تعز ومسلسل الإغتيالات: تصفية حسابات أم تمهيد لصراع مقبل؟

متابعات | 22 نوفمبر | مأرب برس :

في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن مشاورات سياسية لوقف الحرب في اليمن، عاود مسلسل الإغتيالات في تعز مجدداً، وسط حالة من الفوضى الأمنية، والصراع المحتدم بين التشكيلات العسكرية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي في تعز، والمتمثلة بـ«اللواء 35 مدرع» المدعوم إماراتياً من جهة، ومسلحي «محور تعز»، الموالي لـ«الإصلاح»، بشقيه المدعوم قطرياً وسعودياً من جهة أخرى.

موجة الاغتيالات، والتي تستهدف قيادات عسكرية رفيعة، وأخرى سياسية، بالإضافة إلى انتشار عصابات التقطع، أثارت مخاوف المواطنين، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة «الشرعية» من المدينة. وزادت وتيرة الاغتيالات في مدينة تعز، خلال الأيام الأخيرة بشكل ملفت.

منذ مطلع الأسبوع الجاري وقعت أربع محاولات اغتيال، آخرها تعرض أركان حرب قيادة المحور، وقائد اللواء 170 دفاع جوي، العميد الركن عبد العزيز المجيدي، بمحاولة اغتيال، عند نقطة مستحدثة، بمنطقة البيرين، جنوب تعز.

وأفاد مصدر عسكري في «اللواء 170 دفاع جوي»، لـ«العربي»، بأن «نقطة عسكرية مستحدثة، مكونة من أربعة أطقم ومدرعة، أطلقت النار على موكب قائد اللواء 170 دفاع جوي، العميد الركن عبد العزيز المجيدي، في منطقة البيرين، أثناء عودته من مدينة التربة»، مضيفاً أن «اشتباكات اندلعت بين مرافقي المجيدي والمسلحين، من دون أن تسفر عن أية إصابات».

وأكد المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «المدرعة العسكرية التي كانت مشاركة في النقطة المستحدثة تتبع جماعة كتائب أبو العباس».

وفي السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم قيادة محور تعز، العقيد عبد الباسط البحر، في منشور على صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، أن «أركان حرب المحور، العميد الركن عبد العزيز المجيدي، تعرض لكمين مسلح، في نقطة مستحدثة خارجة عن النظام والقانون بمنطقة البيرين، على خط تعز التربة»، مؤكداً أن «مرافقي اللواء اشتبكوا مع أفراد النقطة».

وأشار إلى أن «مدرعة عسكرية شاركت في الكمين وأطلقت النار على الموكب»، لافتاً إلى أن «الكمين لم يسفر عن أي خسائر في مادية أو بشرية».

محاولة اغتيال المجيدي أعادت إلى الواجهة الحديث عن الفوضى الأمنية التي تشهدها المحافظة، فقبل يوم من الحادثة تعرض رئيس جامعة تعز محمد الشعيبي لمحاولة اغتيال وسط المدينة، لكن العملية باءت بالفشل، حيث تسبب الرصاص الذي أطلقه مجهولون على سيارته بإصابته، فيما قتل مرافقه الشخصي على الفور.

وكان مندوب قائد «اللواء 35 مدرع»، عبدالرحمن النعمان، قد تعرض لكمين نصبه مسلحون منتصف ليل الخميس في منطقة الصميته التابعة لطور الباحة الرابطة بين محافظة تعز ولحج.

وبحسب المصادر، فإن «النعمان مع عدد من أفراد اللواء 35 مدرع كانوا على متن عدد من الأطقم، وخلال مرورهم من منطقة الصميته تعرضت الأطقم لوابل من الرصاص أثناء قدومهم من عدن». والسبت الماضي، نجا قائد «اللواء 35 مدرع» العميد الركن عدنان الحمادي من محاولة اغتيال في مدينة التربة جنوبي تعز.

وقال مصدر عسكري، لـ«العربي»، إن «مسلحين نصبوا كمينا لقائد اللواء 35 مدرع أثناء مروره في سوق الأحد، بمديرية المعافر، وأمطروا موكبه بوابل من النيران قبل أن ترد حراسته الشخصية على مصادر النيران وتلقي القبض على عدد من المهاجمين».

إغراق تعز بالفوضى

عودة الاغتيالات إلى الواجهة مجدداً، في مدينة تعز، تكشف وبحسب مراقبين، «عن حجم المؤامرة والمخطط الذي يراد إغراق تعز فيه»، مؤكدين أن «الاغتيالات ينفذها عناصر إجرامية يقودها مشبوهون وأبواق مأجورة مدعومة خارجياً، من أجل تعزيز قناعة مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية بأن تعز مضطربة أمنياً، ويتم تصنيف الفصائل المسلحة كجماعات إرهابية».

في حين يذهب آخرون للقول، إن «تزايد وتيرة الاغتيالات ليست سوى نتيجة طبيعية للصراع المحتدم بين الأطراف المدعومة من قبل الإمارات والسعودية من جهة، وقطر من جهة أخرى»، مشيرين إلى أن «الحلول السابقة من قبل الحكومة الشرعية والتحالف العربي، لحلحلة ملف الصراع، لم تكن سوى قرارات لتأجيل دوامة الصراع، والذي بدأ يطل برأسه في مدينة التربة».

مصدر عسكري في القوات الموالية للرئيس هادي بتعز، أكد في حديث لـ«العربي»، أن «أطراف محلية محسوبة على الجيش والأمن تنفذ أجندة خارجية الغرض منها الزج بتعز، في أتون اقتتال داخلي بين مكونات الجيش والمقاومة الشعبية»، مضيفاً أن «هناك قيادات عسكرية في الجيش تلقت خلال الايام الماضية أمولاً طائلة من الإمارات، لغرض السيطرة على المناطق الجنوبية من المدينة، وفرض حزام أمني يخنق تعز من الداخل». وكشف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «هذه الجهات العسكرية والقبلية تمهد لضم مناطق الحجرية، إلى المخا، ومن ثم إعلان المخا محافظة مستقلة عن مدينة تعز»، مشيراً إلى أن «عودة الاغتيالات، واحتقان الصراع في هذا التوقيت وبالتزامن مع مساعي المبعوث الأممي لعودة المفاوضات السياسية، هي من أجل تعزيز قناعة مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية في تصوير المناطق المحررة بأنها مضطربة أمنياً، ومن ثم تصنيف القوات والفصائل المسلحة المتواجدة فيها كجماعات إرهابية، إضافة إلى جرها لمربع الاحتراب الداخلي، بغرض تأخير التحرير».

تمهيد للصراع

من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، عبدالله فرحان، أن «ما يحدث في تعز حالياً ليس محاولات اغتيال كما يتم تسويقه إعلاميا للأسف، وإنما هو استفزاز متبادل ينجم عنه اشتباك من حين الى آخر كنتاج طبيعي للإحتقان السياسي والعسكري الموجود حالياً، وخصوصاً في مناطق تعز الجنوبية من الضباب حتى مدينة التربة».

وأكد في حديثه إلى «العربي»، أن «محاولات الإغتيال للقادة العسكرين والذي يتم تسويقه بأنه انتشار لعمليات الاغتيال، الهدف منها إضفاء الشرعية لعمليات عسكرية ضد اللواء 35 مدرع، في مناطق جنوب تعز على غرار عمليات سابقة ضد جماعة أبو العباس داخل مدينة تعز». ويعتقد فرحان أن «هذا الصراع العسكري الذي تشهده تعز ليس إلا انعكاساً لمشاريع الصراع الإقليمي القطري الإماراتي، والذي ينذر بحدوث صراعات عسكرية ستكون تعز ساحتها الوحيدة».

مقالات ذات صلة