سقوط الحلم الإسرائيلي في الحديدة

مقالات | 30 يونيو | مأرب برس :

بعد حرب تموز/ يوليو 2006 التي أصبح نموذجها يدرّس في الكليات العسكرية كأحد أهم نماذج الحروب بين مجموعات مقاومة وبين جيش كلاسيكي كان يعد من الأهم في العالم، يبدو أن الدراسات العسكرية سوف تبدأ بالحديث عن اليمن كنموذج منقطع النظير بإرادة القتال في بيئات مختلفة جبلية ومائية وبرية لتحقيق أهداف استراتيجية أو إسقاط أخرى.

تعرف الاستراتيجية بأنها الأطر النظرية التي تمّكن الدولة من التفوق وتحقيق الأهداف، والتي يتعامل بها القادة من أجل بلوغ الأهداف الكبرى التي يسعون إلى تحقيقها. ساد الدراسات الاستراتيجية السمة العسكرية في تحديد المفهوم والأبعاد، ومن أبرز ما يعبّر عن ذلك التعريف الذي أورده كلاوزفيتز الذي عرّفها بأنها “استخدام الاشتباك كوسيلة للوصول إلى هدف الحرب”.

والاستراتيجية التي تقوم على وضع الخطط العسكرية هي كما يقول “كريستوفر لاين” “العملية التي تقوم بها الدولة من أجل المطابقة بين الغايات والوسائل سعياً إلى تحقيق الأمن”. هذه الاستراتيجية التي يضعها قادة الحرب ليس بالضرورة أن تكون من الطرف المهاجم في المعركة، بل إن الخطط الاستراتيجية الأبرز قد تكون على الأغلب من قادة الأطراف المقاومة لهذا الهجوم.

لقد شهدنا أهمية هذه الخطط الدفاعية التي تتحول في لحظات خاطفة إلى هجوم مضاد لزحف العدو، وأمثلتها كثيرة من فيتنام إلى المقاومة في لبنان ومن ثم سوريا والعراق وصولاً إلى اليمن، حيث في نماذجها المختلفة تمكن القادة الاستراتيجيون من وضع خطط مرّغت أنف العدو في التراب، وهذا ما أثبته المقاتلون اليمنيون في مواجهة الة الحرب السعودية الإماراتية التكفيرية التي استمدت خططها من الاستراتيجيين الأميركيين والاسرائيليين والتي فشلت على أعتاب الحديدة وكأن فيتنام عادت من جديد وكأن ذلك النصر الالهي في تموز أحياه اليمنيون اليوم.

لقد وضع الاستراتيجيون الأميركيون والإسرائيليون خططاً استراتجية كبرى للسيطرة على الحديدة لما لها من أهمية كبرى على الخريطة الممتدة على طول البحر الأحمر والتي تستطيع في ممراتها المائية الربط بين دول عربية وإفريقية وبالتالي بينها وبين فلسطين المحتلة.

هذا الهدف المتقدم الذكر يحتاجه الصهاينة على وجه التحديد في عملية التطبيع القادمة التي تحصل في ظل صفقة القرن لفتح ممرات سهلة بينها وبين الدول العربية المطبعة. وهذا ما ينبع من أهمية الموقع الجغرافي في الدراسات الاستراتيجية، حيث يشير فريدريك راتزل إلى أن “لطبيعة المساحة أثراً مهماً في نشوء الدول الكبيرة”. وهو الذي يرى أن الحدود والتخوم السياسية هي مرآة قوة الدولة أو ضعفها وتختلف الحدود عن التخوم.

وإذا نظرنا بتمعن إلى خريطة الحديدة وما يحصل في الساحل الغربي سوف نفهم بوضوح ما يحصل هناك من معارك وجرائم، حيث يكمن الهدف الأميركي بالسيطرة على الحديدة كمقدمة للسيطرة على كامل خليج عدن وباب المندب لما لهما من أهمية جغرافية مائية، وذلك لكي يصبح الطريق البحري سالكا بين كيان العدو ودول التطبيع _ التي تشارك “إسرائيلَ” وأميركا في صفقة القرن حيث كان لقاء محمد بن سلمان ونتنياهو في الأردن يصب في هذا السياق _ وكذلك الربط مع دول افريقية كاريتريا وجيبوتي والصومال لأنها هامة جدا لـ”اسرائيل”. وهكذا يتم التأمين على كيان العدو من جهة المياه الدولية عبر البحر الأحمر، وفي المقابل تكون قوى العدوان بعد السيطرة على الحديدة وخليج عدن قد استطاعت ايضاً محاصرة صنعاء وبالتالي صعدة، وتحاصر في المقابل إيران عبر محاولات إغلاق الطريق من مضيق هرمز إلى بحر فارس، ولذلك فإن الانتصار اليمني في هذه المعركة تحديدًا لا يقل أهمية عن انتصار تموز في لبنان لأنه يسقط مشروع الشرق الأميركي الإسرائيلي.

مما تقدم تأتي أهمية الانتصارات التي يحققها اليمنيون على قوى العدان، حيث حولت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، تقدم الغزاة في الشريط الساحلي إلى عملية استدراج كبرى. وما يدل على الأهمية الكبرى لهذه المنطقة والمعركة التي تجري والصمود اليمني العظيم إشادة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بالإنجاز العظيم الذي حققه المجاهدون اليمنيون، حيث تمنى سماحته أن يكون مقاتلاً من مقاتلي اليمن تحت راية قائدهم الشجاع.

(العهد الأخباري)

مقالات ذات صلة