خفض قيمة الريال السعودي في الأجل القريب الى 25%

مارب برس [الثلاثاء 09/فبراير – شباط/2016م]- تقرير -اقتصاد

بسبب هبوط النفط والجرب على اليمن وتمويل القاعدة وداعش بسوريا تحاول وزارة المالية السعودية حماية الريال من الهبوط جراء ضغوط كبيرة تلاحقه هي الأكبر منذ 30 عاما، والتي يقودها انهيار أسعار النفط. وبحسب تقارير لمؤسسات مصرفية دولية، فإن تجار العملات بدأوا يراهنون على أن المملكة قد تتجه لخفض قيمة الريال في ظل الضغوط الناجمة عن تراجع إيرادات النفط وكلفة الحرب في اليمن، غير أن الحكومة السعودية أكدت في أكثر من ماسبة اعتزامها استخدام احتياطياتها الضخمة من النقد الأجنبي في الحفاظ على سوق النقد وربط الريال بالدولار. وأكد محللون اقتصاديون أنه من غير الوارد أن تفكر السعودية في خفض قيمة الريال أمام العملات الأجنبية، مشددين على أن مثل هذا الإجراء قد يقود للمزيد من تضخم أسعار المستهلكين في البلاد التي تعاني من نسبة تضخم بمتوسط شهري يتجاوز 3.2%. وبحسب مصرف سوسيتيه جنرال الفرنسي، فإنه من المتوقع أن تقبل السعودية بنسبة 25% على خفض قيمة العملة المحلية في الأجل القريب، وترتفع هذه النسبة إلى نحو 40% في حال ظلت أسعار النفط عند المستويات الحالية خلال العام الحالي 2016، وتفقز لنحو 60% إذا بقيت أسعار النفط دون 50 دولارا للبرميل في العامين القادمين. غير أن الخبير الاقتصادي علي الجعفري، قال إن خفض الريال السعودي أمر مستبعد وسيؤدي حال حدوثه، لارتفاع كبير في أسعار السلع وهو ما سيؤثر على مستويات المعيشة المرتفعة من الأساس. وأضاف الجعفري في تصريح لـ”العربي الجديد” أن الدول تقوم بخفض قيمة عملتها، لتحفيز التصدير مثل ما قامت به الصين للتصدي للركود الاقتصادي، لكن السعودية لا تملك اقتصادا قائما على التصدير، ولا تحقق نموا اقتصاديا كبيرا، فهي في الأساس لا تملك سوى اقتصاد مبني على النفط فقط، ولا تملك سلعا كثيرة لتصدرها لكي تحفز الإقبال عليها. وتابع “المملكة من أكبر المستوردين في العالم، وبالتالي سيقود خفض العملة إلى ارتفاع قيمة الواردات، وهو أمر سيقود في نهاية المطاف لارتفاع مجنون في الأسعار”. وبحسب مصرف سوسيتيه، فإن احتمالات خفض العملة المحلية، لا تقتصر على السعودية فقط، بل إن :”الموازنات العامة الخليجية تبدو في حالة أسوأ مما كانت عليه في الماضي إضافة إلى أن السعودية التي كانت تحدد السعر في أسواق النفط العالمية في السابق، باتت متلقيا للسعر مع تراجع قدرتها على التأثير على الأسواق”. خفض الريال السعودي أمر مستبعد وسيؤدي حال حدوثه، لارتفاع كبير في أسعار السلع لكن مؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي) تعهدت بالحفاظ على سعر ربط الريال عند 3.75 ريالات للدولار مهما حدث، معتمدة على احتياطي نقدي يتجاوز 609 مليارات دولار كونتها المملكة خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط الذي وصلت قيمته لأكثر من 115 دولارا خلال النصف الأول من عام 2014. وقالت مصادر مسؤولة لـ”العربي الجديد”، إن السعودية تستطيع في فترة تمتد بين 5 إلى 7 أعوام على الأقل الحفاظ على سوق النقد. وبحسب الخبير الاقتصادي ماجد الحقيل، فإن المملكة بدأت بالفعل في العديد من الإصلاحات الاقتصادية، بدءا من رفع الدعم جزئيا عن الطاقة، وتطبيق توصيات برنامج التحول الاقتصادي. وقال الحقيل لـ”العربي الجديد” قد تكون الخطوات الحالية للإصلاح الاقتصادي محدودة ولكنها على المدى الطويل ستوفر نحو 15% من النفقات، كما أن الدعم الكبير للتصنيع، سيزيد من هذه النسبة، ناهيك عن التحركات الجادة نحو الخصخصة التي ستوفر المزيد من الدخل وتقلل الهدر المالي”. ويقر الحقيل بأن هناك ضغوطا كبيرة على الريال السعودي، خاصة بعد تراجع قيمته، ولكنه أكد أن السعودية قادرة على حماية عملتها، دون التفكير في خفض قيمتها. وهبطت قيمة الريال السعودي مقابل الدولار لنحو 550 نقطة نهاية الأسبوع، بانخفاض 45% عن المستوى القياسي الذي بلغ ألف نقطة في وقت سابق هذا العام. لكن الخبير الاقتصادي علي الجعفري، يقول إن “الريال قادر على الصمود، ليست المرة الأولى التي يعاني فيها من الهبوط ولا للمضاربات، السعودية نجحت دائما في حماية عملتها، وهي قادرة على فعل ذلك حاليا”. في المقبال ، يرى خبراء أنه سيكون هناك بعض الفوائد التي ستجنيها الحكومة من خفض قيمة الريال، ولكن المخاطر الكبيرة التي سيتكبدها الاقتصاد السعودي ستجعل من الفكرة مخيفة. وقال رئيس مركز مال للدراسات الاقتصادية، راشد الموسى، إن خفض سعر صرف الريال سيؤدي إلى تحرير جزء من احتياطي تغطية الريال، وهو ما سيؤدي إلى تخفيف جزء من عبء مصروفات الميزانية، ولكن في المقابل ستزيد أعباء المواطنين أضعاف ما تجنيه الحكومة. وأضاف الموسى في تصريح خاص “إذا خفضت الدولة الريال بنسية 2% فهي ستحقق خفضا في الإنفاق بنسبة تصل إلى 1.5%”. وتابع “الضرر الأكبر سيقع على جميع المواطنين، لأن خفض سعر صرف الريال سيؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع ما تستورده السعودية من الخارج وهو أمر سيطاول كل شيء في البلاد، وحتى أجور العمالة المنزلية، لأن أجورهم محددة في العقود بالدولار الأميركي، وهو سيكون أغلى من الريال في حال خفضه”. واستبعد رئيس مركز مال للدراسات الاقتصادية أن تلجأ السعودية لهذا الخيار، لتبعاته الاقتصادية الصعبة، قائلا: “بعض التقارير تراهن على ذلك، ولكن في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية، قد يكون الخيار مستحيلا، فهو لن يجني سوى ارتفاع التضخم لدرجات قياسية”.

*الوسط

مقالات ذات صلة