الرئيسُ في جزيرة كمران.. دلالاتٌ وأبعادٌ

مقالات | 17 يوليو | مأرب برس :

الكاتب:محمد عبدالقدوس

هناك من الرجال الأشاوس من يُتقنون لُغة تعاطي المعركة في البحار، وآخرون يتقنونها في الجبال، وغيرهم يتقنون لُغة الصحاري والفيافي وهم يواجهون أعتى عدوان يصطفّ فيه طابور طويل من المتردية والنطيحة والأقزام والأزلام وما أكل البغي من ارتزاقٍ وبيعٍ للوطن.

لكنّ القليلَ من صقور المعركة الميدانية والسياسية مع العدوّ الغاشم يتقنون لغة المواجهة على كلّ الصُعد، ويوجّهون رسائلهم العظيمة لتبقى منهاجَ حياةٍ عمليّة تُتلى للأجيال القادمة.. إلى أبد النضال والحرية.. وذاك محط مقالي هذا.

في صباح يوم الجمعة 14/7/2017م فاجأ الرئيسُ صالح الصمّاد رئيسُ المجلس السياسي الأعلى القائدُ الأعلى للقوات المسلحة وبرفقته وزير الدفاع اللواء الركن محمد العاطفي ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد الغماري أبناء جزيرة كمران بمحافظة الحديدة بزيارته لهم وتفقُّد أحوالهم وملامسة معاناتهم التي تسبب بها العدوان السعودي الأمريكي الذي يستهدف الجزيرة بشكل دائم مدمراً بُنيتها التحتية ومرافقها الحيوية، الأمر الذي نتج عنه تضرّر الحالة المعيشية للسكان وتفاقم الأزمة الإنْسَانية هناك.

هذه الزيارة من وجهة نظري ليست عادية وإنما هي استثنائية لشخصية استثنائية وفي ظرف استثنائي..

ففي الوقت الذي لم يفق فيه بعدُ بنو سعود من صدمة زيارة الرئيس الصماد لجبهات الحدود وتوغله داخل الأراضي التابعة لمملكة بني سعود والتي أَصْبَــحت تحت سيطرة أبطال الجيش واللجان الشعبية صدم دولَ العدوان بزيارته لجزيرة كمران.

فزيارةُ لؤلؤة جزر البحر الأَحْمَــر “كمران” التي تبعد عن الساحل الغربي للصليف 6كم وتمثل الحزام الأمني لميناء الصليف تعتبر خطوة نوعية ولها دلالات ورسائل وأبعاد كبيرة وهامة.. فعندما يتم أخذ موقع جزيرة كمران بالحسبة المادية والعسكرية بل وبالمنطق فإنه من المفترض أن تكون تحت سيطرة دول العدوان، لكن المقاتل اليمني الذي أَصْبَــح يمثّل أسطورة المقاتلين في هذا العالم جعل من المستحيل ممكن، بل وتمكن من إلغاء المنطق العسكري واستطاع بفضل الله ثم بفضل استبساله وصموده وثباته أن يتجاوز الماديات بل واخترع نظريات لوجستية عسكرية جديدة سيتم دراستها في الكليات العسكرية مستقبلا..

كما أن زيارة الرئيس الصماد لجزيرة كمران الواقعة تحت الاستهداف المباشر من قوات العدوان وفي وضح النهار وبرفقة القيادات العسكرية العليا وتفقد أحوال المرابطين الأبطال هناك أتت لتكشف للعالم مدى ضعف دول العدوان رغم كُلّ ما يمتلكونه من عتاد وقوة ومدى قوة وشجاعة أبناء اليمن قيادة وشعباً رغم بساطة ما يمتلكه، إضَافَة إلى أن الزيارة حملت رسائل أهمها التحدي والاستعداد للمواجهة والثبات حتى النصر.

كذلك فإن الزيارة أتت كردٍّ عمليّ على إحاطة مبعوث بني سعود ولد الشيخ التي أدلى بها في 12/7/2017م والذي طالب فيها أمام مجلس الأمن بتسليم الحديدة، ومفاد الرد أن طلبكم يستحيل تنفيذه وسنحمي الحديدة وستتحول إلى ثقب أسود يلتهم كُلّ من يحاول الاقتراب منه.

ومن المعروف أن الأهميّة الاسترَاتيجية لسقطرى البحر الأَحْمَــر “كمران” تأتي في كونها تشرف على خطوط الملاحة الدولية المارة من جهتها الغربية، وكذلك تحكّمها في رأس عيسى والصليف.. الأمر الذي جعلها تمثل موقعا عسكريا استرَاتيجيا مهما للغاية ونتيجة لذلك حاولت وتحاول دول العدوان السيطرة عليها وبذلت المستحيل لقاء ذلك لكن اليمنيّ أسطورة المقاتلين أفشلها وحوّل محاولاتها إلى سراب، وسيستمرّ إلى أن يتحقق النصر العظيم.

يبقى لنا أن نقول، إن زيارات الرئيس الصماد بأشكالها المتعددة لجبهات الحدود والساحل الغربيّ هي باختصار رسالة قويّة يفقهها من وصلت إليهم محلياً وإقْليْمياً وعالمياً مفادها “نحن هنا في البر والبحر، فأين أنتم؟!”.

وموقفُكم هذا غريبٌ للغاية، فبدلاً عن الترويج للصرخة وترديدها والهتاف بها في هذه الظروف والسعي لانتشارها أَكْثَــرَ؛ لكي نوجدَ حالةً من السخط في قلوب الناس وننمّي حالة الوعي لديهم ونجعلهم يدركون مَن هو عدوهم الحقيقي تسعَون لإسكاتها بعناوينَ بايخة لا تستندُ إلى معطياتٍ ومبرراتٍ مقنعة لاشرعية ولا دينية ولا غير ذلك.

ولكن نقول لكم: أنتم واهمون وفاشلون، والصرخة باقية ما بقي القُـرْآنُ الكريم.

مقالات ذات صلة