وحدة المصير..للقاصة زينب عبدالوهاب الشهاري

وحدة المصير….قصة قصيرة

زينب عبدالوهاب الشهاري

“يقولون إنك لست مني و إني لست منك و إننا جد مختلفان… فلم تزهر أحلامي على أغصانك و لم تتلاشَ أحزانك على شطآني… يقولون إنك لست مني و إني لست منك و إننا جد مختلفان. .. فلم يمطر غيمك على ثراي و تملأ ثماري أرضك… يقولون إنك لست مني و إني لست منك و إننا جد مختلفان. … فلمَ دمعة طفلك تؤرقني و بسمة كهلي تبهجك…”

رن جرس المدرسة معلنا انتهاء اليوم الدراسي… طوى أحمد ورقته التي كتب عليها تلك العبارات و وضعها بعناية جوار قلمه المفضل فيم لم تفارق عيناه الكرسي الخالي المركون جواره ثم أخذ حقيبته و غادر. عند طريقه إلى البيت تأمل البحر أمامه، ما بال البحر ينظر إليه و يعاتبه و يسأله عن سبب اختفاء البهجة التي كانت تزين ثرى ضفته الذهبية…. ما بال موجه الهادر قد خبا في سكون خانق.

وحيدة على البحر تنظر إليه تشكو ألم النوى بعد أن ألفت تشاركهما أحاديثهما و أحلامهما تلك هي الصخرة التي اعتادا الجلوس عليها و من هناك من البعيد تطل قلعة صيرة التي لطالما كانت ملهمتهما في الصمود و الثبات و من هناك تزهو الصهاريج التي لطالما كانت عنوانا لهما في الابداع و الابتكار. هنا و من هذا المكان كم سرد عليه حكايات أحياء مدينته و أسواقها التراثية و جمال بيوتها العالية المزخرفة بالأحزمة، و كم حدثه عن هيبة الجامع الكبير و بهاء باب اليمن العريق فجذبه الشوق و تزايد في قلبه المنى لرؤيتها و أسر إلى صديقه عزمه أن يصبح يوما مدرسا في إحدى مدارسها فأهداه القلم كتذكار و الذي منذاك أصبح صديقا لا يفارق يده…. عاود السير نحو بيته ، لكن الطريق التي ألف أن يخطوها أصبحت مكفهرة موحشة و الهواء صار ملوثا حد الاختناق… و في المساء فتح حقيبته و تناول قلمه و فتح ورقته و أضاف:

“يقولون إنك لست مني و إني لست منك و إننا جد مختلفان فلم أظلمت دنياي حين أجبروك على الرحيل و لم سكبت الدمع حين غادرت…. يقولون بأنك لست مني و أني لست منك و أننا جد مختلفان فلم ملأ الرعب أرجاء مدينتي و اختفت السكينة حين أتوا بغيرك مكانك، و لمَ زاد بؤسي حين أخبروني بأن فرحي سيزيد بعد رحيلك… يقولون بأنك لست مني و أني لست منك و أننا جد مختلفان فلم يعتصر فؤادك على حالي المؤلم رغم بعدك عني….. أبدلوا غيرك مكانك من في كل لحظة يجهز قبري بيديه بينما حرصت أنت أن تهديني الحياة،،،، سنبقى روحين في جسد واحد نتقاسم وحدة المصير إلى الأبد…”

توقف عن الكتابة و وضع قلمه بجانب ورقته على الطاولة و سبحت الغرفة في السكون.

مقالات ذات صلة