الأطراف المتورطة في الحرب اليمنية ليس لديها تقييم متسق لهذه الحرب

كشفت وثيقة إماراتية سرية بعنوان “العلاقات السعودية الإماراتية في موازين الأطراف المتورطة في الحرب اليمنية” عن مسار هذا الارتباط ووفقاً لهذا التقرير، فإن الأطراف المتورطة في الحرب اليمنية (السعودية والإمارات) ليس لديهم تقييم متسق لهذه الحرب.

حيث يظهر هذا التقرير أن تقييم الأطراف المتورطة في حرب اليمن ينقسم إلى ثلاث مراحل:

– مرحلة الرضا والامتنان: في هذه المرحلة يفترض أن البلدين، السعودية والإمارات، يعملان معا لتحقيق هدف مشترك وهو القضاء على أنصار الله.

– مرحلة الارتباك والاضطراب: في هذه المرحلة يكون الارتباك والغموض في مشهد النزاعات مزعجا وتبرز قوى جديدة على الساحة. كما أن سياسات ومواقف البلدين غير واضحة بشكل عام، وفي كثير من الحالات يظهر التناقض بينهما بوضوح. والحقيقة أن سياساتهم ومواقفهم في هذه المرحلة ما هي إلا توزيع للأدوار والسعي لتأسيس مجلس تنسيقي بينهم.

– المرحلة الثالثة هي المرحلة التي يكاد يكون فيها الطرفان على يقين من اختلال وعدم ثبات الاتفاق والتنسيق بينهما. لكنه لم ينهر بالكامل بعد. حيث اعتقدت السعودية والإمارات في هذه المرحلة أن هناك خلافات بينهما.

يعتقد كاتب هذا التقرير السري، الذي تم إعداده في 23 يوليو عام 2019، أن أطرافا محلية مختلفة في اليمن تريد التأثير على العلاقات السعودية الإماراتية. في حينه، يعد إعلان الإمارات عن خروج بعض قواتها من اليمن، سواء بالتنسيق مع السعودية أو نتيجة الاختلاف معها، أو قرارا مستقلاً على الإطلاق، نافذة أمل لبعض الأطراف في الداخل اليمني فيما يتعلق بتأزم الموقف بين أبوظبي والرياض.

وترد تفاصيل تقييم الأطراف الداخلية اليمنية في العلاقات السعودية الإماراتية وخيارات هذه الأطراف للتأثير في هذه العلاقات في الحالات التالية:

– يبدو أن حماية وتعزيز العلاقات بين السعودية والإمارات خيار جيد ومرغوب للحكومة اليمنية المستقيلة بقيادة الرئيس الهارب عبد ربه منصور هادي. لكن في الواقع، كانت الحكومة اليمنية المستقيلة هي الأكثر معاناة والتي تكبدت أكثر الخسائر جراء هذا الوضع. وحقيقة أن حكومة منصور هادي في عداء صريح مع الإمارات والعلاقة بين الجانبين لا يبدو أنها يمكن أن تعود بسهولة. ومن ناحية أخرى، كانت الحكومة اليمنية المستقيلة غير راضية عن الموقف السعودي لاعتقادها أن الرياض لم تتخذ الإجراءات اللازمة للوقوف ضد أبوظبي.

– وبالنسبة لحزب الإصلاح اليمني (التابع لجماعة الإخوان المسلمين)، يجب أن نقول إن موقفه هو نفس موقف الحكومة المستقيلة، وما يميز هذا الحزب عن الجماعات الأخرى أنه يقيم علاقات مستقرة بين السعودية والإمارات على الرغم من ان الحرب السعودية التي تشنها السعودية ضد الإخوان المسلمون يعد تهديد وجودياً لهذا الحزب. حيث تكن السعودية والإمارات عداء كبير للإخوان المسلمين، ويعتقد حزب الإصلاح اليمني أن أبو ظبي قادت الرياض إلى حرب مع الإخوان المسلمين.

 وبناء على هذا فإن مشكلة حزب الإصلاح اليمني مع العلاقات السعودية الإماراتية لن تحل حتى مع انتهاء الحرب اليمنية. ومع ذلك، لا خيار أمام الحزب الآن سوى البقاء داخل السعوديين والاعتماد عليهم والاستمرار في محاولة إقناع السعودية بأن عناصرها حليف موثوق به، وأنه لا علاقة بينهم وبين جماعة الإخوان المسلمين لا على الصعيد الديني ولا السياسي.

– أما بالنسبة لموقف حركة أنصار الله اليمنية من العلاقات السعودية الإماراتية، فلا بد من القول إن هذه الحركة استفادت بلا شك أكثر من الخلافات وعدم الاستقرار في إدارة التحالف العربي في الحرب اليمنية. لكن مع هذا فان الوضع الأفضل والأنسب الذي يسعى إليه أنصار الله في هذه العلاقات هو الخلاف الإضافي بين أبو ظبي والرياض والضرر بالعلاقات بينهما. ولأن هذا سوف يربك خصوم أنصار الله الآخرين، وقد يؤدي أيضاً إلى انهيار التحالف الحربي السعودي في اليمن.

– يرى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعمل برعاية دولة الإمارات، أن الدعم السعودي لمشروع تشكيل حكومة جنوبية في اليمن أمر غير وارد وهناك شكوك حول طبيعة الموقف الإماراتي من هذا المشروع. وبناءً عليه، فإن الحفاظ على علاقة سليمة بين المجلس الانتقالي الجنوبي مع السعودية والإمارات أو أحدهما، بما يمكن أن يشكل هامشا لهذا المجلس، يعتبر إنجازا لافتاً بحد ذاته. ومع ذلك، فإن تصعيد الخلاف بين أبو ظبي والرياض كان يمكن أن يكون مفيدا للمجلس الانتقالي الجنوبي. لأنه قد يحرر الإمارات من الضغوط التي تمارسها عليها السعودية ويدعم المجلس الانتقالي بحرية.

وبالنظر إلى كل ما سبق، يخلص هذا التقرير الى مجموعة من السيناريوهات والتوصيات؛ على افتراض أن المجلس الانتقالي الجنوبي يعمل على إعلان الحكم الذاتي والاستقلال، كما حصل فعلاً. ففي هذه الحالة، فإن الموقف بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المعارضة، بما في ذلك الحكومة اليمنية المستقيلة، قد يتصاعد مرة أخرى ويستفز قوات منصور هادي ضد الإمارات. ومثل هذه الخطوة ستثير قلق السعوديين وستفرض العواقب على الرياض، التي ستضطر في النهاية إلى التدخل في الصراع والضغط على الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي.

لكن بشكل عام، فيما يتعلق بالوضع الحالي، فإننا نواجه احتمال أن يتسبب هذا الوضع في مشاكل خطيرة بين السعودية والإمارات في الحرب اليمنية. وبالنظر إلى خطة التحالفات والأعمال العدائية بين الأطراف المتورطة في الحرب اليمنية وأيضا في ضوء موقف السعودية ونفوذها وأهميتها بالنسبة لليمنيين وتأثيرها في المستقبل السياسي اليمني، أي تداعيات وتحديات تتعلق بالخلاف بين أبوظبي والرياض. سيجعل الإمارات تعاني أكثر. ومن ثم، فإن الحاجة إلى العمل على توسيع دائرة الائتلافات الإماراتية في اليمن – الرسمية وغير الرسمية – ومنظمات المجتمع المدني، وخاصة وسائل الإعلام، أمر واضح لأبو ظبي.

“الوقت”

مقالات ذات صلة