مقابر تعز السرية: الموت الصامت!

تقارير | 20 ديسمبر | مأرب برس :

يوماً بعد آخر تتكشف جرائم الجماعات المسلحة الموالية لـ«الشرعية» داخل مدينة تعز، بشكل مخيف وصادم. إغتيالات وإعدامات خارج القانون وأساليب بشعة للقتل والتصفية، بين رفاق السلاح و«المقاومة»، حولت المدينة إلى «مقبرة صامتة»، تمارس فيها أبشع أنواع الجرائم، والإنتهاكات الصارخة، والمخالفة لكل القواعد والمعايير الدولية. آخر هذه الجرائم الصارخة كان مقبرة جماعية لأفراد من القوات الموالية لـ«الشرعية» عثر عليها أمس الثلاثاء، في سوق الصميل، شرق تعز.

إدارة أمن تعز أكدت في بيان حصل «العربي» على نسخة منه، أن «الأجهزة الأمنية في المحافظة عثرت اليوم (أمس) على 3 جثث لجنود من الجيش الوطني في حوش أحد المنازل في منطقة العرضي شرق محافظة تعز». وأضافت أن «الأجهزة الأمنية تمكنت من الكشف عن جثث الجنود، بموجب معلومات توصلت إليها نتيجة التحقيقات التي تمت مع بعض الأفراد المطلوبين أمنياً ممن تم القبض عليهم خلال الفترة الماضية»، مشيرة إلى أن «المكان الذي تم العثور فيه على المقبرة كان ضمن نطاق سيطرة الجماعات الخارجة عن القانون»، في إشارة إلى كتائب «أبو العباس» السلفية والمدعومة من الإمارات.

مصدر أمني، فضل عدم ذكر اسمه، أفاد «العربي» بأن «مدينة تعز شهدت ومنذ اندلاع الحرب العام 2015، جرائم قتل شنيعة، وتصفية جسدية وإعدامات خارج إطار القانون»، موضحاً أن «هذه الجرائم لم تقتصر على الجماعات الإرهابية فقط، بل وشملت حتى الجماعات المسلحة الموالية للشرعية».

وأكد أن «كتائب أبو العباس، وكتائب حسم ولواء الصعاليك، ارتكبت خلال الفترة الماضية أكثر من جريمة قتل سرية وسط المدينة»، لافتاً إلى أن «تحرك الأجهزة الأمنية إلى مكان المقبرة التي تم العثور عليها، جاء بعد بلاغ تقدم به مالك المنزل للأجهزة الأمنية».


ما خفي أعظم!

هذه الجريمة المروعة والتي هزت مدينة تعز بأكملها، أحدثت ردود فعل غاضبة لدى الشارع التعزي، وهي ظهرت من خلال منشورات الناشطين الحقوقيين والسياسيين على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أجمعوا على أن هذه الجريمة «ليست الأولى ولن تكون الأخيرة»، مؤكدين أن «ما ظهر إلى السطح من جرائم الفصائل المسلحة ليست سوى الشيء القليل وما خفي أعظم».

الصحافي عبد الرحمن الشوافي، علق على الحادثة بمنشور عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي «فايسبوك»، قائلا: «كانت أجساد هؤلاء الجنود الثلاثة تتلقى الرصاص في المعركة من دون سقوط، وهم يحمون ثغور المدينة من العدو الخارجي، غير مدركين أن ظهورهم مكشوفة لعدو الداخل، وفي لحظة غدر طُعنوا من الظهر، ودُفنت جثثهم بصمت في قلب المدينة المُحرر». ويتساءل «كيف يمكن تخيل مشهد أم خَرَج ولدها ذات يوم للدفاع عن تعز، ثم اختفى ليظهر اليوم في صورة بقايا عِظام مهشمة، وخوذة عسكرية التصقت بجمجمته؟»

أما المحامي عمر الحميري، فقد استهجن من أداء مؤسستي الجيش والأمن في تعز، مشدداً في منشور أيضاً عبر صفحته على «فايسبوك» على «ضرورة تتبع الجناة، وكشف الحقائق، وإدانة المجرمين ومحاكمتهم ولو غيابياً، إنصافاً للضحايا وذويهم».

وأضاف متسائلاً: «هل تستوعب الدوائر القانونية لمؤسستي الجيش والأمن فداحة التقصير في هذه القضايا وأثرها في معنويات الجنود وثقة المجتمع الذي ينتظر العقاب الرادع عبر القضاء؟ أين وصلت تحقيقات المقبرة السرية السابقة؟»

الناشط الحقوقي ربيع المحمدي وفي حديث إلى «العربي»، اعتبر أن «هذه الجريمة واحدة من إفرازات الصراع المسلح بين رفاق السلاح والنضال في مدينة تعز»، مؤكداً أنه «تم رصد عشرات العمليات المتعلقة بالإعدامات الميدانية، خلال الفترة الماضية، من قبل فصائل مسلحة ووحدات عسكرية تتبع الشرعية وسط المدينة».

وأضاف «جرائم الاختطافات والسجن والاغتيالات والقتل والتصفية الجسدية تعتبر انتهاكاً لمواثيق الحرب وقوانين حقوق الإنسان»، مشيراً إلى أنه «سبق وأن تم الكشف عن مقبرة جماعية لـ7 جثث، في نفس المنطقة».

يذكر أن هذه الجريمة لم تكن الأولى من نوعها، حيث سبق وأن تم استخراج جثث 6 مسلحين تم إعدامهم ذبحاً ودفنهم بطريقة سرية منتصف العام الجاري 2018.

* العربي| مفيد الغيلاني

مقالات ذات صلة