مركز “مجموعة الأزمات الدولية”: الخسارة ستكون من نصيب تركيا وحلفاؤها + صور

متابعات | 6 فبراير | مأرب برس :

شنت القوات التركية وحليفها المسمى بـ”الجيش الحر التركي” يوم السبت الموافق 20 يناير الماضي، هجوماً عسكرياً ضد الأكراد السوريين الساكنين في منطقة “عفرين” الواقعة شمال سوريا وهنا لم تلبث العديد من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم كثيراً وإنما قامت بعرض تحليلات مختلفة لهذه الحادثة وفي تقريرنا سوف نركز على أبرز التعليقات والتحليلات السياسية التي عرضها مركز أبحاث “مجموعة الأزمات الدولية”.

في هذا السياق كتب المحلل السياسي في مركز مجموعة الأزمات الدولية “نوح بانيسي”، في أحدث تحليل سياسي قام به هذا المركز فيما يتعلق بالاشتباكات المسلحة التي وقعت في منطقة “عفرين” بين الأكراد السوريين والقوات التركية، حيث قال:” إن الهجوم الذي شنته القوات التركية على وحدات الدفاع الشعبي “YPG” المتمركزة في منطقة “عفرين” السورية والذي كان متوقعاً منذ وقت طويل وكان العديد من المراقبين السياسيين متأكدين من حدوثه.

وهنا لم يلبث البيت الأبيض كثيراً وإنما قام باستغلال هذا الموقف كعادته وأعلن بياناً أعرب فيه عن دعمه للأكراد السوريين وتنديده بالهجوم الذي شنته القوات التركية على معسكرات “YPG” في منطقة “عفرين” وذلك لأنها تعلم جيدا بأنها ستواجه الكثير من المتاعب إذا ما سقط حليفها الكردي جراء هذه الأحداث التي تشهدها المناطق الكردية في سوريا.

ارتفاع حدة التوترات بين تركيا والولايات المتحدة

تعود الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة إلى عام 2015، عندما قام الأمريكيين باستخدام قوات الدفاع الشعبي “YPG” كقوة دعم للجيش الحر الذي كان يقوم بمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، وكانت تركيا في ذلك الوقت تأمل في أن الولايات المتحدة ستخفض من دعمها لتلك القوات عقب القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وكانت تأمل أيضا بأن تقوم الولايات المتحدة ببعض الأعمال العسكرية لإسقاط الرئيس السوري “بشار الأسد” والحد من نفوذ إيران في المنطقة ولكن واشنطن فعلت العكس وقامت بزيادة دعمها لتلك القوات الكردية واعتبرتها احد اهم حلفاءها في المنطقة ولقد أعلنت الولايات المتحدة رسميا عن مواقفها هذه في 11 كانون الثاني / يناير عن طريق نائب وزير خارجيتها “ديفيد تيروفيلد” ونتيجة لتلك التصريحات زادت حدة التوترات بين تركيا والولايات المتحدة وذلك لان تركيا أيقنت بأن هذا الدعم الأمريكي لوحدات الدفاع الشعبي “YPG“يمكن أن يستفز حزب العمال الكردستاني وهذا الأمر قد يخلق تحديات جديدة لحكومة “أردوغان”.

إيقاظ التوترات السابقة

لقد لجأت القوات التركية في أول تحرك لها إلى الخيار العسكري وقامت بشن هجوم عسكري ضد وحدات الدفاع الشعبي “YPG” المتمركزة في منطقة “عفرين” السورية الموالية للولايات المتحدة التي لا تمتلك أي وجود مادي فيها ولكن بطرق أخرى يتمتع سكانها بالدعم السياسي والعسكري الأمريكي وتجدر الإشارة هنا أن القوات التركية استهدفت منطقة “عفرين” الواقعة في شمال سوريا، نظراً لأنها لا تقبع تحت مظلة الولايات المتحدة كالمناطق الشرقية من سوريا.

يذكر أن القوات الروسية كان لها وجود عسكري طفيف في منطقة “عفرين” السورية وذلك قبل غزو الجيش التركي لها وكان هدف هذا التواجد هو التصدي لأي هجمات عسكرية محتملة على تلك المنطقة ولكن قبل بضعة أيام من هجوم القوات التركية على تلك المنطقة، قامت السلطات الروسية بسحب جميع قواتها من تلك المنطقة احتجاجاً على أعمال التمييز العنصري الاستفزازية التي كانت تمارسها السلطات الأمريكية هناك وهذا الأمر هو ما ساعد القوات التركية على شن هجماتها العسكرية على تلك المنطقة وهنا يمكن القول بأن هذه الخطوة الاستراتيجية التي قامت بها روسيا قد تتسبب في تدهور علاقاتها مع وحدات الدفاع الشعبي “YPG” ولكن الروس يرون بأن هذا الأمر كان يستحق ذلك لأنه أعطاهم القدرة على زيادة سيطرتهم على بعض الأحداث الميدانية في سوريا بالتعاون مع القوات التركية.

الجدير بالذكر هنا أن وحدات الدفاع الشعبي “YPG” في عام 2016، استطاعت استرجاع منطقة “عفرين” من ايدي تنظيم داعش الإرهابي بمساعدة الولايات المتحدة وفي ذلك الوقت أكد الأمريكيين لـ”أردوغان” أنه بعد السيطرة على تلك المنطقة، فإنهم سينسحبون من المناطق المحاذية للضفة الغربية من نهر الفرات ولكنهم بعد ذلك رفضوا الانسحاب وهنا نرى بأن تركيا قامت بالتحرك نحو مدينة “منبج” لتكون على خط المواجهة المباشرة مع شريكها القديم وهذا الأمر قد زاد كثيراً من حدة التوترات بين تركيا والولايات المتحدة.

الخيار الأفضل هو التقدم إلى الأمام

يمكن لـ”أردوغان” أن يجني الكثير من المكاسب السياسية على الصعيد الداخلي من هجوم قواته على منطقة “عفرين” ولكن لا ينبغي أن ننسى أن لهذا الهجوم مخاطر كبيرة قد تتحملها السلطات التركية ومن غير المرجح أن تتمكن القوات التركية من إضعاف والقضاء على وحدات الدفاع الشعبي “YPG” وإنما على العكس من ذلك فقد تؤدي هذه الأزمة إلى تقوية البنية العسكرية لوحدات الدفاع الشعبي والتي قد يساعدها على قصف بعض مدن تركيا وهنا يمكننا القول بأن هذه الحرب لن تصب في مصلحة كلا الطرفين وإنما ستزيد من حدة التوترات بين تركيا وتلك المجموعات الكردية ويذكر أن القوات التركية بعد ثلاث سنوات من الاشتباكات العنيفة مع قوات حزب العمال الكردستاني على حدودها الجنوبية الشرقية، توصلت  في عام 2015 إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار مع ذلك الحزب.

اليوم فقدت وحدات الدفاع الشعبي “YPG” العديد من قواتها السابقة

ينبغي على تركيا والمجموعتين الكرديتين أن يذهبوا إلى عقد صفقة سياسية لتعزيز الأمن والأمان في المنطقة بدلاً من محاولة تحقيق أهداف استراتيجية فردية وينبغي على وحدات الدفاع الشعبي “YPG” أن توقف أعمالها العسكرية التي تقوم بها في الأراضي التركية وفي المقابل ينبغي على أنقرة أن تتحرك نحو المفاوضات مع تلك الوحدات وإعادة السلام لتلك المناطق وان تعمل على التقليل من حدة توتراتها مع حزب العمال الكردستاني.

صحيحاً أن هناك عقبات كبيرة تعيق المضي قدماً في هذا الطريق ولكنه أيضا من غير الممكن أن يستطيع أولئك المتناحرون أن يخلقوا حالة من الهدوء في تلك المناطق وهنا يمكن القول انه من الأفضل أن تمتنع الحكومة الأمريكية عن دعم وتعزيز تلك القوات الكردية وان تعمل على تسهيل الظروف لإقامة مفاوضات سلام بين الجانبين وان لم تمتنع الولايات المتحدة عن المضي قدما في نهجها هذا، فإن الظروف ستصبح أسوأ بالنسبة للجانبين وسوف تزاد حدة التوترات بينهما.

المصدر : موقع الوقت .

مقالات ذات صلة