المؤمن يهمه قضية الآخرين الى درجة ان يقاتل في سبيلهم

من هدي القرآن | 12 فبراير | مأرب برس :

 

لماذا لا يربون الأمة تربية جهادية في مواجهة إسرائيل وأمريكا؟ لا يمكن لهم هذا.

 

بل لم يسكتوا، ألم ينطلقوا ليسكتوا الناس عن الحديث ضد أمريكا وإسرائيل، وطلبوا من الناس أن اسكتوا؟! هل هذا منطق إيماني أو منطق ماذا؟ منطق من في قلوبهم مرض، أن يصل الحال بهم إلى هذه الدرجة: أن يقولوا للمسلمين اسكتوا، ونحن نرى أولئك، نحن نرى تلك الدول، دول الكفر، دول اليهود والنصارى هم من يربون شعوبهم تربية عدائية للعرب، تربية عدائية ضد الإسلام والمسلمين، تعبئة ثقافية ضد الإسلام والمسلمين، وفي المقابل يقال للناس اسكتوا.

 

إذاً بأي شيء يمكن أن نواجه أولئك؟ ما هو البديل للإيمان؟ ما هو البديل للجهاد بكل مجالاته في مواجهة أعداء الأمة؟ هل هناك بديل؟ هل عند ما يقولون لنا اسكتوا هل سيقومون بالمهمة؟ لا. هل عندما يقولون لنا: اسكتوا هل ينطلقون لوضع حلول أخرى؟ هل انطلقوا لتصحيح الوضع الاقتصادي للأمة حتى تحصل الأمة على اكتفاء ذاتي؟ هل انطلقوا إلى تربية الأمة في مجالات متعددة أو بطريقة سرية لتكون قادرة على أن تقف على قدميها في مواجهة اليهود والنصارى؟

 

أليسوا لو فعلوا ذلك لكان عزاً لهم؟ إذا كنت زعيم شعب وأنت تعرف أن شعبك وضعيته هي بالشكل الذي يمكن أن يتبنى مواقف، وأن يقف على قدميه في مواجهة أعدائه، ألست حينئذ سيمكنك أن تقول ما تريد، وستكون قويا في مواجهة الآخرين، ولن تُملى عليك الإملاءات من قبل الآخرين؟ لكن متى ما ضعف الشعب متى ما ضعفت وضعيته الاقتصادية وغيرها، متى ما ذابت نفسيته وذاب الإيمان في واقعه أصبح زعيم الشعب نفسه لا يستطيع أن يقول كلمة قاسية، لا يستطيع أن يقول كلمة صادقة، لا يستطيع أن يقف على موقف ثابت، وهذا الذي شاهدناه، ألم نشاهد هذا من كل الزعماء في البلاد العربية؟

 

قد يقولون هـم بأنـهم رأوا شعوبهم ليست إلى الدرجة التي يمكن له هو أن يقول، أو أن يقف، أو أن يتحـدى، أو أن يرفض، لكن بإمكانك أن تربي هذا الشعب، بإمكانك أن تبني هذا الشعب اقتصاديا حتى تُأمّن له الاكتفاء الذاتي.

 

كمال الإيمان في مجال مواجهة أعداء الله مرتبط به تماماً الاهتمام بالجانب الاقتصادي ارتباطا كبيرا، ستكون الأمة التي تريد أن تنطلق في مواجهة أعدائها، وأن تقف مواقف مشرفة في مواجهة أعدائها قادرة على ذلك؛ لأنها مكتفية بنفسها في قوتها الضروري، في حاجاتها الضرورية.

 

إذاً فالتاريخ شهد، والحاضر شهد على أن كل أولئك لا يمكن أن يربوا الأمة تربية إيمانية ناهيك عن أن يصلوا بها إلى أن ترقى في درجات كمال الإيمان.

 

أكرر أن هذا هو ما يجب أن نعرفه؛ لأن الكثير من الناس ينظر إلى الجانب المادي فقط فإذا صعد رئيس هنا، أو ملك هنا، أو زعيم هنا كان أهم مطلب للناس من ذلك الشخص هو ماذا سيعمل في مجال توفير الخدمات؟

 

ومن العجيب أن توجهنا الآن أصبح إلى أنه: ماذا يمكن أن يبني في مجال توفير خدمات (كهرباء، صحة، مدارس) ولا نقول لأنفسنا لماذا؟ لماذا نحن نرى قوتنا كله ليس من بلدنا؟! لماذا لا تهتم الدولة بأن تزرع تلك الأراضي الواسعة، أن تهتم بالجانب الزراعي ليتوفر لنا القوت الضروري من بلدنا؟ لا نتساءل، بل الكل مرتاحون بأن [القمح] متوفر في الأسواق، ويأتي من استراليا، ويأتي من بلدان أخرى، وكأن المشاريع التي تهمنا هي تلك المشاريع!

 

هذه التي توفر هي ضرورية لكنها ليست إلى الدرجة من الضرورة التي يكون عليها قوت الناس، هل هناك اهتمام بالجانب الزراعي؟ ليس هناك أي اهتمام بالجانب الزراعي إطلاقا، وليس هناك من جانبنا تساؤل، وليس هناك من جانبنا أيضا نظرة إلى هذا الزعيم أو هذا الحزب أنه: ماذا يمكن أن يعمل في هذا المجال الحيوي، المجال المهم.

 

نحن شعوب مسلمة، ونحن أمة في مواجهة أعداء، والزعماء هم أنفسهم من يمكن أن يرحل إلى تلك المنطقة، أو من يمكن أن يسلم فيما لو حصل شيء، وسنكون نحن الضحية من أول يوم تُوجه ضدنا ضربة من أعدائنا، سنحس بوقع الضربة فيما يتعلق بقوتنا.

 

الناس يجب عليهم أن يفهموا هذه النقطة، أن يلحوا دائما، نحن لا نريد أي مشاريع أخرى بقدر ما نلح في أن تعمل الدولة على توفير قوت الناس داخل بلدهم.

 

الزراعة، هل هناك في اليمن شيء من الزراعة؟ هل هناك ما يكفي اليمن ولو شهرا واحدا؟ أولسنا نسمع بأن اليمن مهدد؟ أن اليمن أيضا يقال عنه كما يقال عن العراق وعن إيران؟ وأن المسئول الأمريكي الذي زار اليمن لم يفصح عندما سئل: هل لا يزال اليمن ضمن قائمة الدول التي احتمال أن تتلقى ضربة؟ لم يفصح بذلك.

 

إذاً فنحن مهددون صريحا من قبل أعداء، اليس كذالك؟ ماذا تعمل هذه الدولة لنا نحن اليمنيين حتى نكون قادرين على أقل تقدير أن نتحمل الضربة؟ أصبحت القضية إلى هذا النحو. أنت كان يجب عليك أن تبني شعبك إلى درجة أن يكون مستعدا أن يواجه، إذاً على أقل تقدير ابنوا شعوبكم لتكون – على أقل تقدير – مستعدة أن تتحمل الضربة ، أليس هذا هو أضعف الإيمان؟ أو يريدون من الناس في أي شعب عربي أن يتحولوا إلى لاجئين، وأن يموتوا جوعا قبل أن يموتوا بالنار.

 

هل هذه الشعوب أصبحت إلى درجة أن تتحمل الضربة؟ لا. ناهيك عن أن تكون قادرة على أن تواجه،

 

لماذا؟ لأنه ليس هناك تربية إيمانية، لا داخل الدول نفسها، ولا داخل الشعوب نفسها، ليس هناك اهتمام بالحفاظ على دين الناس، على كرامتهم، على عزتهم، على حياتهم.

 

ونحن لا نفهم أيضاً كيف نخاطب الدول، حتى عندما تأتي الانتخابات من هم أولئك أبناء المنطقة الفلانية، أو المنطقة الفلانية الذين ينادون بأننا نحن نريد زراعة، نحن نريد أن نرى أسواقنا ممتلئة بالحبوب من إنتاج بلدنا؟ هل هناك أحد يطالب في الانتخابات؟ تقدم البرامج الانتخابية – سواء في انتخابات رئاسة جمهورية أو عضوية مجلس النواب أو مجالس محلية أو غيرها – فيعدوننا بمشاريع من هذه المشاريع السطحية، الكهرباء مهمة لكن لو نفترض أن بالإمكان أن نظل بدون كهرباء، بل أليس الكهرباء تطفأ في حالات الخطورة؟ الكهرباء تطفأ، أليست المدن تطفأ في حالات التهديد؟ تطفأ المدن أي: أن الكهرباء ليست ضرورية بل من الضروري أن تطفأ فيما لو حصل تهديد مباشر.

 

يعدون بالكهرباء يعدون بالمدارس، هذه المدارس ما الذي داخلها؟ المعلمون أنفسهم ما هي ثقافتهم؟ هل هم يحملون روحا إسلامية، روحا عربية كما يحمل المعلم اليهودي داخل المدرسة روحا يهودية، روحا قومية يهودية؟ لا. معلم أجوف لا يهمه شيء، يهمه أن ينظر إلى الساعة متى ستنتهي الساعات التي هو ملزم بالعمل فيها، ويُمَشِّي حال الطلاب بأي شيء. ليس هناك تربية لا داخل مدارسنا، ولا داخل مساجدنا، ولا داخل جامعاتنا، ولا داخل مراكزنا.

 

هذه المدارس نفسها في حالة المواجهة هل ستصبح ضرورية؟ بإمكان الناس في حالة الخطورة فيما لو ضربت مدرسة أن يدرسوا أبناءهم تحت ظل أي شجرة، أو في أي مكان آخر. المساجد أنفسها لو ضربت بإمكانهم أن يصلوا في أي مكان، لكن قوتهم هو الشيء الذي لا بديل عنه، لا بديل عنه إلا الخضوع للعدو، والاستسلام للعدو، وتلقي الضربة بدون أي حركة في مواجهة العدو.

 

من واجب الناس في الانتخابات إذا قدمت برامج انتخابية لأي انتخابات كانت: ان يقولوا نحن نريد زراعة. أو أن اليمن بلد غير صالح للزراعة؟ فيه أراضِ كثيرة جدا، هذه الأراضي التي هي مزروعة (بالقات) ليست مبررا لهم أن يقولوا: أنتم زرعتم [القات] هذه مناطق جبلية، أراضِ محدودة، لو تأتي لتلصقها بعضها ببعض لما ساوت منطقة صغيرة في بلاد تهامة، أو في حضرموت، أو في مأرب، أو في الجوف، لماذا لا تزرع تلك الأراضي؟

 

تلك القروض الكثيرة التي نتحملها نحن لماذا لا توجه أو يوجه القسط الأكبر منها إلى الاهتمام بالزراعة؟ هل نتحمل القروض ثم لا نجد قوتنا مؤمَّناً أمامنا؟ هل هذه تنمية؟ نتحمل الملايين بعد الملايين من الدولارات، ونتحمل أيضا فوائدها الربوية فيما بعد ولا نجد مقابل ذلك أمناً فيما يتعلق بالغذاء؟

 

أذهاننا منصرفة في مختلف مناطق اليمن عن المطالبة بهذا الجانب في كل انتخابات، في كل ما نسمع بقروض.

 

أحزاب المعارضة نفسها لماذا لا تتحدث عن هذا الجانب بشكل مُلِح؟ المزارعون أنفسهم لماذا لا يتحدثون عن هذا الجانب بشكل ملح؟ أين الدعم للمزارعين؟ أين الدعم للزراعة؟ أين الدعم للجمعيات الزراعية؟ أين مراكز التسويق لاستقبال منتجات المزارعين؟ أين التخفيض للديزل نفسه الذي هو ضروري فيما يتعلق بالزراعة، والمواد الكيماوية الضرورية للمنتجات الزراعية؟

 

من واجب العلماء أنفسهم الذين لا يمتلكون مزارع، وتأتيهم أقواتهم إلى بيوتهم عليهم هم أن يلحوا في هذا المجال؛ لأنه اتضح جليا أن الأمة لا تستطيع أن تدافع عن دينها، ولا تستطيع أن تدافع عن نفسها وهي لا تزال فاقدة لقوتها الضروري الذي أساسه الزراعة، وليس الاستيراد، أصبح شرطا، أصبح أساسا، أصبح ضروريا الاهتمام بجانب الزراعة في مجال نصر الإسلام أشد من حاجة المصلي إلى الماء ليتوضأ به، هل تصح الصلاة بدون طهارة؟ إذا لم يجد الماء يمكن أن يتيمم فيصلي.

 

إذا كانت الصلاة لا بد لها من طهور بالماء أو بالتراب، فلا بد للإسلام، ولهذه الأمة التي تهدد كل يوم والآن تهدد، وتهدد من قبل من؟ تهدد من قبل من قوتها من تحت أقدامهم، من فُتات موائدهم. لا بد لها من الاهتمام بجانب الزراعة، لا بد أن تحصل على الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بحاجياتها الضرورية.

 

إذاً رأينا كيف لا تربية إيمانية، لا اهتمام بالجانب الاقتصادي للأمة، لا اهتمام بالجانب العلمي للأمة لا نزال منحا دراسية، منحة بعد منحة إلى مختلف بلدان أوربا وما نزال شعوباً متخلفة.

 

يقال: إن المصريين انفتحوا على الغرب قبل الصينيين، وأين الصين وأين مصر؟ الصين أصبحت دولة صناعية كبرى، والمصريون لا يزالون يواصلون منحاً دراسية، منحة بعد منحة، وهكذا اليمن، وهكذا البلدان الأخرى.

 

الإمام زين العابدين عليه السلام عندما يقول: ((اللهم صل على محمد وآله وبلغ بإيماني أكمل الإيمان)) نحن قلنا، – وهو شيء معروف عند كثير من الناس – أن الإمام زين العابدين عليه السلام صاغ توجيهاته, وصاغ المبادئ التي يؤمن بها بشكل دعاء, كأنه يقول للناس: ادعوا الله أن يبلغ بإيمانكم أكمل الإيمان, واسعوا أنتم لأن يكون إيمانكم من أكمل الإيمان.

 

ومصادر الحصول على كمال الإيمان هي تبدأ من الله سبحانه وتعالى فيما هدى إليه. أليس من كمال إيماننا في مواجهة تهديد أعدائنا هو أن نكون أمة مجاهدة؟ أليس من كمال أن نكون أمة مجاهدة أن نكون أمة مكتفية معتمدة على نفسها في قوتها الضروري؟ إذا فيصبح القوت الضروري، يصبح الاكتفاء الذاتي للأمة من كمال الإيمان.

 

ولكن من الذي يربينا هذه التربية من حكامنا فيهتم باقتصادنا، ويهتم بإيماننا، ويهتم بكل الأشياء التي تهيئ لنا أن نكون أمة تقف في وجه أعدائها، بل أمة تستطيع أن تتحمل الضربة من عدوها؟ للأسف البالغ وصلنا إلى هذه الدرجة: أن الشعوب لا تحلم بأن تواجه، بل ترى نفسها لا تستطيع أن تتحمل الضربة لفترة قصيرة. انتهى موضوع الحديث عن السلطة والحكومات.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن الكريم

 

(في ضلال دعاء مكارم الأخلاق – الدرس الثاني)

 

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

 

بتاريخ: 2/2/2002م

 

اليمن – صعدة.

مقالات ذات صلة