دروس وعبر حرب التحرير ضد المستعمر في جنوب الوطن

مقالات | 2 ديسمبر | مأرب برس :

بقلم / الشيخ عبدالباسط سران :

احتفالاتُ الوطن بعيدِ يوم جلاء آخر جندي بريطاني في 67م الذي هو امتدادٌ لثورة كُلِّ أبناء اليمن ثورة الـ 14 من أكتوبر الخالدة التي جسّدت في دلالاتها ومضامينها وأبعادها الوفاءَ والعرفانَ لأولئك الثور الأماجد الذين شاركوا في قيادة الثورة ضد المستعمر البريطاني الغاصب، والإسهام الفاعل في النضال الوطني التحريري من الغزاة المحتلّين الذين جثموا على صدور أبناء الوطن في المحافظات الجنوبية والشرقية ردحاً من الزمن، ولتلك التضحيات الجِسَام التي قدّمها الثوارُ من أجل الحرية والاستقلال من براثين المستعمر وجبروته وطغيانه، وفي مقدمتهم الشهداء الأبطال: أحمد الكبسي، وعبدالفتاح إسماعيل، وسالم رُبَيِّع علي، وعلي عنتر، وصالح مصلح قاسم، وعلي شايع هادي، ومحمد صالح مطيع، ومدرم وعبود وعبدالعزيز عبدالولي وغيرهم الكثيرون ممن خاضوا نضالاً وكفاحاً مريراً ضد المستعمر البريطاني وركائزه، وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الحرية والاستقلال، وفي مقدمتهم الشهيد البطل غالب راجح لبوزة، وكذلك الجبهة القومية، وجبهه التحرير، وكذلك من المناضلين الأحياء الذين لا حصر لهم جميعهم كان لهم دورٌ بارزٌ في الكفاح المسلح والعمل الفدائي ضد الاستعمار البريطاني الغازي الذي احتل المحافظات الجنوبية والشرقية من الوطن على مدى 129عاماً عاث في الأرض فساداً، مُستهيناً بكرامة اليمنيين بجبروته ووحشيته ضد الثوار الأحرار الذين حملوا على عواتقهم مهمةَ تحرّر جنوب الوطن من هيمنة ونير الغازي.

وما أحوجَنا اليوم كيمنيين ونحن نحتفلُ بالذكرى الـ51 لعيد جلاء آخر مستعمر بريطاني من جنوب الوطن الحبيب أن نستوعبَ ما أشار إليه السيد القائد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي في سياق خطاباته وأن نعملَ بمضامين جميع هذه الخطابات على صعيد الواقع، حيث أكّد أن الثورات هي عبارة عن تحَــرّك شعبي تفرضه الضرورة الإنْسَانية في المقدمة، وبالنسبة للشعوب ذات القيم مثل شعبنا اليمني الذي هو شعبٌ مسلمٌ ينتمي للإسلام، فهو ينطلقُ أيضاً في ثوراته انطلاقاً من قيمه ومبادئه، وإضَافَةً إلى الظروف الموضوعية الضاغطة التي يعاني منها الشعب، فيضطر إلى أن يثور، وكانت ثورةُ 14 من أكتوبر ضد المحتلّ البريطاني الذي استعمر جزءاً كبيراً من بلدنا على مدى 129 عاماً تحَــرّكاً ضرورياً لا بد منهُ، وهذه المسألة من أهم المسائل التي يجب أن تستوعبَها شعوبنا، وفي المقدمة شعبنا اليمني المسلم العزيز.

إن حالةَ الاحتلال هي حالةٌ يضطر أيُّ شعب لموجهتها، ولا يمكن التعايش معها؛ لأَنَّها حالة يفقد معها أي شعب

محتلّ كرامته واستقلاله وحريته، مضيفاً أن البديل عن ذلك هو الامتهان والظلم والاضطهاد والقهر والإذلال والاستعباد، قد تتماهى بعض الفئات وبعض الشخصيات، وقد تساهم أدوار بعض الجهات لإخضاع الشعوب في مراحلَ معينةٍ لحالة الاحتلال، ولكن يصل الجميعُ في النهاية إلى قناعة راسخة بضرورة التحرّر، وضرورة الثورة للتحرّر الذي لا يأتي إلا من خلال ثورة، ولا يأتي بالمجان، ولا يأتي برغبة وموافقة من المحتلّ ما لم يكن مضطراً، فلأن من المهم في هذا التوقيت لشعبنا المسلم العزيز وشعوب المنطقة أن تعيَ بأن من الضرورة التحَــرّك الجاد منذ البداية لمواجهة المحتلّ بدلاً عن الانتظار حتى يتمكن، ثم تضطرُّ الشعوب إلى دفع ضريبة أكبر في سبيل سعيها للتحرّر، فالتحَــرّكُ الجادُّ منذ البداية، والثبات منذ البداية، والتحَــرّك بالقدر اللازم والكافي في مستوى التحدي، منذ البداية أمر مهم جداً، ومن المعروف في مسألة الاحتلال البريطاني في الجنوب بدأ بعدن أنه كان مرفوضاً منذ البداية لدى الأحرار والشرفاء هناك، وكان هناك تحَــرّك منذ البداية على فترة الاحتلال كاملة، ولكنه في مرحلة معينة كان محدوداً.

عواملُ متعددةٌ أضعفت هذا التحرّر في مراحلَ، وساعدت على تقويته في مراحل أُخْــرَى، وفي مقدمة هذه العوامل الدور السلبي جداً للخَوَنَة والعملاء الذين يلعبون دوراً كبيراً لصالح المحتلّ، ولصالح تمكينه من الاحتلال من خلال وقوفهم في صف هذا المحتلّ، وتعاونهم معه بكل أشكال التعاون سياسيّاً وإعلامياً وعسكرياً، وكذلك عملهم لتدجين المواطنين بكل الأساليب، فيسهمون إلى حَـدٍّ كبير في تمكين المحتلّ بأن ينجح في مد سيطرته، وتوسع سيطرته ليشملَ مناطقَ واسعة، ومن البقاء لفترات طويلة في نهاية الأمر، ومن هذا المنظور الوطني الاستراتيجي لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي علينا أن نستلهمَ الدروس والعبرَ من أولئك الثائرين المامين، وحياتهم الكفاحية، ونضالهم وثباتهم في سبيل التحرّر من طغيان وغطرسة الاستعمار البريطاني الغاصب، لا سيما ونحن نلمس ونشهد استعماراً جديداً، ومحتلّاً متعجرفاً، وغازياً متغطرساً في عدن وحضرموت ولحج والضالع وسقطرى وشبوة وأبين وغيرها من المناطق..

هؤلاء الغزاة المحتلّون أَكْثَــرُ قُبحاً وهمجية من ذلك المستعمر البريطاني المقيت..

إنهم اليوم يرتكبون أبشع الجرائم بحق شعبنا، وينشرون السجونَ السرية، ويرتكبون أقبحَ أنواع التعذيب النفسي والجسدي بحق أبناء الوطن بكل وحشية وإجرام، وينبهون ثروات البلاد براً وبحراً.

وعليه وبمناسبة عيد الجلاء يتوجب على كُـلّ الشرفاء في هذا الوطن بدء الكفاح المسلح المنظم والشامل ضد الغزاة والمحتلّين في كُـلّ المحافظات الجنوبية والشرقية، متخذين مما سطره أبطال ثورة 14 من أكتوبر بدمائهم وتضحياتهم الحقيقة الهامة التي تؤكّد قدرة الشعب على الانتصار مهما كان حجم قوى الغزاة وَإمكانياتهم، فالأرض لأهلها، ونؤكّد على أن كُـلّ شبر يقبع تحت الاحتلال الأجنبي لا تفريط فيه، ولا تنازل عنه، وأن التحريرَ من الاحتلال الجُدُدِ وطرده هو مسؤولية واقعة على عاتق كُـلّ اليمنيين.

الخلودُ لأروح شهداء ثورة 14 من أكتوبر المجيدة، ولأرواح كُـلّ الشهداء الأبطال الذين رووا الأرض اليمنية بدمائهم في مواجهه الغزو والاحتلال الجديد..

والشفاء للجرحى..

والنصر للمجاهدين في كُـلّ الجبهات وللشعب اليمني العظيم..

وعاشت الجمهورية اليمنية حرةً كريمةً مستقلّة..

مقالات ذات صلة