إلى أي مدى خذل ابن سلمان الفرنسيين ولماذا يحدث ذلك؟!

مقالات | 10 أبريل | مأرب برس :

حطّت طائرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ظهر يوم الأحد الماضي في العاصمة الفرنسية “باريس” ليبدأ الأمير الشاب زيارته التي تستمر ثلاثة أيام وسط أجواء متوترة بين البلدين، دفعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للشعور بخيبة أمل حين لمس بأن ابن سلمان وصل فرنسا خالي الوفاض بعد أن كان قد وقّع عقوداً مع بريطانيا وأمريكا بمليارات الدولارات خلال الفترة القليلة الماضية.

ظنّ ماكرون أن ابن سلمان قد يفعل أمراً مشابهاً مع بلاده من ناحية العقود والصفقات التجارية إلا أن ما حدث خلال الزيارة جاء محبطاً للرئيس الفرنسي، وما زاد الطين بلّة هو إلغاء زيارة الأمير محمد لمجمع “ستيشن إف” الحاضنة للشركات الناشئة، خاصة أنه زار عمالقة التكنولوجيا في وادي السيليكون بالولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، ومن ناحية أخرى يمكننا أن نذكر بأن السعودية لم توقّع أي عقد استراتيجي مهم مع فرنسا منذ 10 سنوات، أضف على ذلك بأن ابن سلمان كان متردداً بزيارته لفرنسا ولم يقتنع بالزيارة إلا بصعوبة على حد قول خبراء فرنسيين يرون أن الأمير الشاب “معجب جداً بالأمريكيين”، فيما ينظر “ببعض الريبة إلى الفرنسيين”.

هذا الكلام جعل فرنسا تشعر بأنها أصبحت “شريكاً ثانياً” للسعودية وربما ثالثاً بعد بريطانيا التي وقّع معها ابن سلمان قبل شهر تقريباً عدة اتفاقيات فيما يتعلق “بتطوير الاستثمارات المتبادلة”، بلغت قيمتها 70 مليار يورو على امتداد السنوات القادمة، بينما الاتفاقات التي تم توقيعها مع فرنسا جاءت مخالفة للتوقعات فقد اختصرت على التوقيع على عدد قليل من اتفاقيات المبادرة غير الإلزامية، إلا أن الاليزيه وحتى الرئيس نفسه حاولوا التخفيف من التوتر الحاصل، ونقلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إفادة أحد المقربين من الرئيس الفرنسي، الذي قال: “نحن بالتأكيد لا نشعر بخيبة أمل، بل نتحدث عن “فلسفة جديدة” على مستوى العلاقات الفرنسية السعودية”. تعود جذور هذه العلاقات الثنائية إلى أكثر من خمسين سنة، حيث كانت مبنية على إبرام عقود لفائدة الشركات الفرنسية، مقابل تقديم فرنسا للدعم السياسي والدبلوماسي لمصلحة السعودية. ولكن بالنسبة للمملكة، فقد تخلت في الوقت الراهن عن مثل هذه العلاقات الوطيدة، في حين أضحت ترى في فرنسا مجرد “شريك بديل” يأتي بعد أمريكا.

أسباب الخلاف

هناك مجموعة من الملفات العالقة بين السعودية وفرنسا تخصّ الشرق الأوسط على وجه التحديد، فبالرغم من أن باريس دعمت العدوان السعودي على اليمن وأرسلت إليها أسلحة متطورة إلا أن ملفات أخرى تطفو على السطح وتعكر صفو العلاقات، منها العلاقة مع إيران ومحاصرة قطر وكذلك الملف اللبناني.

بالنسبة للعلاقة مع إيران فالموضوع شائك نوعاً ما، لكون السعودية باتت تبني علاقتها مع الدول بحسب نسبة عدائها لإيران، وبما أن لفرنسا روابط اقتصادية جيدة مع إيران لا يمكنها أن تقطعها بشكل فوري فقط لإرضاء السعودية، فضلاً عن رفض فرنسا الرضوخ لأمريكا والخروج من الاتفاق النووي علماً أنها تبنّت أحياناً وجهة نظر الرياض في الاتفاق النووي مع إيران حيث كان وزير الخارجية السعودي حينها الأمير سعود الفيصل يزور الفنادق التي تشهدها المفاوضات ويحضر في طائرته الخاصّة إلى مطار الدولة المستضيفة بهدف الاطلاع على ما يحصل مباشرة من نظيره الفرنسي.

ولكن ما الذي تغير اليوم، الحقيقة أن فرنسا تتطلع إلى مستوى أكبر من الصفقات ولكن لا يمكن تحقيق ذلك لعدم رضا السعودية على سلوك فرنسا مع إيران فهي تريدها أن تعاديها وتعمل على مواجهتها والانضمام بشكل مطلق لكل قرار تتخذه الولايات المتحدة في هذا الخصوص، وقد صرّح بذلك ابن سلمان علناً خلال الزيارة حيث ذكرت صحيفة “لي تريبيون” الفرنسية، أن “ابن سلمان أوضح لماكرون أن الشركات الفرنسية، مثل المجموعات الأمريكية، يمكن أن تستفيد من عقود مع المملكة، بشرط عدم متاجرتها مع إيران”، مضيفة إن هذا الشرط أثار حفيظة ماكرون، دون أن توضح مزيداً من التفاصيل، طبعاً هذا ليس التصريح الأول لولي العهد في هذا الخصوص، فخلال أول لقاء جمع ماكرون مع ابن سلمان، قال الأخير: “إذا بحثت الشركات الفرنسية عن توسيع أعمالها في إيران، فأبواب السوق السعودية ستغلق في وجوهها”.

ابن سلمان غير مرحب به من قبل الفرنسيين

علماً أن محمد بن سلمان وبحسب صحيفة “صنداي تلغراف” البريطانية ربما يقضي فترة إقامته في فرنسا التي وصلها اليوم الأحد بالقصر الأعلى في العالم والذي يشبه “قصر فرساي”، إلا أن الشعب الفرنسي يعارض قدومه ويندد بحربه على اليمن، وفي هذا السياق نظمت منظمات غير حكومية مظاهرة بالقرب من برج ايفل لحثّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضغط على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن الحرب في اليمن محذرة من أن الرياض ربما تستخدم أسلحة فرنسية في الصراع.

وقالت “أوريلي بيريي روهي” منسقة اليمن والسعودية في منظمة العفو الدولية في فرنسا: “من المحتمل أن تكون فرنسا شريكة للانتهاكات الجسيمة للقوانين الإنسانية من خلال بيع الأسلحة والمعدات العسكرية إلى السعودية، نظراً لما نعرفه في اليمن”.

*الوقت التحليلي .

مقالات ذات صلة