معركة الساحل الغربي.. حذار الفخ الاماراتي

مقالات | 3 يوليو | مأرب برس :

كان دائما للامارات العربية المتحدة دور أساس الى جانب السعودية في تحالف العدوان على اليمن، وحيث كانت الدولتان تتوزعان الادوار الديبلوماسية والميدانية والعسكرية في هذه الحرب، لا شك أن الأولى تقود حاليا وبامتياز معركة العدوان في محاولاته المجنونة  للسيطرة على الساحل الغربي من اليمن، وبشكل رئيس في محاولة السيطرة على مدينة الحديدة.

 

من هنا يمكن التوقف وباستغراب، عند أهداف وحقيقة تصريحات وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية، والذي أفاد بأن دولته أوقفت عملياتها مؤقتا في الساحل الغربي لليمن، من أجل “افساح المجال لجهود المبعوث الاممي مارتن غريفيث في محاولاته لايجاد حل او تسوية” حسب زعمه.

 

ما هي أسباب هذه التصريحات الغريبة، في الوقت الذي وصلت فيه الاشتباكات على الساحل الغربي بعنفها وبشراستها – وبانخراط واسع للوحدات الاماراتية – الى مستوى غير مسبوق، مقارنة مع أغلب المعارك في اليمن حتى الآن؟ وهل يمكن اعتبار هذه التصريحات جدية و يمكن البناء عليها في امكانية التوصل الى حل سياسي، أم أنها جاءت تغطية لمناورة تحضر لها الامارات لمحاولة الخروج من مستنقع الساحل الغربي؟

 

ميدانياً، وصل العدوان ومرتزقته الى حائط مسدود في معركة الساحل الغربي، وحيث كان قد سخّر لها جهوداً عسكرية واعلامية ضخمة، وفشل في إحراز أي تقدم جدي له معنى ميداني، هو اليوم يعمل جاهداً لفك الحصار عن وحداته المطوقة في أكثر من نقطة على كامل امتداد هذا الساحل، وقد تكون انحصرت أهداف عملياته الخاصة وتغطيته الجوية والبحرية، فقط بتأمين غطاء ناري لسحب تلك الوحدات بالكامل.

 

من ناحية أخرى، لا شك أن هناك دوراً وتأثيراً مهماً لرسالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على تصريحات وزير الخارجية الاماراتي، وحيث جاءت رسالة السيد بمعناها الوجداني لناحية الدعم والتضامن، أو ببعدها الاستراتيجي في توصيف الحرب وما آلت اليه من هزيمة وفشل للعدوان، أو ببعهدها الميداني في تصوير ما يقوم به أبطال الجيش واللجان الشعبية ووحدات انصار الله في هذه المعركة غير المتكافئة الامكانيات بالمعجزة الميدانية، لتزيد موقف دول العدوان وعلى رأسهم الامارات العربية ارتباكا، وتدفعهم للبحث عن مناورة تكون مخرجاً لورطتهم في الساحل اليمني، أو سبيلاً لتحقيق انتصار معين في معركة يائسة أو خاسرة حتى الآن، فكانت هذه التصريحات المفخخة.

 

في الحقيقة، وبالعودة لمسار الحرب على اليمن منذ بداياتها، استخدم العدوان أسلوب المناورات الخبيثة للسيطرة على العديد من النقاط والمواقع والمناطق، كان قد عجز عن الفوز بها في المواجهات العسكرية والميدانية المباشرة، ويمكن سردها بشكل مختصر على الشكل التالي:

 

– مناورة في جنوب اليمن، للايحاء بأن فصائل ووحدات الحراك الجنوبي سوف تستلم مدن ومؤسسات الدولة في الجنوب، وخاصة في عدن ولحج وغيرها، انسحبت على اثرها وحدات الجيش واللجان الشعبية وانصار الله من تلك المناطق الجنوبية، لتفاجأ الأخيرة بدخول وسيطرة شبه كاملة للتنظيمات الارهابية، مع وجود خجول لوحدات هادي، وبرعاية سعودية واماراتية في النقاط الاستراتيجية وفي المواقع العسكرية الرئيسية.

 

– مناورة ما بين مأرب والجوف، تم تغطيتها بمباحثات واسعة من التفاوض ، قادتها الأمم المتحدة بشخص مبعوثها السابق اسماعيل ولد الشيخ احمد، وتظاهرت خلالها السعودية والامارات بجديتها في الوصول الى حل سياسي، وفي نفس الوقت تقدمت وحدات العدوان ومرتزقته في محافظتي مأرب والجوف بعد زج حشود ضخمة مدعومة بتغطية جوية كاسحة.

 

– مناورة في المخا على الساحل الغربي، وبطريقة مشابهة لما جرى شرقا في مأرب وجنوبا في عدن، تحت ستار وغطاء مباحثات ومفاوضات للوصول الى تسوية، تم تنفيذ تسلل واسع مع عمليات انزال مدعومة بتغطية جوية وبحرية ضخمة، تقدمت من خلاله وحدات العدوان ومرتزقته في بعض مناطق جنوب تعز والمخا.

 

اليوم، وبطريقة مماثلة لمناورات تحالف العدوان في مأرب والجوف والمخا وعدن ولحج، تقوم المناورة الاماراتية على العناصر التالية:

 

– التصريح بوقف العمليات العسكرية وافساح المجال لمبعوث الامم المتحدة للوصول الى حل سلمي، والهدف إشغال الجيش واللجان الشعبية اليمنية بذلك التصريح ، ومحاولة تخفيف حشوده و تحضيراته الواسعة لتثبيت مدافعته عن الساحل الغربي وخاصة عن الحديدة.

 

– خداع الجيش واللجان الشعبية وأنصار الله بنقل العمليات العسكرية شمالا، من خلال تكثيف الضغط والتحرك الميداني على جبهتي: معبر علب باتجاه باقم في صعدة، ونهم شمال شرق صنعاء، لمحاولة إبعاد التركيز عن جبهة الساحل الغربي أو تخفيف هذا التركيز.

 

– التحضير اللوجستي والعسكري والميداني لتنفيذ سلسلة من العمليات الخاصة الخاطفة (إبرار وانزال) على عدة نقاط حيوية من الساحل الغربي، والتي تعتبر نقاطاً مفصلية في جبهة الدفاع عن هذا الساحل وهي:

– مفرق العكيش – قرية الحرز والواقع شمال حيس مباشرة، والهدف مسك المحور الأساسي شرق الساحل بين “الحيس” و”زبيد” من جهة، ومسك المحور الاساسي المتجه شرقا باتجاه أب من جهة اخرى.

 

– منطقة زبيد الاستراتيجية، والتي حاولوا حتى الآن تنفيذ أكثر من عملية انزال في محيطها، والهدف مسك النقطة الوسيطة المشرفة على الساحل الغربي بين المخا والحديدة، والتي تؤمن في نفس الوقت للوحدات المهاجمة التوغل شرقا باتجاه “دمار”.

 

– الدريهمي، والتي تشكل حتى الآن عقدة التحالف في محاولته الفوز بها، كنقطة ارتكاز أساسية ومفصلاً رئيساً في الضغط على الحديدة  من الجنوب الشرقي.

 

– توسيع رأس الجسر على الساحل مباشرة جنوب غرب مطار الحديدة في منطقة المنظر، بهدف تكوين قاعدة انطلاق واسعة لمعاودة مهاجمة المطار من الجنوب والغرب.

 

ربما ترمي الامارات في مناورتها هذه الالتفاف على انجازات الجيش واللجان الشعبية وانصار الله في معركتهم للدفاع عن الساحل الغربي، ولكن، لا شك أن هؤلاء قد خبروا تلك المناورات كما خبروا وباتقان المواجهة العسكرية في هذه الحرب الظالمة على بلادهم، وهم جاهزون للرد في الميدان كما هم دائما جاهزون لاي تسوية سلمية صادقة.

مقالات ذات صلة