بين نطام القوة وقوة النظام!

مقالات | 28 يناير | مأرب برس :

بقلم / عبدالله علي صبري :

الشدة والحزم وفرض النظام بالقوة، مسألة بديهية وتقليدية، ولا يمكن لأي دولة أن تستقر، وتبسط نفوذها، إذا لم يكن الأمن على رأس سلم الأولويات..

وما الحالة الأمنية المستقرة للعاصمة صنعاء إلا نتاج عمل دؤوب للأجهزة الأمنية واللجان الشعبية، التي لا تدخر جهداً إلا وتبذل أضعافه، حتى يطمئن الناس كل الناس في بيوتهم ومقار اعمالهم، وفي تنقلاتهم وتحركاتهم اليومية.

وإذا كانت ثمة أخطاء ترتكب هنا وهناك، ويشتكي منها البعض، فإنها لا تقلل من الدور الكبير الذي يضطلع به رجال الأمن، والذي لولاه لأمكن للتنظيمات الإرهابية والخلايا النائمة أن تعبث بالأمن والحياة، وعلى النحو الذي تشهده دول ومدن عربية تعيش ظروفاً مشابهة لما تشهده اليمن في ظل الحرب والعدوان والحصار!

على أن هذا القول لا يعني السكوت عن الأخطاء التي ترتكب باسم الأمن، خاصة إذا كانت مقصودة, أو حتى لو كانت عن جهل بالقوانين التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكومين.

وما يثلج الصدر أن ثمة توجهاً لدى القيادة السياسية ومؤسسات الدولة لإعمال النظام والقانون في تسيير شؤون الدولة، بحيث يطمئن المواطن، بأننا في الطريق إلى إحلال قوة النظام ، الذي ترتاح له النفوس والعقول، وبه تقوم دولة الحق والعدالة واحترام كرامة وحقوق الإنسان.

وكما أسلفنا ، فإن ضبط الأمن من خلال الحزم والقوة قد يكون متاحاً لأي جماعة في أي زمان ومكان، بيد أن الفارق الحضاري بين الأمم يكمن في بسط النظام والقانون وبدرجة عالية من المساواة بين المواطنين، فالعدل لا يمكن أن يتحقق في ظل التمييز بين الناس وفئات المجتمع ، فالله سبحانه وتعالى يقول على نحو صريح ” يا أيها الذين آمنوا لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدولوا.. اعدلوا هو أقرب للتقوى “، واتصالاً بالتوجيهات القرآنية يروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها !!

وعليه فإن الشدة في ضبط الأمن، يجب أن يلازمها صرامة في إقامة العدل واحترام القانون والإعلاء من شأنه، وبحيث تنتصف دولة النظام للضعيف من القوي، وتتعامل مع رعاياها على أساس من المساواة وتكافؤ الفرص، بما يساعد على الاستفادة من مختلف الطاقات والكفاءات، في خدمة المجتمع، وبناء دولة حقيقية لا تزول بانهيار “العصبية” التي قامت عليها!

ولنا في تجارب الدول والمجتمعات المعاصرة عبرة، لمن أراد أن يعتبر ويستفيد من دروس النهضة التي قامت في الشرق والغرب، فيما لا يزال العالم العربي والإسلامي يغط في تخلف عميق !

مقالات ذات صلة