معهد بروکینغز: الدروس المستقاة من لقاء وزير الدفاع الأمريكي السابق مع الملك عبد الله

تقارير | 31 مايو | مأرب برس :

كتب معهد بروکینغز مقالاً للكاتب بروس ريدل تحت عنوان ” الدروس المستقاة من لقاء وزير الدفاع السابق مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل سعود”، معتبراً أنّ ما تضمّنه كتاب مذكرات غيتس هي معلومات في غاية الدقة ويبنى عليها كثيراً وتشابه الوضع الراهن.

وفي بداية مقال روس تحدث عن مذكرات وزير الدفاع الأمريكي السابق روبت غيتس، مشيراً إلى نقطة يجب الوقوف عندها كثيراً ضمن هذه المذكرات وهي مضمون اللقاء بين الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز وغيتس نفسه في صيف عام 2007، بعد مؤتمر شرم الشيخ في مصر، حيث احتج الملك في هذه الزيارة على سياسات إيران وكان يهدف إلى استفزاز أمريكا للقيام بهجوم عسكري كامل خارج المرافق النووية الإيرانية، لافتاً إلى أن غيتس قال صراحة إن الملك السعودي كان يطلب من أمريكا أن ترسل جنودها إلى الحرب مع إيران لحماية الموقف السعودي والسياسات السعودية في الخليج الفارسي والمنطقة وكأن الأمريكيين مرتزقة يعملون تحت أمر المال السعودي ويتم شراؤهم حسب أهواء الدول النفطية في منطقة الشرق الأوسط.

وفي جزء آخر من مذكراته، يؤكد غيتس أنه لا ينبغي لأحد أن يشرك أمريكا في حرب تخدم مصالح دول المنطقة، مؤكداً أنه فقد أعصابه ورباطة جأشه خلال حديثه مع الملك السعودي والسبب أن الملك عبدالله هدّد خلال هذا اللقاء، بأنه إذا لم تشنّ أمريكا هذا الهجوم العسكري فإن السعودية ستتخذ الإجراءات المناسبة من جانبها وباستقلال عن القرار الأمريكي، للدفاع عن مصالحها، كما رآها العاهل السعودي، مشيراً إلى أن حذره في ذلك الوقت كان نابعاً من المسؤولية والمنطق وليس من الضعف باعتبار أن للحرب دائماً عواقب لا تحمد عقباها ولذلك يستحق قرار الحرب التعامل معه بدم بارد لمنعها.

ويضيف الكاتب، لسوء الحظ عدنا لنسمع صفارات الإنذار من جديد في الشرق الأوسط والتي تشكّل مقدمة لحرب جديدة ذات خلفية مشابهة لكل الحروب السابقة، ودائما تبدأ واشنطن وحلفاؤها الهجوم بافتراض أن الحرب على بلد ما يمكن أن تخلق شرقاً مزدهراً مرفّهاً وينعم بالسلام من دون إرهاب، في حين أن الحربين الماضيتين اللتين شنتهما أمريكا في المنطقة لم تخدما سوى مصالح إيران وقدمت دفعة لطهران لتعزيز نفوذها.

ويعطي الكاتب مثالاً من عام 1982، عندما أكّد وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون أن الغزو الإسرائيلي بمساعدة أمريكية للبنان يمكن أن يؤدي إلى تدمير الحركة الفلسطينية، وانسحاب سوريا من لبنان، وتعزيز نفوذ الحكومة المسيحية المارونية، وبالتالي تصبح تل أبيب مرتاحة البال بشكل كامل من لبنان كما هو حال الأردن الذي تربطها علاقات جيدة مع “إسرائيل” ولكن بدلاً من ذلك، رأينا أن “إسرائيل” غرقت في مستنقع بيروت، والحكومة المسيحية التي دعمتها سقطت بعد قتل الرئيس اللبناني الذي دعمته بشير الجميل والسفارة الأمريكية في بيروت قصفت مرتين، وتم تدمير ثكنات البحرية الأمريكية، وفي النهاية ، تخلى الرئيس رونالد ريغان عن المشروع وانسحب خالي الوفاض كما لم تتمكن “إسرائيل” من تحقيق أهدافها.

وإيران التي كانت مشغولة بحربها مع العراق ومعزولة عن أغلب دول العالم بسبب هذه الحرب، تمكّنت من وضع الأسس القوية لإنشاء المقاومة الإسلامية في لبنان، وتمكّن حزب الله الآن من تحرير جنوب لبنان بالكامل وطرد المحتل الإسرائيلي منه بقوة السلاح، بالإضافة إلى ذلك، فإن إيران أصبحت الآن أقوى من أي وقت مضى في سوريا ولبنان.

ويطرح الكاتب بروس ريدل مثالاً آخر عن فشل الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط، ويقول في عام 2003، أكد زعيم المعارضة العراقية أحمد الجلبي أنه إذا غزت أمريكا العراق، فسوف يرحّب بها الشعب العراقي وسيوفر الأرضية للسلام بين العراق مع “إسرائيل”، بالإضافة إلى فتح الباب لتغيير حكم دمشق وطهران، لكن الرياح جرت بما لا تشتيها السفن الأمريكية، إذ خلّفت هذه الحرب كارثة أخرى لواشنطن التي غرقت بمستنقع دموي في العراق سيجعلها تفكّر ألف مرة قبل شنّ حروب في المنطقة، وبدلاً من أن يكون هناك سلام بين “إسرائيل” والعراق، انخرطت بغداد في تحالف قوي مع إيران التي أصبح لها كلمة مسموعة عند العراقيين.

أما الآن فإن قرار ترامب بالخروج من الاتفاق النووي مع إيران أثلج صدور الإسرائيليين والسعوديين على حد سواء، ويريد كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القيام بالمزيد من أجل إنهاء الصفقة النووية، كلاهما متورط الآن مع إيران وحلفائها في سوريا واليمن.

 والوضع الراهن مشابه لما كان عليه خلال لقاء غيتس مع الملك عبد الله عندما أراد الملك السعودي التعامل مع الأمريكيين كمرتزقة ويجب على الأمريكيين أن يستقوا الدروس من ذلك اللقاء رغم محاولة البعض (ترامب) جعلهم يعيشون بالأوهام، ولكن قرار الانسحاب من الاتفاق من شأنه أن يمهّد الطريق الكارثي لأحداث عامي 1982 و 2003.

الوقت التحليلي

مقالات ذات صلة