الطفولة المذبوحة والحقوق المنتهكة .. والصمت العالمي

مقالات | 11 سبتمبر | مأرب برس :

بقلم / مطهر يحيى شرف الدين :

هناك في كربلاءات عديدة سفكت الدماء الطاهرة البريئة واغتالتها دول تحالف العدوان وارتوت من تلك الدماء الأرض التي سينبع منها زلزال الدم البريء الثائر ويتفجر بركان الغضبُ المحرق لكل دول الاستكبار وأنظمتها وأدواتها التي أوغلت وتمادت في العصيان للإنسانية والتكبر والتجبر على عباد الله المستضعفين ، هناك في البقعة المباركة محافظة صعدة والدريهمي ارتكب تحالف العدوان بقيادة السعودية أكبر ثلاث جرائم بحق الطفولة في تاريخ البشرية ذهب ضحية كل منها العشرات من الأطفال القتلى والعشرات من الأطفال الجرحى.

أولى هذه الجرائم كانت بداية العدوان على اليمن وبالتحديد في تاريخ 3/6/2015 حيث استهدف التحالف بالقصف آل العرم بوادي صبر م/ صعدة، وفي جريمة ثانية استهدف العدوان مدينة ضحيان التاريخية قبل أسبوعين مستهدفاً بالقتل والإبادة العشرات من الأطفال كانوا صباحاً على موعدٍ مع النزهة فأضحوا مساءً شهداء بين يدي الله ورحمته ، وفي جريمة ثالثة وقبل عدة أيام كان لطائرات العدوان موعد غادر وجبان مع أطفال آخرين نزحوا مع أهاليهم من الدريهمي تم قصفهم وإبادتهم ومعهم أربع نساء إضافة إلى ارتكاب دول العدوان للآلاف من الجرائم بحق مدنيين أبرياء ، وصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة وتغنيها بمواثيقها واتفاقياتها ومبادئها الأممية هو ما نراهُ ونسمعهُ ضجيجاً إعلامياً واستعراضياً باستثناء عدد من الإدانات التي تصدر عن المنظمات الدولية على استحياء ودون اتخاذ موقف جاد وعملي يسعى إلى تحرك دولي يهدف إلى تعقب ومساءلة مرتكبي الجرائم.

ولعل تقرير الخبراء الدوليين الأخير الصادر عن مفوضية حقوق الإنسان يحمل في صفحاته انتهاكات وجرائم دول التحالف ويتهم فيه زعامات وقادة عسكريين لتلك القوى بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب اليمني ، وبالتأكيد أن الشعب اليمني الحر لن يعول على تقرير قد يكون هدفه إما ابتزاز دول النفط الخليجي وإما استعراضا لامتصاص غضب الشعوب الحرة التي تشكل ضغطاً على الأمم المتحدة المطالبة بإيقاف العدوان وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة تضمن مخرجاتها عدم إفلات المجرمين من العقاب ، وبالمناسبة وأمام المواثيق والاتفاقيات الدولية والمبادئ الأممية والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فقد لفتت انتباهي ورقة عمل قدمتها الدكتورة هدى العماد رئيسة منظمة رائدات العدالة للحقوق والتنمية في فعالية الطفولة المذبوحة أمام صمت عالمي وعدوان وحشي والتي أقيمت قبل عدة أيام أكدت في مطلع ورقتها استنكار عدم وجود تطبيق تلك القوانين والاتفاقيات والصكوك الدولية على أرض الواقع مشيرة إلى أن أول من أعلن حقوق الإنسان وحرياته هو نبي هذه الأمة محمد صلوات الله عليه وآله خلال خطبته في حجة الوداع حين قال: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، فدل ذلك على شدة تحريم هتك العرض وحرمة التعدي على النفس والمال فكان ذلك التشريع وتلك الأوامر حقوقا إنسانية يجب احترامها وعدم المساس بها وعامل ردع وزجر لمن يمارس السلوكيات والأفعال العدائية على الآخرين وحقوقهم ، وتعزيزاً لذلك وإقامةً للحُجة على المجتمع الدولي وعلى الأمم المتحدة وميثاقها العليل ألقيت في ذات الفعالية رسالة أطفال اليمن إلى المجتمع الدولي تضمنت الرسالة أسئلة عديدة واستنكاراً لعدم تطبيق القوانين و الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل والمبادئ الأممية التي تخدم ضحايا العدوان ودورها في حماية حقوق الإنسان ، وقد وجهت الرسالة عدة أسئلة للمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان و إلى مجلس، الأمن إن كان لا يزال هناك أمن في هذا العالم، وإلى مسؤولي المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية إن كان لا يزال هناك ذرة من إنسانية أو بقية من حقوق ، يرسلون الرسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة إن كان لا يزال هناك ضمير لدى هذه الأمم وفي الرسالة يسأل الأطفال:

أين أنتم من اتفاقية حقوق الطفل وأين أنتم من جرائم العدوان بقيادة السعودية على اليمن ، وما موقف هذه المنظمات من الانتهاكات والمجازر المرتكبة بحق الإنسانية ، ماذا ستفعل وما هو دورها وردها على المجزرة التي حصلت مؤخرا بحق الأطفال الطلاب بضحيان وبحق الأطفال النازحين من الدريهمي وقد ذهب ضحية كل منها العشرات من الأطفال قتلى وجرحى ، يرسلون هذه الرسالة ولسان حالهم يتحدث عن الحق في العيش بأمن وكرامة وحرية والحق في الحياة بعيداً عن أزيز الطائرات الحربية التي تجوب فضاء اليمن ليل نهار ، والحق في الخروج إلى البيئة النظيفة الخالية من مخلفات وعوادم صواريخ وقنابل العدوان والحق في الحصول على الغذاء دون بحث و عناء ، وحق التسلية والترفيه دون الإحساس بالخوف والرعب من قصف طائرات العدوان..

أسئلة فعلاً تتحدث عن بحث للحقوق التي لم نجد لها وجوداً أو تطبيقاً على الواقع إلا في صكوك دولية مكتوبة ليس إلا ، ولذلك فإن الحقوق التي يفتقد إليها أطفال اليمن هي بلا شك ما تم الإعلان عنها في اتفاقية حقوق الطفل بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والموقع عليها في نوفمبر 1989م ، وبالتالي يتحتم علينا القول والتساؤل: هل تلك الجرائم المروعة بحق الطفولة وما خلفته من آثار كارثية هي ضمانة الأمم المتحدة للطفل بالحماية والرعاية ! وهل أصبحت تلك الجرائم والمجازر تترجم إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924م و إعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1959م.

أيتها المنظمات الدولية جميعنا يعرف أن أقصى ما تستطيعون قوله بعد كل تلك الجرائم هو المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية إزاء الجرائم المرتكبة وأقل ما تستطيعون قوله هو المطالبة بوقف الحرب والاستنكار والشجب على استحياء ودون أدنى إلحاح وجدية ، وهكذا يستمر ديدنكم إلى أن يتم خنق الشعب اليمني وإبادته ، وعلى كل حال إذا لم يكن لمنظماتكم الدولية موقف جاد وتتخذ إزاء الجرائم إجراءات عملية سريعة تنتهي بإيقاف العدوان وفتح ملفات تحقيق دولية تفضي إلى تعقب ومساءلة مرتكبي الجرائم فلتذهب مواثيقكم واتفاقياتكم وإعلاناتكم أدراج الرياح فليست مواثيقكم واتفاقياتكم أغلى وأعز من دماء أطفالنا ونسائنا ورجالنا ، وسيبقى الحشد والقتال والدفاع هو سبيلنا الوحيد وستظل المواجهة قائمة في أوجها وأشد بأساً وتنكيلاً بأعداء الله إلى أن يتحقق نصر الله لعباده المؤمنين ولو بعد حين .

مقالات ذات صلة