نتنياهو يُعيد القاتِل إلى “بيته!

مقالات | 4 أغسطس | مأرب برس :

كاظم ناصر :

لقد قتلت إسرائيل مواطنيْن مُسالميْن ورجال فكر وأدب وسياسة في معظم الأقطار العربية، وكان ما حدث في عمّان يوم الأحد الموافق 23- 7- 2017 هو آخرعمل إجرامي قامت به على أرض عربية خارج فلسطين .لقد تمكّن مُجرموها دائماً من الهرب والعودة إلى قواعدهم سالمين، ولم تفعل دولنا شيئاً ضدّهم، أو ضدّ العُملاء العرب الذين تآمروا معهم وساعدوهم في تنفيذ جرائمهم!

 

استقبل نتنياهو القاتل واحتضنه أمام الكاميرات

قَتَلَ حارسٌ إسرائيلي يعمل في السفارة الصهيونية في عمّان أردنيين بدم بارد، وبعد ذلك خرج هو والسفيرة وطاقم السفارة الإسرائيلية من الأردن، وعادوا إلى تل أبيب سالمين وكأن شيئاً لم يكن بعد أقل من 48 ساعة من ارتكاب الجريمة. الدم العربي رخيص جدّاً، وبإمكان الصهاينة إسالته عندما وأينما يشاؤون غير آبهين بحكّام وشعوب الأمّتين العربية والإسلامية.

لقد قتلت إسرائيل مواطنيْن مُسالميْن ورجال فكر وأدب وسياسة في معظم الأقطار العربية، وكان ما حدث في عمّان يوم الأحد الموافق 23- 7- 2017 هو آخرعمل إجرامي قامت به على أرض عربية خارج فلسطين .لقد تمكّن مُجرموها دائماً من الهرب والعودة إلى قواعدهم سالمين، ولم تفعل دولنا شيئاً ضدّهم، أو ضدّ العُملاء العرب الذين  تآمروا معهم وساعدوهم في تنفيذ جرائمهم!

كالعادة لقد رفضت الحكومة الإسرائيلية تسليم المُجرم للسلطات الأردنية، وقامت سفيرتها في عمّان بمرافقته، وأدخلته معها ومع أعضاء السفارة إلى الأراضي المُحتلة لحمايته غير آبهة بردّ الفعل الرسمي الأردني على دورها هي وحكومتها في التستّر على الجريمة وتهريب القاتل.

لقد تناقضت روايات السلطات الأردنية عن حادث القتل العَمْد الذي وقع في مجمّع السفارة الإسرائيلية، وبدا واضحاً أنها كانت تكذب على الشعب بالادّعاء أن الجريمة الصهيونية دفاعاً عن النفس ليتمّ تبريرها ونسيانها كما برّرت الدول العربية ونسيت الأعمال الإجراميّة التي ارتكبتها إسرائيل على أراضيها ومرّت جميعها من دون عقاب.

بينما كانت السلطات الأردنية تتخبّط وتحاول تبرير موقفها بإطلاق القَتَلَة، كان نتنياهو يحتفل بانتصار جديد وإهانة جديدة وجّهها للأردن وشعبه، ولم يهتمّ بالعلاقات الطيّبة بين إسرائيل والدولة الأردنية. اتّصل نتنياهو بالسفيرة الإسرائيلية بعد دقيقتين من دخولها هي والقاتِل وأعضاء السفارة الحدود التي تربط الأردن مع فلسطين المحتلة، وبعد أن هنّأها كان سؤاله الأول إذا كان القاتِل قد عَبَرَ الحدود معهم ” هل زيف(إسم القاتل) معكم؟ ” وعندما أخبرته أنّه معهم، طلب نتنياهو من السفيرة أن تمرّر له الهاتف لأنه يريد التحدّث معه.

كان أوّل ما قاله نتنياهو للقاتل “زيف هل حدّدت موعداً مع صديقتك؟”،  فردّ عليه زيف “لا.. يوجد متّسع من الوقت”.

إن سؤال نتنياهو للمُجرم زيف يعني أن نتنياهو يقول له لا تهتم بما فعلت لأننا سنحميك وستمارس حياتك العادية في إسرائيل من دون مُساءلة، وإنه كان يستخفّ بنا كشعوب وحكّام عندما قال للقاتِل خلال المحادثة التلفونية “قلت لك أنني سأعيدك إلى بيتك وها أنت تعود إلى بيتك”، وردّ عليه القاتل “أنا بخير وأودّ أن أشكرك على الجهود التي بذلتها لإعادتي، وأنت وعدتني أمس بإعادتي وشعرت أن دولة بأكملها تقف خلفي ولك كل الشكر والتقدير من أحشاء قلبي”.  وإضافة إلى ذلك كلّه استقبل نتنياهو القاتل، واحتضنه أمام الكاميرات نكاية بالدولة الأردنية والأمّة العربية واعتبره بطلاً قومياً!.

قد يتفلسف البعض ويدّعي أن ما تمّ كان صفقة بين إسرائيل والأردن أدّت إلى تفكيك البوابات في القدس! إن الربط بين القضيتين كذبة كبرى. الذي ألزم إسرائيل على تفكيك البوابات هو رفض ومقاومة أبناء وبنات فلسطين الأبطال، ورغبة الدول العربية وأميركا في تهدئة الموقف خوفاً من تحرّك الشعوب العربية ضدّ حكّامها وضدّ إسرائيل.

إن ما حدث في الأردن هو جريمة قتل ارتكبها حارس إسرائيلي ضدّ مواطنين أردنيين على الأرض الأردنية، وإن من حقّ وواجب الدولة الأردنية أن تُلقي القبض عليه، وتحقّق معه، وتُحاكمه وفقاً لقوانينها. إن سماح السلطات الأردنية للمجرم وأعضاء السفارة بالمغادرة كان رضوخاً لإرادة إسرائيل وضغط ترامب، وتنازلاً عن حق المغدورين، وإهانة للدولة الأردنية وللشعب الأردني الأبيّ الذي وقف إلى جانب إخوانه الفلسطينيين، ودافع عن حقوقهم، وشارك في حروب الأمّة، وقدّم قوافل من الشهداء دفاعاً عن فلسطين وأهلها.

هذا هو الواقع العربي التعيس: انهيارات وقتل وإذلال وضياع أوطان! إسرائيل تسلّح شعبها، وتحمي مواطنيها الذين يهينوننا ويقتلوننا وينهبون أرضنا ويدنّسون مُقدّساتنا، وحكّامنا العرب يُحاصروننا ويمنعوننا من مواجهتها هي وغيرها من أعداء الأمّة، ويعتبرون المواطن الذييقتني مسدّساً من بقايا الحرب العالمية الثانية مجرماً فيسجنونه ويصادرون سلاحه، ويدّعون بأنهم قادرون على حماية دولهم الكرتونية، وإنّهم يخطّطون لتحرير فلسطين! فمن يصدّقهم؟.

مقالات ذات صلة