنا ليمتلكَ الإنْسَـانُ حريتَه ونفسَه وكرامتَه ومقدراتِه.. لقد كنا بالأمس القريب عبيداً لغيرِ الله في أنفسنا ومقدراتنا وعقيدتنا، لا نستطيع أن نتصرَّفَ بشيء ولو بكلمة إلا أن تكون سلبيةً تجهيلاً وخنوعاً وتزلفاً واستكانةً، نضع أنفسنا وعقولنا تحت أقدام أعدائنا حتى أنهم يسموننا الحديقة الخلفية لقصورهم حتى على مستوى أدنى الدرجات، وكل حر يجب أن يلجم أَوْ يُعدَمَ بأية طريقة كانت، تنوعت الأسبابُ والموتُ واحدٌ، حتى إنَّ فايرستاين السفيرَ الأمريكي السابق الذي هرب من صنعاء بعد دخولها كان يتدخَّلُ حتى على مستوى تعيين الفراشين والمؤذنين في المساجد، وكل شيء في اليمن تحت تصرفه.

عملاءُ كُثْرٌ لا يعصون ما أمرَهم ويفعلون ما يؤمرون، وهذا شأنُ الملائكة في طاعة الله ولكنه شأنُ أحذية الأراذل الذين من فوقهم لا يعصون ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون في كُـلّ صغيرة وكبيرة على مستوى أجهزة الدولة بجميع فروعها، وإداراتها لا تملك من إرادتنا شيئاً.

لكن اليمنيَّ لن يكونَ ولم يكنْ كغيره من مواطني الجزيرة العربية الذين هم في كُـلّ شيء تحتَ أحذية أمريكا، هم في أنفسهم أحذية مهترئة، لا بقاء لهم إلا ببقاء أسيادهم يدوسون على رقاب الأمة العربية والإسْــلَامية في كُـلّ الجزيرة العربية.

كانت الصرخة فأزعجتهم، ونفخت في العقول والنفوس دبيبَ حياة الإنْسَـان، فأحيته من موته ومن سُباته، فأزعج ذلك فاير ستاين وعبيدُه، سواء في اليمن أَوْ في عموم الجزيرة العربية أَوْ العالم الثالث، فحسبوا لها حسابَها وبدأوا يعدون لها العُدَّةَ وتمت الأَدَوَات من قبل 2003م؛ استعداداً للقضاء على كُـلّ انتفاضة، وما كانت الحرب سنة 1994م إلا باكورة واستعداداً لهذا العمل الذي هيكل كُـلّ مقدرات الشعب اليمني في جميع المجالات حتى لا تقوم له قائمة.

إنَّ الخوفَ لم يبدأ في سنة 94م أَوْ في أعقابها، ولكنه كان منذ عقود سبقت في قيام ثورة أجهضت بالاستعمار المصري والاستعمار السكسوني البريطاني، وكان ما كان في سنة 1967م وما أعقبها من مؤامرات قبلَ الوحدة وبعد الوحدة يطول شرحها.

رغم ذلك أثمرت وخطّت طريقاً أمام أعين الشعب اليمني في استكمال وتصحيح ثورة 2003م في صعدة والتي أينعت وأثمرت وصحّحت مسار الثورات السالفة جميعِها في سنة 2014م عند دخول صنعاء وانحسار الحزبين “المؤتمر والإخوان”، ولكن الخطر ما يزالُ قائماً ونعيشُ ثمارَه الآن في معاناة لا تخطر على بال، دولية ومحلية، ومن دول الجوار.

هنا نقولُ بفصيح العبارة: إنَّ ثورةَ 2003م في صعدة أينعت وترسّخت ولها الأثرُ الفاعلُ، سواء في الجزيرة العربية التي نحن جزء منها أَوْ في العالم العربي مشرقه ومغربه أَوْ في ما حولنا من الدول، سواء في القرن الإفريقي أَوْ غيره، رياحُ حياة هبَّت إلى صدور العامة وعقولها بتفعيل النقاط الخمس: (الله أكبرُ، الموتُ لأمريكا، الموتُ لإسرائيل، اللعنةُ على اليهود، النصرُ للإسْــلَام)، حتى وصلت إلى غير الدول العربية والإسْــلَامية في كُـلّ أنحاء العالم وترددت صوتاً وعقيدةً في عواصم الدول الاستعمارية وغيرها.

ومن هنا يجبُ أن نكونَ واقعيين في ما يقعُ لنا ويقع حولنا من تفعيل هذه الثورة الشعبية التي قلبت الموازيين وفتحت أبواباً لا يمكن سَدُّها حتى أصبحَ الشعبُ اليمني قِبلةً يُنظر إليه بعين الإجلال والإكبار لصموده الأسطوري في مدة لا يستطيع أحدٌ أن يصمُدَ خلالها مع قلة الإمْـكَانيات وتكالب التحالفات واستجلاب الجيوش والمخرّبين والمنظّمات التخريبية التي يطول ذكرُ أسمائها من كُـلّ أنحاء العالم وشراء الضمائر في الداخل والخارج ولم يفلح هذا..

الزخمُ الكبيرُ في أن يطفئ النور الذي أضاء في النفوس والعقول، ومن هُنا سنحت الفرصةُ الأخيرةُ لامتصاص كُـلّ المقدرات للأمة العربية والإسْــلَامية من قِبَلِ الدول الاستعمارية؛ لأنَّها تعي تماماً أن لا بقاءَ لها على الخريطة التي كانت عليها من قبل وبعدِ سنة 1945م والتي زرعت لا تقولُ في الجزيرة العربية وحدها بل في كثير من دول العالم الثالث سلاطين وملوكاً على مستوى الخريطة في كثير من أنحاء العالم.

إنَّ ما زرعته من خرائط سواء في الشرق الأوسط أَوْ في أي مكان هو الآن في طريقه إلى الزوال.

إذا نظرنا إلى ذلك يعين الواقع نرى الآن أن التقنيةَ مهما كان نوعُها صغيراً أَوْ كبيراً أَوْ غير ذلك لم يعد حكراً على دول الاستعمار القديم ويمكن تفعيله وهذا سيكون. والحاصلُ الآن في قلع الأسباب والمصالح والعملاء لهذه الدول.

إنَّ الخريطة الجديدة للعالم ستتبدل خلال عقدين على الأَكْثَــر من هذا القرن.

* مفتى محافظة تعز

مقالات ذات صلة