الشهيد القائد ثورة جهادية وثروةٌ علمية شاملة

أمة الملك الخاشب

 

كلُّ ما نحن فيه وكلُّ تقدم وكلُّ تصنيع وكلُّ عز وكلُّ نصر وكلُّ صمود وكلُّ قافلة تخرج وكلُّ تذكير للمجتمع بالارتباط بالله تعالى، وكلُّ صاروخ ينطلق وكلُّ طيران يحلق بكلِّ عز، وكلُّ مشهد انتصار وغنائم وكلُّ تقدمات أسطورية تخالف القواعدَ المتعارف عليها، وكلُّ ذكر للأنصار اليمنيين في مشارق الأرض ومغاربها، كُـلُّ هذا يعود أجره وفضله لمن أسّس بنيانَ هذه المسيرة القرآنية للشهيد القائد الحسين بن بدر الدين الحوثي -رضوانُ الله عليه- وأرضاه وجزاه الله عنّا خيرَ الجزاء.

 

ففي ذكرى الشهيد القائد نستطيع أن نقول وبكل فخر، بأن الموسوعةَ العلمية الشاملة التي تركها لنا الشهيدُ القائد أسّست ليمن عظيم وكانت النواة التي مشروعها الانتقال باليمن من بلد ضعيف خانع واقع تحت السيطرة الأمريكية والوصاية السعودية، إلى يمن عزيز مقاوم صمد في وجه هذا العدوان الذي مرَّ عليه خمس سنوات، وأصبح أملاً لكلِّ شعوب المنطقة ومدرسة في الحرية والاستقلال وفرض السيادة

 

فلو لم نكن نمتلك هذه الثروة العلمية الهائلة من مخزون محاضرات الشهيد القائد التي تخرّج منها رجالٌ لا يهابون الموت، رجال يعشقون الشهادة وتواقون لميادينها، يتنافسون من سيقدم أكثر؛ من أجلِ الفوز برضا الله يتنافسون في ميادين النهضة ببلدهم وحتى رؤية ومشروع رئيس الشهداء صالح الصماد “يد تبني ويد تحمي”، كانت إحدى ثمار هذا المشروع العظيم الذي أسّس أركانَه الشهيدُ القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوانُ الله عليه-.

 

كانت الثقافةُ الوهابية قد غزت المجتمعَ اليمنيَّ مثله مثل بقية المجتمعات، وجعلت من القرآن الكريم مجرّدَ كتاب يقرأ في العزاء أَو في شهر رمضان ليزيد الحسنات على حدِّ زعمهم , وكان الأعداء قد أفرغوه من دوره الحقيقي وفصلوا الأمةَ عنه بالتدريج، وكان الواقع مزرياً ومحزناً وليس ذاك الواقع نتاج حدث أَو نتاج شخص لكن الواقعَ الذي وصلت إليه الأمةُ كان نتيجة تراكمات وأخطاء كبيرة شخّصها الشهيدُ القائد وذكرها وربطها بالآيات القرآنية، ولم يكتفِ بالتشخيص وكفى بل سعى في محاضراته لإيجاد الحلول والمعالجات التي تستطيع الأمةُ جميعها أن تتخذها منهجاً وسلوكاً وفكراً لتعودَ لوضعها الطبيعي السيادي بين الأمم، حيث وصفها الحقُّ تعالى بأنها خير أمة أُخرجت للناس.

 

من ثمار المشروع القرآني رجال صدقوا ما عاهدوا اللهَ عليه، سطروا المعجزات على مدى سنوات العدوان عليهم منذُ العام 2004 وحتى يومنا هذا، فالعدوان على اليمن لم يبدأ من تاريخ 26 مارس 2015 كما هو واضح، ولكن العدوان الحقيقي الذي لم يكن له أيُّ مصوغ قانوني ولا دستوري وكانت جميعها حروباً عبثية ظالمة قادتها أمريكا بغطاء النظام آنذاك، كانت تلك الحروب الست التي شُنّت على محافظة صعدة المدينة الأبية الشامخة هي بداية العدوان على يمن الإيمان وعلى المشروع القرآني، الذي يهدفُ لإنقاذ الأمة من الهيمنة الأمريكية التي كانت هي السائدة آنذاك.

 

وقد كشفت الأحداثُ المتواليةُ حقيقةَ كُـلِّ ما حذّر منه الشهيدُ القائد من خطر سيطرة أمريكا على اليمن، وذلك بعد كشف جزء من حقيقة تدمير سلاح الجو اليمني ومن خطر استهداف الحرم المكي وإبعاد المسلمين عنه بالتدريج، وتحت عدة أعذار منها الأوبئةُ وهذا ما حصل بالضبط وما تأمله كُـلّ المسلمين في صمت وتفكر، وسيهدي اللهُ من يريد الهدايةَ ومن يريد معرفة الحقيقة التي لا يزال هناك للأسف كثيرون غائبين عنها , فالرجلُ الذي يرى بعين القرآن لا شكَّ أنه لم يكن حليفاً فقط للقرآن ولكنه كان رفيقاً ملازماً له يحظى بتأييد منزِّل القرآن.

 

فعلى سبيل المثال غيّرت محاضرة محياي ومماتي لله رب العالمين آلافَ الأشخاص الذين وصلهم ذلك الهدي منذُ بداية انطلاقته عندما كان محرماً تداوله وحتى يومنا هذا, وضرب المجاهدون الأوائل أروعَ الأمثلة في ثباتهم على مواقفهم وجهادهم في سبيل الله وبوقوفهم أمام آلة الحرب القاتلة التي كانت كفيلةً بمحو مدينة صعدة من الخارطة، ولكنهم صمدوا وجاهدوا وضحّوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الانتصار لقضيتهم التي أمنوا بها، وكانت آلةُ الإعلام المحلية التي بيد النظام تشتغل بضخ الأكاذيب والإشاعات التي سرعان ما تلاشت وسقطت واتضح زيفُها لكلِّ الشعب بعد اعتذار الحكومة اليمنية رسمياً في 2013 عن حروب صعدة، واعتبارها حروباً عبثية وتكشفت الكثير من الحقائق التي حاول العدوُّ إخفاءَها، وتعرّف الشعبُ على الأنصار وعلى مبادئهم عن قرب، ولم يمضِ سوى أقل من عامين على ذاك الاعتذار حتى قام العدوانُ على كُـلِّ اليمن لنفس الأسباب ونفس العدوّ.

 

ومثلما سطّر المجاهدون الأوائل في صعدة المعجزات وهم قلة مستضعفون في الأرض، بالمثل بعد العدوان على اليمن سطر المجاهدون المواجهون لتحالف 20 دولة تقوده أمريكا وصمدوا 5 سنوات كاملة، ومستعدون للصمودِ سنوات قادمة أكثر مع تطويرٍ للقدرات العسكرية تحت قيادة شقيق الشهيد القائد السيد عبدالملك الحوثي، الذي قاد السفينةَ بعد استشهاد ربانها وقائدها المؤسّس الأول لها الحسين بن بدر الدين الحوثي، الذي وصفه والده العلامة الرباني بدرالدين الحوثي بأنه أحكمُ أبنائه وبأن لا يرد بعد كلمته كلام.

 

أولئك الرجال خريجو تلك المدرسة القرآنية التي أسّسها الشهيدُ القائد لو نزلت معهم الميادين لشاهدت عجب العجاب، لشاهدت معجزات وآيات الله تتحقّق أمام ناظريك، لشاهدت زمن الأساطير والمعجزات عاد ويتجسّد أمام ناظريك، وإن زرت رياض شهدائهم تشعر وكأنك دخلت عالماً آخرَ لا ينتمي لهذه الدنيا، فلو سألنا نفسنا ما سر هذه العظمة وما سر هذه الكرامة لما وجدنا جواباً آخرَ غير أنه فضلُ الله علينا بأن اختصنا بمجدد الرسالة المحمدية وبرجل يعيد طرحَ القرآن وفق الأحداث بعد أن كان القرآنُ؛ بسبَبِ الثقافات الوهابية، كتابَ موت وليس كتابَ حياة، فعادت الحياة من جديد تدبُّ في الشعب اليمني، ليظل ينبض بشعار الموت لأمريكا حتى تموت أمريكا من النفوس، وعندما تموت في النفوس ستنتهي من الوجود وتصبح مسألةُ زوالها من الوجود مسألةَ وقت فقط، وكلُّ هذا بفضل الله وقوة الإرادة والعزيمة ورفع شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل الذي جدّد روحَ الجهاد في النفوس وأحيا الأمةَ من غفلتها.

مقالات ذات صلة