خريطة الفقر في السعودية تتّسع.. وثروات النفط للأغنياء

متابعات | 22 اغسطس | مأرب برس :

اعترف النظام السعودي وهو أكبر منتج للنفط في العالم، في أكثر من تقرير رسمي، بمعاناته من ظاهرة الفقر، إلا أنه لم يفصح عن أعداد الفقراء أو نسبتهم إذ تعمّد إخفاء أي إحصائيات حول هذا الموضوع.

وفي المقابل كشفت تقارير غير رسمية أن نسبة الفقر تفاقمت لتتراوح ما بين 15 و25% من إجمالي عدد السعوديين البالغ 20,4 مليون نسمة.

وحسب محللين اقتصاديين، فإن البرامج التي أطلقها نظام بني سعود لم تنجح في الحد من الفقر رغم امتلاكه مقدرات وثروات هائلة، إذ يبلغ حجم الاحتياطي النقدي في السعودية نحو نصف تريليون دولار، كما أنها أكبر مصدّر للنفط في العالم ما يوفّر موارد مالية ضخمة متجدّدة.
ويتوزع ملايين الفقراء السعوديين في العديد من المناطق، ولاسيما التي تقع في الأطراف وتعاني إهمالاً شديد الوطأة.

وحسب المحللين فإن الأطراف المهملة والتي تعاني أزمات معيشية متفاقمة هي أكثر المناطق التي شهدت تظاهرات واضطرابات، وأبرزها الطائف والعوامية، التي شهدت مواجهات مسلحة بين قوات الأمن والأهالي ما أسفر عن قتلى وجرحى وتدمير عدد من المنازل والمنشآت.
وحول معدلات الدخل التي تدخل صاحبها في دائرة الفقر بالسعودية، حدّد تقرير اقتصادي لإحدى الجمعيات خط الكفاية في السعودية للأسرة المكونة من سبعة أفراد بنحو 12486 ريالاً «نحو 3323 دولاراً أميركياً» في الشهر، معتبراً أن ما دون ذلك يدخل تحت خط الفقر.

وفي الوقت الذي قدّرت فيه تقارير غير رسمية نسبة الفقر في السعودية ما بين 15 و25%، أكدت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في تقرير سابق تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون تحت خط الفقر.

ومن المتناقضات أن السعودية تضم أكبر عدد من المليارديرات على مستوى الوطن العربي، إذ رصد تقرير صدر عن مؤشر «ويلث إكس» لتعداد المليارديرات في العالم، بالاشتراك مع بنك «يو.بي.إس» السويسري، أن السعودية فيها 64 مليارديراً وحلت الثامنة في قائمة الدول الـ10 الأكثر وجوداً للمليارديرات، حسب مجلة «فوربس» العالمية، ما يثير تساؤلات حول تركز ثروات النفط في أيدي عدد محدود من الأفراد.

وبلغت نسبة العاطلين عن العمل في السعودية 12,7% خلال الربع الأول من العام الجاري، حسب هيئة الإحصاء الحكومي. وكانت أكبر نسبة للبطالة في المنطقة الشرقية والحدود الشمالية ومدن أخرى بنسب متفاوتة، وفقاً لتقرير هيئة الإحصاء الحكومية، إذ بلغت نسبة البطالة في الجوف 22,6% وفي المدينة 21,2%، وفي جازان 17,5% وفي الحائل 16,8% وفي الرياض 11,6%.

ومن مظاهر مؤشرات الفقر أيضاً عدم امتلاك نسبة كبيرة من السعوديين مسكناً خاصاً.

وفي الإطار ذاته تشير الكثير من التقارير الدولية إلى أن النظام السعودي يعاني أزمة مركّبة على أكثر من صعيد، ووفقاً لهذه التقارير يبدو واضحاً أن الأزمة الاقتصادية هي أبرز وأخطر أزماته الحالية، إذ إن استمرار العدوان على اليمن وزيادة نفقات التسلح وبقاء أسعار النفط منتخفيفة تزيد التأثيرات السلبية على الاقتصاد السعودي المنهك بعجز يفوق 53 مليار دولار هذا العام فقط.

ويرى المراقبون أن تكلفة الحرب على اليمن تستنزف الاقتصاد السعودي، وأن السعودية وحلفاءها وعلى رأسهم الإمارات التي لها أطماع كثيرة في اليمن، انزلقوا إلى مأزق كبير وتورطوا في حرب استنزاف من العيار الثقيل تكاد تشبه الاستنزاف الذي تعرّضت له أمريكا في حروبها في فيتنام وأفغانستان والعراق، وقد ظهر هذا الاستنزاف بوضوح في الإنفاق الهائل على العدوان الذي لم يتوقف منذ أكثر من عامين، حيث يضطر نظام بني سعود لشراء المزيد من السلاح وتوظيف المزيد من أموال الشعب السعودي ومدخراته في هذا العدوان.

ووفقاً لدراسات أعدّها صندوق النقد الدولي، فإن عدوان بني سعود على اليمن كلفه ثمناً باهظاً، ليس فقط في تشويه سمعة السعودية المشوهة أصلاً ودعمها للتنظيمات الإرهابية حول العالم، وإنما أيضاً لجهة أن هذه الحرب كلّفت أكثر من 200 مليون دولار في كل يوم على الأنظمة المنخرطة فعلياً بالعدوان ولاسيما السعودية والإمارات والبحرين، وتقدّر تكلفة فاتورة هذه الحرب بـ700 مليار دولار حتى نهاية 25 آذار 2017م.

وبحسب التقارير فقد اقترضت السعودية لأول مرة من الخارج ليرتفع الدين العام إلى أكثر من 84,4 مليار دولار لعام 2016، مقارنة بـ38 مليار دولار في العام الذي سبقه.

وتشهد الطروحات الأولية في سوق الأسهم السعودية حالة من الركود في ظل تراجع الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها المملكة بسبب هبوط أسعار النفط، إذ لم تشهد السوق السعودية طروحات أولية منذ حزيران 2016.

وفي محاولة لسد العجز المالي لجأ النظام السعودي لسحب أكثر من 80 مليار دولار من الاحتياطيات الخارجية منذ بداية شهر آب، وفي خطوة لاحقة خاطبت المملكة بنوكاً محلية لإصدار سندات بقيمة 20 مليار ريـال سعودي «5,33 مليارات دولار» لتمويل عجز الموازنة.

كذلك تعتزم السعودية طرح 5 بالمئة من أسهم شركة «آرامكو» للاكتتاب العام خلال 2018، بهدف استخدام الأموال المتحصلة من الطرح لتخفيف العجز، إلا أن خبراء اقتصاد أرجعوا غياب الاكتتابات عن السوق السعودية إلى عدة أسباب رئيسية، أهمها ضعف السيولة، والأوضاع الاقتصادية الناجمة عن هبوط النفط، الذي يعد مصدر الدخل الرئيس في المملكة، فضلاً عن تراجع تقييم الأصول.

وفي ظل الدورة الاقتصادية الحالية، فإن تقييم الأصول أقل كثيراً من السابق، ومن ثم فالشركات التي تنوي طرح جزء من أسهمها ستتعرض لانخفاض في تقييم أصولها، مقارنة بحال كونها في دورة اقتصادية أكثر انتعاشاً أو نمواً، وهو ما يدفع الشركات إلى تأجيل الطرح إلى حين تحسن الأوضاع.

مقالات ذات صلة