الداخل السعودي.. إلى أين؟

محمد الوجيه

 

يقول الشاعر أمل دنقل «أترى حين أفقأ عينيك .. ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى..؟ هي أشياء لا تشترى.» بأي حالٍ من الأحوال لا يمكن لولي العهد السعودي أن يشتري حرية وكرامة وقوت المواطن في مملكة بني سعود، مقابل قليل من الخطابات الكاذبة، ووهم الرؤية 2030.

حين يُضرب العمق السعودي بصواريخ باليستية، وبأسرابٍ من الطائرات اليمنية المسيّرة، وتستهدف المنشآت الحيوية والاستراتيجية والاقتصادية كحقول ومصافي النفط «عصب الاقتصاد السعودي» والموانئ والمطارات والقواعد العسكرية الجوية وغيرها من الأهداف المشروعة للجيش اليمني واللجان الشعبية بضربها بعد خمس سنوات من العدوان والحصار على اليمن، فإن المواطن يفقد الثقة بمملكة لا تستطيع ان تحمي عمقها ومنشآتها، ولا تحتفظ بهيبتها ورمزيتها.

بعيداً عن العمق، والأهداف الحيوية، فإن النظام السعودي عاجز عن حماية مؤخرة المملكة، بينما رئيس ما كان يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقا ووزير الشؤون الإسلامية حاليا عبداللطيف آل الشيخ يهدد المواطنين في مملكة بني سعود، ويهاجم كل من ينتقد ولاة الأمر بألفاظ سوقية وخارجة، لا يمكن أن تخرج عن شخص كان يترأس هيئة مهمتها وفقا لما هو مقرر لها الحفاظ على الدين وعدم نشر الرذيلة في المجتمع.

لقد ظهر «آل الشيخ» وسط جمع من الشيوخ والدعاة متوجها لهم بالحديث قائلا: «لا يغركم ولا تسمعون للذين يريدون تضليل الرأي العام وإدارة الشبهة بين الناس وولاة أمرهم لإسقاط هذه الدولة المباركة» وأضاف قائلا مهاجما كل من ينتقد «ولاة الأمر» معتبرا نقدهم سيسقط الدولة: «لو سقطت هذه الدولة لن يستطيعوا أن يحموا مؤخراتهم وليس محارمهم».

كل هذا تهديد ووعيد من مشايخ البلاط الملكي السعودي كي يظل المواطن عبداً لهذه الأسرة المالكة السعودية التي نهبت خيرات وثروات نجد والحجاز، حتى تطعم الأمريكي وغيره من الدول الاستعمارية والرأسمالية المتوحشة.

في خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي بعد تنفيذ اكبر عملية للجيش واللجان الشعبية منذ بدء العدوان عندما تم الهجوم بعشر طائرات مسيّرة على حقل ومصفاة الشيبة السعودي، المخزون الاستراتيجي للنفط السعودي والذي يخزن أكثر من مليار برميل من النفط، تحدث قائد الثورة بأن الاستهداف اليوم سيركز على الضرع الحلوب أي «النفط» من مضخات وأنابيب وحقول ومصاف، وبالتالي سيكون لهذا الاستهداف انعكاس على الوضع الداخلي السعودي، ولأن المملكة السعودية اقتصادها ريعي، بالتالي هي تعتمد اعتماداً شبه كلي على النفط، وعندما يأمر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ملك السعودية سلمان بضخ مزيد من النفط وبسعر أقل، وتستجيب السعودية فوراً لهذه الأوامر، نجد أن السعودية تحارب نفسها بنفسها استرضاء للأمريكي، ثم ينعكس الوضع على الداخل السعودي، وهذا ما أشار إليه السيد الحوثي، إذ إن البطالة اليوم داخل السعودية تجاوزت الـ 34 % بحسب أحد أعضاء مجلس الشورى السعودي، وأكثر من 25 % يعيشون تحت خط الفقر، وأكثر من 80 % من المواطنين بلا سكن.

ورغم كل هذه المعاناة التي يعاني منها المواطن في مملكة بني سعود، نجد أن السلطات السعودية وبأوامر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تقوم بممارسة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السعودية، من اعتقالات طالت جميع شرائح المجتمع، بينهم نساء وأطفال، ويمارس بحقهم أبشع أنواع التعذيب، لمجرد انهم عبّروا عن رأيهم، نتيجة للوضع الاقتصادي الصعب، أو بسبب حروب بن سلمان العبثية وتدخلاته في شؤون الدول الأخرى، أو بسبب تكميم الأفواه ومصادرة حق المواطن في الرأي والتعبير.

كل هذا الاحتقان في الداخل السعودي يجعل بن سلمان يعيش في قلق دائم ورعب لم يتملكه من قبل، ولهذا يرجع سبب استقدام بن سلمان لعناصر من شركات حماية أجنبية لحمايته الشخصية ولحماية الديوان الملكي السعودي، حيث أصبح بن سلمان لا يثق بأحد، لأنه يعرف حجم الجرم الكبير الذي يمارسه بحق المواطن، بل وبحق الأسرة المالكة السعودية نفسها، كثير من أبناء عمومته تحت الإقامة الجبرية، بعد ان عذبهم وسلبهم أموالهم.

مقالات ذات صلة