التطرف ضد المسلمين… اضطهاد المضطهدين

مقالات | 8 أبريل | مأرب برس :

يواجه المسلمون اليوم في العالم وخاصة في أوروبا وأمريكا مخاطر كثيرة ومشتركة تأتي تحت شعار “الإسلاموفوبيا” أو العداء والكره للمسلمين، إلا أن هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، كما أنها ليست وليدة التطورات والأزمات التي يمر بها العالم وخصوصاً ظهور داعش ولعبه دوراً مهماً في تشويه صورة الإسلام المحمدي الأصيل، وإنما كانت موجودة على الدوام ولكن بشكل محدود ولاسيما في أوروبا وأمريكا، إلا أن هذه الظاهرة تفاقمت في الأعوام الأخيرة حيث انتشرت الأسبوع الماضي حملات تهديد للمسلمين واعتداءات جسدية ولفظية على المحجبات والملتحين، بالإضافة إلى كتابة شعارات نازية على منازل المسلمين أو الاعتداء عليها، وصولاً لإتلاف السيارات، وتنظيم الاعتصامات، واستخدام مواد حارقة وحرق المساجد.

وكأنه لا يكفي المسلمين ما حل في بلدانهم وما ألحق بهم من أذى من الجماعات التكفيرية التي ظهرت في منطقة الشرق الأوسط، بل جاء الدور الغربي في اضطهاد المسلمين المضطهدين أساساً ليزيد الطين بلّة، حيث نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً للصحافية يونيت جوزيف، تقول فيه إن رسائل مجهولة المصدر أرسلت من خلال بريد الدرجة الثانية، وصلت خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى ما لا يقل عن 6 مجتمعات في إنجلترا، تهدد مستلميها بتعذيبهم، والاعتداء عليهم بمختلف الطرق، مقابل نقاط تُمنح لمرتكبيها، وذلك على النحو التالي: (25 نقطة مقابل نزع حجاب امرأة، و 500 نقطة مقابل قتل مسلم، و 1000 نقطة مقابل تفجير مسجد) على أن تقدم جوائز لكل من يرتكب فعلاً عنصرياً عنيفاً ضد المسلمين، وبذلك يدخل المواطنون في سباقٍ لجمع النقاط من خلال تنفيذ أكبر عدد من عمليات الاعتداء.

وجاء في مضمون الرسالة “لقد ألحقوا بكم الأضرار، وجعلوا أحباءكم يعانون، تسببوا لكم في الألم، فماذا ستفعلون الآن.

ما عليكم إلا أن تقلبوا الأمر ذاته عليهم، لأن لديكم القوة، لا تكونوا جبناء”.

ولم تقتصر الاعتداءات على المسلمين في بريطانيا على ما أوردته الصحيفة إذ سجّلت بريطانيا في الربع الأول من السنة الحالية أكثر من 156 حالة اعتداء على المسلمين كان آخرها الاعتداء على الطالبة المصرية “مريم عبد السلام” التي توفيت متأثرة بجراحها التي تعرضت لها إثر حادث اعتداءٍ وحشي شمال لندن، على يد 10 فتيات عُرفن بالكراهية للإسلام في مارس 2018.

أما الاعتداءات في السويد لم تكن أقل مما حدث ويحدث في بريطانيا، حيث قال مؤسس جمعية البحث عن جرائم الكراهية في السويد، توماس أبيرغ، إنه تم الإبلاغ عن 767 حالة جرمية نتيجة الكراهية إلى الشرطة عام 2017 في السويد، مشيراً إلى أن ثلث هذه الحالات استهدفت مسلمين، وأشار إلى أنه إذا ارتكب أي مسلم خطأً فيتداوله اليمينيون والمتطرفون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات تزعم أن أمن الشعب عرضة لتهديد هؤلاء ما يتسبب في تكوين أفكار مسبقة وخاطئة في أذهان الشعب بحق جميع الناس الذين ينتمون إلى الاعتقاد الذي ينتمي إليه مرتكب الخطأ.

وفي ألمانيا، التي تستقطب عدداً كبيراً من اللاجئين المسلمين الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم بات العداء للمسلمين فيها ملحوظاً بشكل كبير وهي تعتبر مركز الاقتصاد الأوروبي، فقد قالت صحيفة ألمانية: إن السلطات في برلين وثّقت 950 هجوماً ضدّ المسلمين ومنشآت تابعة لهم كالمساجد خلال العام الماضي 2017، وخلال الربع الأول من العام الحالي، سجّلت السلطات الأمنية الألمانية أكثر من 200 حالة اعتداء من قبل اليمين المتطرف بدوافع الكراهية للإسلام، ومنها قيام مجهولين في ألمانيا في مارس 2018، بشن ثلاث هجماتٍ بموادٍ حارقة على مسجدين ومبنى تابع لجمعية الصداقة التركية-الألمانية.

أما في باقي البلدان الأوروبية لم يختلف الأمر أيضاً فقد رصد التقرير الإسباني وقوع 546 حادثة مرتبطة بـ “الإسلاموفوبيا” في 2017، وفي فرنسا تنظم دورياً مظاهرات معادية للإسلام خاصة عقب الهجمات الإرهابية التي تعرّضت لها خلال الأعوام السابقة، وكما في فرنسا تشهد سويسرا أيضاً مظاهرات لنشطاء معاديين للإسلام والمسلمين تدعو إلى طرد المسلمين من البلاد.

أما في أمريكا فعدادات القتل مستمرة وإلى ارتفاع وخاصة بحق السود، ويعتقد أغلبية الأمريكيين أن ارتفاع عدد القتلى يعود إلى “الإسلاموفوبيا” والتي بنظرهم تعني الخوف من الإسلام والمسلمين وكراهيتهم، لكن الخبراء يعتقدون أن الأمر أكثر تعقيداً من ذلك ويشمل المسلمين ومجموعات أخرى غير مسلمة ويمكن وصفها بالعرقية، إذ تشمل أيضاً الأمريكيين العرب غير المسلمين ومجموعات أخرى مثل الزنوج واللاتينيين وذوي الأصول الجنوب آسيوية وغيرهم.

ختاماً.. إن الغرب يرى في الإسلام عدوّاً دائماً ومستمراً لهم، إذ إن الديمقراطية الغربية تسعى إلى الهيمنة الفكرية والثقافية على العالم بينما الثقافة التي تنافسهم في ذلك هي الثقافة الإسلامية وهي العقبة أمام هدفهم هذا، وهم استطاعوا حتى الساعة تشويه هذه الصورة وذلك لأن الشعوب العربية والمسلمة مكبّلة تحكمها حكومات ديكتاتورية فاسدة، تعطي صورة قبيحة عن الإسلام، وتشارك القوى الاستعمارية في مشاريعها المعادية للإسلام.

*الوقت التحليلي .

مقالات ذات صلة