لمـاذا تشـارك أمريكـا فـي العـدوان علـى اليمـن ؟

مقالات | 23 مايو | مأرب برس :

بقلم /  أحمد يحيى الديلمي :

أمريكا تقتل الشعب اليمني… تلك هي الحقيقة التي لم تجد لها مكان في الافئدة ولم يعد بالإمكان إنكارها أو تجاهلها لاسّما وأن تصريحات الإدارة الأمريكية بمشاركتها العسكرية في العدوان على اليمن منذ أكثر من ثلاث أعوام لم تكشف لنا شيئا جديداً وإنما أكدت ووضحت بجلاء ما كان بإمكان أي عاقل أن يستنبطه من جملة مؤشرات سياسية وقرائن مادية لا حصر لها تؤكد المشاركة العسكرية الأمريكية المباشرة في هذا العدوان على اليمن.

كان تحالف العدوان السعودي والإماراتي يبرر عدوانهم الغاشم على اليمن إنه لدواعي حماية الأمن الوطني واﻻقليمي من التهديدات الإيرانية بالإضافة الى ذريعة الانقلاب وعودة الشرعية المزعومة، ولكن في ضوء المسارات التي اخذها العدوان وكشفه لكثير من الحقائق التي تستبعد تماماً صحة تلك المزاعم واتجه بسطاء التفكير من المواطنين الى اعطاء العدوان هذه التفسيرات.

وكالشمس في كبد السماء تجليت الحقيقة في أن أبرز الأسباب الأكثر وضوحاً في أن الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والإمارات تنوبان عن أمريكا وإسرائيل في خوض هذا العدوان الذي هو عدوان بالدرجة الأولى من اجل إسرائيل وحماية المصالح الأمريكية وخوفاً من الصحوة التي تفجرت عند كثير من الشرفاء في المنطقة وبروز قيادة قادرة على تحريك الشعوب ضد هيمنة قوى الطغيان والجبروت أمريكا وإسرائيل.

وليس من المستغرب أن تخوض هذه الدويلات العدوان بالنيابة عنهما لأن قوى الطغيان تلك تتعامل معهما كوﻻيات تابعة لهما وقد اقتضت مصلحتها ان تبدو الحروب التي يشعلانها في المنطقة حروبا عربية عربية وأن تحمل هذه الدويلات عنها التبعات الاقتصادية والبشرية واﻻخلاقية والقانونية والسياسية للعدوان كما فعلت في سوريا والعراق وليبيا وخصوصا ان أمريكا تعرف مخاطر دخولها المباشر في حرب مع اليمنيين المتشوقين لمواجهتا.

ومن مظاهر كون الحرب هي حرب أمريكا وإسرائيل فظاعة ما ترتكبه ادواتها من جرائم غير مسبوقة وبدون ادنى خوف او وجّل من التبعات القانونية بل ومع ثقة كبيرة ان جميع المنظمات الأممية بما فيها مجلسي الأمن وحقوق الانسان لن تحرك ساكنا، بل هي من ستتولى الشرعنة والتغطية لهذه الانتهاكات ومثل هذا ايضا ﻻ يحدث بهذه الصورة إﻻ عندما تتواجد السطوة والنفوذ الأمريكي والإسرائيلي، وتعلمنا حسب الأحداث المتعاقبة في العالم ان مثل هذا الصلف ﻻ يحدث إﻻ عندما تكون الحرب هي حرب من اجل المصالح الأمريكية والإسرائيلية الا إن البعض من قاصري الوعي كان غير مقتنع بأنه “عدوان أمريكي سعودي صهيوني” وكان ما يزال في قلبه شك عندما يُقال له أن “أمريكا وإسرائيل” قد عزمت وقررت شن العدوان على اليمن وما النظام السعودي والإماراتي إلا ادوات بيد أمريكا وإسرائيل.

ومع اطالة امّد العدوان تلاشى ذلك الوهم والشك لدى كل من كان لا يزال في قلبة ادنى شك وانعكس ليصبح يقين بأن “أمريكا وإسرائيل” هي من تدُير العدوان على بلدهم وتقتل النساء والاطفال وتهلك الحرث والنسل فكانت مدة ثلاثة أعوام مضت على عدوان قوى الشر “أمريكا وإسرائيل والنظام السعودي والإماراتي” كفيلة بكشف الكثير من الحقائق وكشف الستار عن المُعتدين الحقيقين واهدافهم الحقيقية للعدوان الغاشم بعد إن حاولوا اخفائها خلف عناوين زائفة وخزعبلات باطلة باتت لا تنطلي على وعي الكثير من اليمنيين فذهبت ادعاءات الخونة والمرتزقة ادراج الرياح بفعل العديد من الحقائق التي انكشفت.

ادت وقاحة ترامب الى كشف المستور الذي اتضح جليّاً من خلال ما اقره البنتاغون من مشاركة جنود أمريكيين في العدوان وتواجدهم في الحدود السعودية ناهيك عن التقارير الإعلامية التي بينت بعض تفاصيل مشاركة أمريكا في العدوان ويقول العديد من المحللين ان ترامب يعاني من امراض نفسية ووو..الخ، إلا أن الشي الجيد في ترامب انه كشف بصراحة عن سياسة بلاده دون مخادعة او مراوغة وقالها صراحة عندما اعلن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي انه لن يسمح لبلد تقول الموت لأمريكا من امتلاك سلاح نووي وهذا التصريح لا يجب المرور منه مرور الكرام فقط بل هنا يحب علينا التأمل لهذا جيدا واجراء عملية عصف ذهني سريع للأحداث منذ بدء العدوان على اليمن ومنذ الوهلة الاولى من العدوان.

والآن تعالوا نعرض عدد من الشواهد المؤكدة لما ذهبنا اليه:

إن تحالف قوى العدوان من معظم الدول الخليجية وعلى راسها السعودية والإمارات لن تجروا على شن هكذا عدوان وأرتكاب مجازر وحشيه بحق الشعب اليمني في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع من دون الموافقة والدعم الأمريكي.

ومنذ الوهلة الاولى ظهرت مشاركة أمريكا في العدوان لاسيما وان العدوان اعُلن من واشنطن إلا أن سياسة المراوغة لإدارة الرئيس الاسبق اوباما حالت دون ايضاح مشاركة أمريكا في العدوان على اليمن فمن واشنطن كان إعلان العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني على لسان سفير السعودية آنذاك عادل الجبير الذي صرح فيما بعد أنه يتم التنسيق مع الامريكان دقيقة بدقيقة في عدوانهم على اليمن مروراً بإعلان وزير الخارجية الأمريكية حينها جون كيري بشكلٍ صريحٍ أثناء زيارته للرياض مشاركة بلاده في العدوان على اليمن ناهيك عن تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين التي تُشير الى ضلوع أمريكا وإسرائيل في العدوان.

حينها اعلنت القيادة الحكيمة في اليمن بأنه عدوان أمريكي بالدرجة الاولى حيث اكد قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مراراً وتكراراً أن هذا العدوان هو عدوان أمريكي صهيوني وما النظام السعودي وحلفائه سوى أدوات لتنفيذ مخططات “أمريكا وإسرائيل” التدميرية في المنطقة ففي اول خطاب له بعد العدوان، كشف السيد القائد أن هدف العدوان هو تنفيذ مشروع “أمريكي إسرائيلي” عن طريق الانظمة الخليجية وعلى رأسها النظام السعودي والاماراتي ومن سار معهم ويترجم مطامع أمريكية إسرائيلية لموقع اليمن الجغرافي وجزره لا سيما بعدما اعتبر الرئيس الاسبق لهيئة الأركان العامة لجيش العدو الإسرائيلي بيني غانتس أن القلق من مسالة باب المندب تعتبر لتل ابيب اخطر من النووي الايراني مضيفاً علينا تعزيز قدراتنا لمواجهة التطورات في المستقبل”.

أبرز ما تناولته وسائل اعلام اجنبية وبالأخص وسائل اعلامية أمريكية حول مشاركة أمريكا في العدوان..

لا يتسع المقام هنا لسرد جميع الحقائق، ولكن نذكر أبرز ما تناولته وسائل اعلام اجنبية وبالأخص الامريكية حول مشاركة أمريكا في العدوان على اليمن ومنها ما أكده موقع “التورنت” الأمريكي على أن السعودية ليست المسؤولة الوحيدة عن ارتكاب الجرائم في اليمن بل تشاركها أمريكا ودول أخرى، وهذا ما أشار إليه السيناتور كريس مورفي الذي اتهم واشنطن بالمشاركة في قتل اليمنيين، وقال مورفي في مقابلة تلفزيونية على شبكة الـ CNN الأمريكية أن هناك بصمة لبلاده في كل حياة يفقدها المدنيين في اليمن جراء العدوان.

وكشفت مجلة “ذا ويك” الأمريكية عن دعم أمريكي للتصعيد العسكري الأخير في السواحل الغربية لليمن والاستهداف المستمر لميناء الحديدة واعتبرت المجلّة أن الرئيس ترامب لم يبادر فقط إلى الحفاظ على النهج الذي كان معمولاً به في عهد باراك أوباما لجهة “دعم الحرب السعودية الكارثية في اليمن”، بل ذهبت أبعد من ذلك في إظهار كل إشارة دعم وتأييد في اتجاه المزيد من التصعيد هناك.

أتجه البعض ممن يحملون في دمائهم هرمون العمالة والارتزاق الى القول: اين هي أمريكا ؟! وهذا السؤال الغبي ظل متكرر دائماً من أمراض النفوس الى إنّ جاء الجواب على لسان المتحدثة بأسم البنتاغون الامريكي بالقول: “البنتاغون”…. القوات ‎الأمريكية المنتشرة في ‎السعودية توفر الدعم لحماية حدود المملكة! البنتاغون….لن نكشف عن حجم قواتنا الخاصة داخل اليمن ولدينا قوات تساعد في العمليات الإستخبارية واللوجستية ودعمنا للسعودية مستمر!.

بعد أكثَر من ثلاثِ أعوام من الإنكار أعلنت أمريكا صراحة عن نفسها كشريك في العدوان على اليمن حيث جاء الإعلان الأمريكي عن طريق وزارة الدفاع الامريكية “البنتاغون” والتي تحدثت بكل وقاحة بأنها لن تكشف عن حجم قواتها الخاصة داخل اليمن، مشيرة إلى أن هذه القوات تساعد في العمليات اللوجستية والاستخبارية وكذلك تشارك في تأمين الحدود السعودية على حد تعبيرها مؤكدة في السياق ذاته أن دعمها للسعودية في حربها على اليمن سيستمر.

هذه التصريحات الأمريكية الصادرة عن البنتاغون جاءت عقب معلومات نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أكدت فيها مشاركة قوات خاصة أمريكية في مساعدة السعوديين على تدمير ما أسمتها مخابئ الصواريخ في اليمن حيث قالت الصَّحيفة في تقريرها أن قُوات أطلقت عليها اسم “القُبَّعات الخضراء” انخرطت في مَعارِك في شمال اليمن ضِد القُوات  اليمنية المشتركة في تأكيد واضح واعتراف صريح على مشاركة الطيران الأمريكي في استهداف اليمنيين تحت شماعة استهداف مخابئ الصواريخ وهو الأمر الذي يفسر لنا تلك النزعة الإجرامية للأمريكان الذين يديرون غرف عمليات العدو ويدفعون به لارتكاب المجازر والمذابح البشرية في حق نساء وأطفال اليمن دونما شفقة أو رحمة أو استشعار لفداحة وبشاعة هذه الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية.

واليوم ظهر الدور الأمريكي في العدوان على اليمن والذي لم يكن مقتصرا على تزويد مقاتلات النظام السعودي وتحالفهم العبري بالوقود، وتزويدهم بأحدث الأسلحة والعتاد الحربي عبر صفقات الأسلحة المبرمة بين الجانبين ولا على الدعم اللوجستي وإرسال الخبراء والمستشارين، صار الأمريكي اليوم هو اللاعب الرئيسي في هذا العدوان وهو من يقوم برصد وتحديد الأهداف وهو من يقوم بقصفها بواسطة الطيران الحربي أو عبر الطائرات الاستطلاعية المقاتلة التي تم نشرها في سماء اليمن لرصد تحركات أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية وقيادات الدولة.

نشرت مجلة بيز فيد “BuzzFeed News” الأمريكية تقريراً أعده مراسل التحقيقات والمحرر في المجلة الصحفي الأمريكي “آرام روستون” المختص بالشؤون العسكرية وترجمة وائل شاري، ونشر التقرير تحت عنوان“: هذا الأمريكي يعمل كجنرال لجيش أجنبي متهم بجرائم الحرب في اليمن.

وكشفت أن جيش الإمارات يدار بقيادة ضباط أمريكيين كبار وأن قُـوَّة الطيران الإماراتية يقودها الجنرال الأمريكي ستيفن توماجان الذي يتواجد الآن في اليمن متهمة إياهم بالمشاركة في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين اليمنيين وأوضحت أن ستيفن توماجان يتواجد في اليمن للإشراف على تنفيذ العمليات الجوية مشيرة أنه يدير فرع المروحيات العسكرية الإماراتية التي تقوم بعمليات عسكرية في العدوان على اليمن والمتهمة بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين.

مع مرورِ ثلاثة أعوام على العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني على اليمن أصبح واضحاً كالشمس في كبد السماء أن أمريكا واسرائيل هي من تعتدي على الشعب اليمني وتقتلهم وترتكب ابشع المجازر الوحشية بحقهم، وبمرأى ومسمع من الكل بلا استثناء غير مكترثة بالمواثيق الدولية وقوانين حقوق الانسان التي ضربت بها عرض الحائط.

بعد توضيح وبيان أن أمريكا تشارك في العدوان على اليمن يبقى التساؤل:

لماذا تشارك أمريكا في العدوان على اليمن؟

الإجابة على هذا التساؤل لا تحتاج الى تحليل دقيق فصراحة وحماقة ترامب قد وضحت ذلك في ان السبب الرئيس هو عبارة الموت لأمريكا التي ترعب أمريكا في مضاجعها.

 

مقالات ذات صلة