محاولات الغرب لتغيير طبيعة منطقة الشرق الأوسط الجيوسياسية إلى منطقة أمنية

تقارير | 12 مايو | مأرب برس :

أدّى التحول السريع في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق لتبنّي الجهات الفاعلة الدولية خطة عملية تهدف إلى تغيير طبيعة المنطقة الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وجعلها منطقة أمنية، وبالتالي فإن تلك الخطة ستمنع دول الشرق الأوسط القوية من لعب دور بارز في النظام العالمي الجديد، وحول هذا السياق وفي مقابلة له، أعرب سيد مصطفى هاشمي خبير القضايا الجيوسياسية الإيراني، قائلاً :”يجب على دول الشرق الأوسط بناء روابط قوية فيما بينها، وتشكيل اتحاد مماثل لاتحادات الفحم والصلب في أوروبا وذلك من أجل الحفاظ على الطبيعة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط”، وفيما يلي نستعرض أبرز ما جاء في هذه المقابلة:

نظراً إلى تزايد التوترات في النظام العالمي، فلقد انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من التنبؤات التي تنذر ببداية حرب باردة، فهل تعتقد أن الأحداث الحالية تقوم بتحريك هذا النظام العالمي نحو حرب باردة؟

 للإجابة على هذا السؤال، يجب علينا أولاً الإشارة إلى الجوانب المشتركة القائمة بين النظام الدولي الحالي، وعصر الحرب الباردة، وأعتقد أن هناك مجموعة مماثلة من أوجه التشابه بينهما، لكنها مختلفة تماماً عن بعضها البعض، ولهذا فأنا أرى بأن القوة العسكرية في وقتنا الحاضر لا يزال لها الكلمة الأولى، لكنّ أهميتها انخفضت إلى حد كبير منذ الحرب الباردة، كما أن الجهات الفاعلة الجديدة التي ظهرت مؤخراً في النظام العالمي تختلف اختلافاً كليّاً عن الجهات الفاعلة التي كانت موجودة في زمن الحرب الباردة، واليوم نرى بأن الصين والهند والاتحاد الأوروبي تعتبر من أهم تلك الظواهر والجهات الفاعلة الناشئة حديثاً، والتي تشكّل عقبة رئيسة أمام الانتقال والبدء بحرب باردة في العالم، ولهذا برأيي، إن التنافس بين القوى العالمية، سوف يجبر النظام الدولي على التحرك نحو إثارة الكثير من الاضطرابات حول العالم بدلاً من التحرك نحو إشعال حرب باردة.

ما هو السبب الذي يكمن وراء زيادة مستوى الفوضى في النظام العالمي؟

إن اللعبة الحالية في النظام العالمي، تتبع سلوك الجهات الفاعلة الدولية التي تمتلك الكثير من القوة الاقتصادية والترسانة العسكرية ومجموع هذه السلوكيات لديها القدرة على تشويه الهياكل الجيوسياسية للمجتمع الدولي، وتشير سلوكيات القوى العالمية في وقتنا الحالي إلى أنها عازمة على إحداث شرخ في هياكل نظام القوى بالمستقبل، وبعبارة أخرى، تحاول كل واحدة من تلك الجهات الفاعلة الموجودة في النظام الدولي، خلق نظام عالمي جديد وفقاً لما يرضيهم ويزيد من تأثيرهم على مستقبل النظام العالمي القادم، وهذا الشيء هو الذي سيؤدي إلى زيادة مستوى الفوضى في النظام العالمي المقبل.

كيف ستؤثر التوترات والمنازعات التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط على مستقبل النظام العالمي؟

إن منطقة الشرق الأوسط تُعدّ منطقة جيوسياسية، ونظراً لامتلاكها العديد من عناصر القوة والكثير من الثروات النفطية، فإن لديها القدرة على لعب دور مهم في تشكيل مستقبل النظام العالمي، وعلى الرغم من أن دول الشرق الأوسط لا تعدّ ضمن القوى العالمية، ولكن ميلها الجيوسياسي له تأثير مهم للغاية في تحديد مستقبل النظام العالمي، ولهذا فإن القوى العالمية الأخرى تسعى جاهدة لتقليل تأثير هذه القوى الشرق أوسطية في النظام العالمي القادم، وهنا يمكننا القول بأن منطقة الشرق الأوسط “على عكس المناطق الجيوسياسية الأخرى”، لديها بعض العناصر الجيوسياسية التي لها تأثير بالغ للغاية في عملية تغيير البنية العالمية، وفي حال لم تستطع الجهات الفاعلة الدولية، خفض تأثير هذه المتغيرات الجيوسياسية، فإن مستقبل النظام الدولي سيواجه تحدياً كبيراً يسمى الشرق الأوسط.

هل ستقوم منطقة الشرق الأوسط بالمضي قُدماً في هذا الاتجاه؟

لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط وجود قوى إقليمية مثل العراق أو مصر إلى جانب إيران والسعودية خلال الفترة الماضية، ولكن الآن لم تعد العراق قوية، وفي الوقت نفسه نرى بأن تركيا والكيان الصهيوني يسعيان لإظهار نفسيهما كقوتين إقليميتين إلى جانب السعودية وإيران، والعمل على تأسيس النظام الإقليمي المنشود، وفي هذا الاتجاه، نرى بأن الكيان الصهيوني يسعى جاهداً إلى خفض مستوى الإنفاق والميزانية “الإسرائيلية” وذلك عن طريق إنشاء “تحالف غير تقليدي” مع السعودية ولذلك، فلن تكون منطقة الشرق الأوسط قادرة على التأثير بمستقبل النظام العالمي كما كانت من قبل، ولهذا السبب سوف تُثار في هذه المنطقة العديد من القضايا، مثل قضية الديمقراطية والشرعية والإصلاح الاجتماعي وحقوق الإنسان والهوية، وما إلى ذلك لمنعها من المضي قُدماً في هذا الاتجاه.

كيف ترى سلوك جمهورية إيران الإسلامية كلاعب إقليمي قوي في هذا الوضع؟

يجب أن يكون نوع اللعب للاعب إقليمي قوي في مثل هذا الوضع ذكياً وحذراً، ويجب على ذلك اللاعب التركيز واستخدام ذكائه لمعرفة متى يستعمل الخيارات الاستراتيجية، ومتى يتخذ الإجراءات التكتيكية، وأي خطأ في هذا السياق يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع في هذا الاتجاه، وهنا يجب على الجمهورية الإسلامية الاستفادة من المشتركات الإقليمية، واتخاذ نهج عملي في هذا الاتجاه، وهنا يجدر بنا القول بأن جميع بلدان المنطقة في حاجة إلى التكنولوجيا الحديثة، والاستثمار في كل المجالات الاقتصادية، ولكنهم بدلاً من ذلك ينظرون إلى بعضهم البعض بنظرات الشك والريبة، متجاهلين بذلك مجالات وفرص التعاون فيما بينهم، وهذا الأمر هو ما أدّى إلى ارتفاع مستوى التوجه الأمني في هذه المنطقة يوماً بعد يوم، وانخفاض قيمتها الجيوسياسية وتأثيرها في عملية الانتقال إلى النظام العالمي الجديد.

المصدر : موقع الوقت .

مقالات ذات صلة