«ناشونال انترست»: أي مشهد سياسي ينشده «التحالف» من معارك الحديدة؟

تقارير | 27 يونيو | مأرب برس :

استعرضت مجلة «ناشونال انترست» أبرز مجريات معارك الساحل الغربي في اليمن، مشيرة إلأى أن القتال الدائر في الحديدة، يعد «محاولة لتحسين المواقف الميدانية» لكل من الرياض وأبوظبي قبل استئناف المسار التفاوضي لحل الأزمة اليمنية في المستقبل، مع تشديدها على وجود جملة محاذير وتعقيدات سياسية وإنسانية محيطة بآفاق تلك المعارك.
وشرحت المجلة الأمريكية أهداف «التحالف» من العمليات العسكرية المتواصلة في الحديدة، مشيرة إلى أن المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، والواقعة على البحر الأحمر «برزت كنقطة محورية في مناورة التحالف، الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية، الرامية إلى تعزيز قبضته في مواجهة حركة أنصار الله»، وذلك من خلال سعي دول «التحالف» خلف جملة أهداف من بينها: «طرد الحوثيين من موقع استراتيجي على امتداد الساحل الغربي، واستخدام المدينة كقاعدة رئيسية للعمليات العسكرية»، إلى جانب تدعيم جهودها لـ«إنهاء التهديد الصاروخي للأراضي السعودية، والتجمعات السكانية» انطلاقاً من اليمن.
كذلك، ومع الإشارة إلى وجود محاذير مرتبطة بالعملية العسكرية في الحديدة، شددت المجلة على أنه في حال نجحت قوات «التحالف» في السيطرة على الحديدة، وفي قطع خط إمداد جماعة «أنصار الله» عبر المدينة، فإن ذلك «سوف يسهم في تعزيز الوضع العسكري العام» لتلك القوات، في ما يخص مستقبل الصراع على النقاط الاستراتيجية الهامة في البلاد، مثل صنعاء، وتعز، إلى جانب معقل «الحوثيين» في المناطق الشمالية، فضلاً عن أن ذلك سوف يجعل من مهمة «التركيز على إضعاف الجماعة في المناطق المشار إليها، مسألة أكثر سهولة»، هو الأمر الذي «يمكن أن يساعد قوات التحالف كثيراً في المفاوضات المستقبلية».
إلى ذلك، نبّهت «ناشونال انترست» من أن «إحكام السيطرة على الحديدة من جانب المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة قد تكون له تبعات غير مضمونة على كليهما»، ذلك أن الأمر من شأنه أن يترتب عليها «تحميلهما المسؤولية الكاملة عن توزيع كميات هائلة من المساعدات» لما لا يقل عن 8 ملايين يمني معرضين لخطر المجاعة، بحيث «لن يعود في مقدورهما مواصلة اتهام الحوثيين بإطالة أمد الأزمة الإنسانية في البلاد»، على خلفية مزاعم سوء إدارة جماعة «أنصار الله» عملية توزيع المساعدات الإغاثية المقدمة من الجهات الدولية المانحة.
وفي هذا الإطار، أكدت المجلة أن «التحالف»، شأنه شأن حركة «أنصار الله»، يتحمل مسؤولية تفاقم الأوضاع الإنسانية هناك، مضيفة أن «إطلاق مزاعم بأن سيطرة التحالف على الحديدة سوف يغير الوضع (الإنساني)، يمكن عده ضرباً من التمني».
وتحت عنوان: «ما بعد الحديدة»، وفي إطار محاولات «ناشونال انترست» رسم ملامح المشهد السياسي الذي سيخلف معارك الساحل الغربي، عبّرت المجلة عن خشيتها من ان تكون معركة الحديدة، ترتبط بـ«هدف آخر» مغاير للعناوين المعلنة حول التصدي للنفوذ الإيراني في اليمن، ويتصل بشكل وثيق بوجود رغبة سعودية- إماراتية في «فرض سيطرة تامة على اليمن».
وأضافت المجلة أنه «بمعزل عن التطورات المتعلقة بالوضع في الحديدة، فإن كلاً من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة لا تزالان تواصلان (نهجهما) الغامض بشأن ما ينويان القيام به إزاء اليمن، علاوة على (رغبتهما) باحتواء الحوثيين»، لا سيما في الشق المتعلق بموقفهما من مستقبل حكومة هادي، مضيفة أن العملية العسكرية في الحديدة تشكل «أول تنسيق للجهود الثنائية بين الرياض، وأبوظبي عقب الإعلان عن تشكيل مجلس التنسيق السعودي- الإماراتي» في مدينة جدة السعودية في السادس من الشهر الجاري.
وبالحديث عن مستقبل حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي هادي، أشارت «ناشونال انترست» إلى أن عودة هادي إلى عدن عشية إطلاق عملية الحديدة، لم تكن طوعية، بل جاءت من أجل «إضفاء الشرعية على الخطط السعودية والإماراتية» للمدينة، وللبلاد ككل، مشيرة إلى أن الرجل «قد يكون في طور الخروج (من المشهد السياسي)»، وأن أحمد صالح، نجل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، «يمكن أن يخلفه»، وذلك في ضوء نشوء «علاقة خاصة» بين صالح، الذي سبق له أن شغل منصب قائد «الحرس الجمهوري» اليمني، إلى جانب عمله كسفير لليمن لدى أبوظبي، وبين ولي عهد إمارة أبوظبي محمد بن زايد، عقب مقتل الرئيس صالح العام الماضي على أيدي مقاتلي «أنصار الله».
وبحسب المجلة، فإنه وعلى الرغم من أن طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق، هو الذي يتولى قيادة العمليات العسكرية في الحديدة، فإن أحمد صالح، يبقى الشخصية التي تحظى بـ«الثقة الكاملة» لدى الرياض، وأبوظبي، مشيرة إلى مساعي العاصمتين لرفع العقوبات الدولية عن الأخير من أجل تهيئة الأرضية لجعله «مقبولاً على المستوى الدولي»، تزامناً مع خططهما لـ«تسهيل إخراج هادي (من الحكم)، لصالح الرجل الأصغر سناً، والذي يحظى بعلاقات قبلية أفضل»، في إشارة إلى أحمد صالح.
وفي سياق متصل، رجّحت المجلة أن ينطوي «السيناريو المحتمل» المشار إليه أعلاه، على جملة «تعقيدات»، بسبب العلاقة التي تربط بين الإمارات العربية المتحدة ، و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، الساعي للانفصال عن اليمن، خصوصاً في ظل «التناقض الصارخ» بين عضوية أبوظبي في «التحالف» الداعم لحكومة هادي من جهة، وبين دعمها للمطالب الانفصالية للمجلس. وأردفت المجلة أن «معالجة التناقض» الذي يعتري أجندة أبوظبي في اليمن، «قد تكون أسهل» في حال وجود رئيس يمني بمواصفات أحمد صالح، الذي «قد يتمكن، وبفضل قوته القبلية والمؤسساتية، من خلال تعيين (أعضاء) المجلس الانتقالي الجنوبي في مناصب حكومية في المستقبل، أو حتى منحهم وعوداً بالحكم الذاتي في إطار اليمن الموحد».
وتابعت المجلة أنه بموجب السيناريو الموضح أعلاه، فإنه سيكون لدى الرياض، وأبوظبي «رئيساً يمنياً، يدين لهم بالفضل والولاء»، بحيث يحفظ مصالح المملكة العربية السعودية في إبقاء اليمن «موحداً».
وعن العامل الأمريكي في الأزمة اليمنية، ذهبت المجلة إلى أن إدارة ترامب سوف تنظر إلى سيطرة «التحالف» على الحديدة، باعتبارها «خطوات مرحب بها، ضمن أجندة ترامب المعلنة لتقليص نفوذ إيران في المنطقة»، مبدية استغرابها من عدم نجاح ضغوط الكونغرس الأمريكي في دفع الإدارة الأمريكية إلى تغيير طريقة تعاملها مع «الحرب المدمرة» في اليمن.

(العربي)

مقالات ذات صلة