القرآن الكريم من أكثر ما فيه، ومايدور حوله هو أن يشدك نحو الله

من هدي القرآن |9 اكتوبر | مأرب برس :

لكن القرآن الكريم هو كل ما فيه يشدك نحو الله، فتعيش حالة العلاقة القوية بالله، الشعور بالحب لله، بالتقديس لله، بالتعظيم لله، بالالتجاء إليه في كل أمورك، في مقام الهداية تحتاج إليه هو، حتى في مجال أن تعرف كتابه

{إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} (الأنفال: من الآية29) ألم يتحدث القرآن عن التنوير، والنور، والفرقان، التي يجعلها تأتي منه؟ ليس هناك شيء بديلاً عن الله إطلاقاً. فأن تأتي للقرآن الكريم هو هو وليس في ذهنك الله سبحانه وتعالى، العلاقة القوية بالله، الثقة القوية بالله؛ فإن القرآن في الأخير لا تستفيد منه.
ما أكثر ما يُقرأ القرآن في أوساطنا! ما أكثر ما يسجل القرآن! ما أكثر الدارسين للقرآن خاصة في أوساط السنية! أليسوا أكثر منا تلاوة للقرآن؟ أشرطتنا تأتي من عندهم، ومصاحف من عندهم، وكل شيء من عندهم من الطبعات للقرآن الكريم أليس معظمها من هناك؟ إلا من بعد ما قامت الجمهورية الإسلامية في إيران وطبع القرآن طبعات أخرى في إيران وإلا كلها جاءت من عندهم، لكن هذه النظرة القاصرة التي تفصل القرآن عن الله جعلت المسلمين يفصلون أنفسهم عن الله، وعن كتابه فعلا.
الذين يقولون: “قد معنا كتاب الله وسنة رسوله” الشيء نفسه بالنسبة لرسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) هو هادِ إلى الله، أليس كذلك؟ هاديا إلى الله، فُصل الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) في ذهنية الأمة عن القرآن، وهو رجل قرآني بكل ما تعنيه الكلمة، فُصل عن القرآن، ثم قسموه هو فأخذوا جانباً من حياته، جانباً مما صدر عنه وسموه سنة، فأصبحت المسألة في الأخير: الله هناك، رسوله هناك، هناك بدائل نزلت: قرآن، وكتب حديث.
ولاحظنا كيف أصبح الخطأ رهيباً جداً جداً في أوساطنا؛ لأننا فصلنا كتاب الله عن الله، وفصلنا رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) جعلنا شيئاً سميناه سنته، ثم سنته جعلناها بديلاً عنه، لاحظوا في القرآن الكريم كم يتكرر [الله ورسوله، في طاعة الله ورسوله، إتباع الله ورسوله، استجابة لله ورسوله] ألم يتكرر كثيراً في القرآن بهذه العبارة: [الله ورسوله] أكثر من كلمة: [كتاب الله، أو كلمة سنة رسوله] هل ورد شيء عن سنة رسول الله في القرآن الكريم؟ لا.
المسألة من أساسها يجب أن تترسخ في ذهنك العلاقة بالله، العلاقة برسوله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) الثقة بالله، الثقة برسوله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) رسوله نفسه يكون له مقام عظيم عندك، تعرفه هو، تعرف حياته، وتعرف مواقفه، وتنظر إليه كرجل قرآني، تنظر إليه كرجل يدور مع القرآن {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (الأنعام: من الآية50) ألم يقل الله عنه هكذا؟{اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ من ربك} (الأنعام: من الآية106) {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ}(الزخرف: من الآية43) أليست هذه آيات صريحة؟
فُصِل رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) قسَموه، وتصبح المسألة في الأخير مجموعة كتب حديث، تطْلع في الأخير أصحابها هم الحاكمون عليها، هم المقدَسون لدى الأمة، تصبح هي البديل عن النبي (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) ألم يحصل في هذه الكتب أحاديث نحن نقول وعلماؤنا يقولون: بأنه لا يمكن أن تصدر من رسول الله؟
ما الذي حصل؟ أنها جُعلت بديلاً عنه، ولم يُلحظ جانبه، لم يُلحظ مسألة العلاقة به، ولم يُلحظ جانب التعرف عليه هو (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) لم يُلحظ جانب أن تترسخ له عظمة في نفوسنا، وإجلال، واحترام، وتقدير في نفوسنا، الأمر الذي سيصل بنا إلى أن نن‍زهه من مثل هذا الحديث، أو هذه العقيدة، أو أن يكون هذا صدر منه.
لكن إذا لم تكن لك علاقة قوية برسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) وقالوا: هذا الحديث هو منه، وهذا الرجل الذي دوّن هذه الأحاديث هو فلان، وهو كذا، وهو، وهو… إلى آخره. أئمة السنة، إمام في السنة، أعلم الأمة بالسنة، أنت تعمل بالحديث وإن كان فيما يترك في نفسك من اعتقاد، أو نظرة مما لا يمكن إطلاقاً أن ينسب إلى رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) لأنك فُصِلت عن النبي، فُصِلت عنه فقدم لك بديلاً عنه، هذا البديل صنعه الآخرون، أمكن أن تنطلي عليك الخدعة، وتقول: خلاص: نحن متمسكون برسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أي متمسكون بكتب حديث معينة، أو بأشخاص معينين جعلناهم هم أعلاماً للسنة، فأصبحوا هم بدائل عن النبي (صلي الله عليه وعلى آله وسلم).
هنا {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ} يشعر بأنه لاشيء ينقذه من هذا الوضع السيئ إلا الله فيلتجئ إليه، وعندما تلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى ليس على أساس أن يقوم هو بالقضية بديلاً عنك، عندما تلتجئ الأمة إلى الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يكون على أساس أن يقوم هو بدلاً عنها، الحالة التي نحن نعبر عنها بالدعاء، ألسنا نستخدم الدعاء؟ (اللهم أهلكهم، اللهم دمرهم، اللهم عليك بهم) واتركنا مكاننا، أليست هكذا؟ هكذا واقع صريحاً، ويهتمون بالقضية فيقنتون في ظهر، وعصر، ومغرب، وعشاء، وفجر: [اللهم دمرهم، اللهم رد كيدهم في نحورهم، اللهم.. اللهم..]
هذا لا يمثل حالة الالتجاء الصحيح إلى الله، أنت إذا انطلقت هذا المنطلق فأنت في الوقت نفسه تفترض لنفسك حالة هي لم تحصل لسيد المرسلين (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) لم تحصل لسيد المرسلين، هذه نقطة ثانية.
نحن تحدثنا سابقاً وقلنا: إن الإنسان يرسم لنفسه طريقة هي لم تتهيأ للنبي نفسه! فنقرأ عن حياته، وما واجه من مصاعب، ومشاكل، وكأنه فقط يكن ماهرا مثلنا! لم يكن ذكياً مثلنا يعرف كيف يرسم لنفسه طريقاً سهلة إلى الجنة [مقرَبَة] توصلك بسرعة إلى الجنة، أما الرسول (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) فجاء من الطريق البعيدة إلى الجنة، جاء من الطريق التي يراه الكفار، التي عبر منها فاحتاج إلى جهاد وحركة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
الدرس الثاني-من دروس آل عمران-(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ)
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي/ رضوان الله عليه.
بتاريخ:25شوال 1422هـ
الموافق:9/1/2002م
اليمن – صعدة.

مقالات ذات صلة