هذه هي قصة الهيئة العامة للزكاة و “قصة الخمس”

عبدالمجيد عبدالرحمن الحوثي

 

المسألةُ ليست مسألةَ خُمس ولا رُبع، المسألةَ أن دولَ الاستكبار وَدولَ العدوان كانت من قبل شن عدوانها على اليمن وَمنذ أن وَصل أنصارُ الله إلى صنعاء أخوفَ ما تخافُه هو أن يُقَــدِّمَ أنصارُ الله وَثوارُ ثورة 21 سبتمبر من أحرار اليمن نموذجاً راقياً “للدولة اليمنية الحديثة” التي تقوم على إقامة الحق والعدل وَتوفير الخدمات للشعب وَترسيخ أمنه واستقراره وَحماية سيادته، وَتنهض باقتصاده وَتنميته وَاكتفائه الذاتي.

 

كان هذا هو ما يقلقُ دولَ العدوان؛ لأَنَّ هذه الدولة اليمنية الحديثة كانت ستمثل نموذجاً لجميع الأحرار في مختلف الشعوب العربية والإسلامية بل والعالمية، تجعلهم يرفضون الحكومات العميلة وَيعلمون أن الخروج من تحت الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية هو الطريقُ الوحيدُ إلى الحرية والاستقلال والتقدم والرخاء وَنهضة الشعوب وَالدول.

 

فقامت أمريكا وَدول العدوان بعمل كُـلّ ما يستطيعون لإيقاف إنشاء هذه الدولة اليمنية الحديثة، فقامت قبل العدوان بتفكيك الجيش وَتدمير أسلحته وَمعنوياته وَدفاعاته الجوية وَصواريخه البالستية، كما قامت بقتل قيادات الأمن السياسي في مختلف المحافظات؛ لإدخَال اليمن حالَ العدوان في حالة فوضى أمنيةٍ، وَقتلت القياداتِ السياسية وَالأكاديمية الموالية لأنصار الله وَالمتطلعين إلى إقامة هذه الدولة، كالأُستاذ البروفسور الدكتور أحمد شرف الدين والدكتور جدبان وَالدكتور المتوكل وَالدكتور المحطوري وَالأُستاذ الخيواني وَغيرهم، كُـلّ ذلك حتى لا يُقَدِّمَ أنصارُ الله هذا النموذجَ المشرِّفَ بإنشاء هذه الدولة اليمنية الحديثة.

 

كُلُّ هذا قبل شن العدوان، وَأما بعد العدوان فقامت بشراء الكثير من الولاءات لشخصيات وَلوبيات متمكّنة في كُـلّ وزارات الدولة وَسلطاتها الثلاث، ليس عملها إلا إيقاف خروج هذا النموذج المشرّف للدولة اليمنية إلى النور.

 

وَبالفعل فقد استطاعت دول العدوان إعاقةَ وَتأخير وجود تغيير كبير وَواضح يلمسُه كُـلُّ أبناء الشعب اليمني، رغم السعي الجاد لقيادة الثورة وَالكثير من القيادات السياسية من أنصار الله وَغيرهم من الأحرار بكل جد وإخلاص إلى إقامة هذا النموذج المشرّف، ورغم وجود الكثير من الإصلاحات إلا أنها لم تصل إلى المستوى المطلوب الذي أن يلمسه المواطن في حياته وَمن خلال الخدمات المقدمة له من أجهزة الدولة بسلطاتها الثلاث، اللهم إلا في الجانب العسكري الذي قدم نموذجاً رائعاً أذهل العالم في مواجهة هذا العدوان الكوني على الشعب اليمني، وَكذا وزارة الداخلية في حفظ الأمن وَالاستقرار بشكل عام وَليس في أدائها في خدمة الشعب وحل مشاكله.

وَلكن وَفي خطوة جريئة وَبتوجيهات مباشرة من قائد الثورة -حفظه الله- قامت القيادةُ السياسيةُ بإنشاء (الهيئة العامة للزكاة) كهيئة جديدة وَناشئة نظيفة نوعاً ما من لوبيات الفساد التابعة لدول العدوان، وَتم اختيار قيادة رشيدة وَحكيمة وَمخلصة لهذه الهيئة، فقامت بالعمل الدؤوب بكل جِــدٍّ وإخلاص؛ لتمثيل نموذجٍ راق لهذه “الدولة اليمنية الحديثة”، وَخطت -في وقت قياسي- خطواتٍ جبارةً، سواء في البنية التنظيمية والمؤسّسية أَو في إزالة العناصر الفاسدة فيما كان يسمى بـ (مصلحة الواجبات) بشكل جاد وَملموس أَو في اختيار الكوادر الكفؤة وَالمخلصة التي لا تندرج تحت أي لوبي من اللوبيات العاملة على تجميد هذا النموذج الرائد لبناء “الدولة اليمنية الحديثة” أَو في تقديم المشاريع الخدمية الجبارة التي يلمسها المواطن.

 

وَبهذه الخطوات الجبارة للهيئة وَقيادتها، بدأ المواطنُ البسيطُ يلمَسُ وصولَ الزكاة إلى مستحقيها بكل نزاهة وَإخلاص، حتى وصلت مشاريعها في مختلف الجوانب إلى عشرات المليارات التي توزعت في مشاريع مباشرة للضعفاء وَالمساكين وَالمعسرين وَغيرهم من طبقات الشعب.

 

وَكان لهذا النجاح الأثرُ الكبيرُ لدى كافة شرائح المجتمع في الشعب اليمني، وَخُصُوصاً مع مقارنة عمل الهيئة في هذه الفترة القياسية بعمل الحكومات السابقة على مدى عقود من الزمن لم ير الفقراء والمساكين أيَّ إثر لهذه الفريضة الهامة وَالركن الأَسَاسي من أركان الإسلام.

 

ولما شاع هذا النجاحُ واشتهر بين أوساط الشعب اليمني وَقدّم النموذجَ المشرّف لمشروع أنصار الله وَثورة 21 سبتمبر وَطار صيتُها داخل اليمن وخارجه، استشعرت دولُ الاستكبار العالمي وَدولُ العدوان هذا الخطرَ الكبيرَ على مشروعهم الاستعماري، وَرأوا هذه الهيئة شبَّتْ عن الطوق وَخرجت عن السيطرة، فكان لا بد أن يستنفروا عملاءهم من المرتزِقة وأدواتهم من الأمم المتحدة وَمجلس الأمن وَغيرها؛ لمحاربة هذا المشروع الناجح وَالعظيم بكل ما يملكون من دعايات وَحملات وَسعي حثيث إلى إيقاف هذا العمل الذي سيكشف الوجهَ السيءَ لهذه الدول الاستكبارية وَعملائها وَمرتزِقتهم بنماذجها الكاذبة والزائفة التي تدّعي كذباً وزوراً الديمقراطية وَالمؤسّسية وَالسعي إلى خدمة الشعوب وَهي في حقيقتها دولٌ استكبارية دكتاتورية مستبدة متجردة من كافة القيم الإنسانية وَالخيرة.

 

هذه هي قصةُ “الهيئة العامة للزكاة” وَليست القضية قضية خُمس وَلا رُبع، فالجواب الشافي على هذه الأبواق التي تحاولُ استغلالَ مسألة الخُمس التي جاءت في نص صريح في آيات القرآن الكريم وَأحاديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وَقالت بها طوائفُ وَعلماءُ الإسلام من عصر الصحابة إلى هذا الزمان، وآخرهم هيئة علماء اليمن التي تتبع حزب الإصلاح والإخوان المسلمين الذين موقفهم من المستهدفين بالخُمس معروفٌ وواضح، وَجاءت هذه الفريضة في نصوص القانون اليمني لعام 1999 في عهد عفاش، الجواب الشافي على هذه الأبواق ليس بتبيين الحكم الشرعي أَو القانوني لمسألة الخُمس، فهم “يعرفونه كما يعرفون أبناءهم”، بل الجواب هو باستكمالِ السير في عمل هذه الهيئة وَحث الخُطَى في سُلّم النجاح وَالنمو لهذا المشروع الناجح الذي سيكونُ بإذن الله نموذجاً لجميع الدول الإسلامية في فريضة الزكاة وَغيرها من الفرائض العظيمة التي جاء بها نظامُ الإسلام.

 

الجوابُ الشافي على هؤلاء: هو أن تنتقلَ هذه التجربةُ الناجحة إلى كافة أجهزة الدولة بسلطاتها الثلاث؛ حتى تقدِّمَ النموذجَ الصحيحَ للدولة اليمنية الحديثة التي يتطلع إليها هذا الشعبُ الصابر الصامد وَتطهيرها من كُـلّ لوبيات الفاسدين العاملين على إعاقة إصلاحها وَإنشائها بشكل صحيح وَنموذجي مهما كانت قوةُ هذه اللوبيات، فالشعب حينما يلمسُ التغييرَ الحقيقيَّ في حياته وَمعيشته وَقضاياه فإنه سيكونُ هو الحاميَ لهذه الدولة وَلن تستطيع أيُّ لوبيات فاسدة وَعميلة تأليبَ الشعبِ على الحكومة وَتشويهَ صورتها ما دامت خدماتُها وَعدالتُها وَنظامُها وَقانونُها يلمسُه المواطنُ في معيشته وَمشاكله وَمعاملاته في كافة أجهزة الدولة وَمرافقها.

هذا هو الردُّ الحاسمُ وَالقوي على الأبواق المأجورة التي “تكاد تميز من الغيظ” لأيِّ نجاحٍ للشعب اليمني وَحكومته.

 

 

 

وَالله ولي الهداية والتوفيق.. وَصلى اللهُ وسلّم على سيدِنا محمدٍ وآله.

مقالات ذات صلة