الشهيد قاسم سليماني.. القائدُ الاستثنائي

|| مقالات || أحمد داوود

 

عامٌ مضى على استشهاد القائد المجاهد قاسم سليماني، وذكراه لم تنطفئ بعدُ.

لقد كان للشهيد -رضوان الله عليه- بصماتٌ واضحةٌ في صناعة الانتصارات الاستراتيجية في المنطقة منذ سنوات كثيرة، فدورُه كان محوريًّا في حرب تموز بلبنان سنة ٢٠٠٦، وهزيمة العدوان الصهيوني على لبنان، وهو كذلك كان له البصمةُ المشرقةُ في إخراج القوات الأمريكية من العراق ذليلةً منكسرة صاغرة، وكما قال سيدُ المقاومة حسن نصر الله في حواره مع قناة الميادين فَـإنَّ الأمريكيين كانوا يترَّجون سليماني عبر وسطاءَ لإيقاف الهجمات على المواقع والثكنات العسكرية الأمريكية قبل خروجها النهائي من العراق.

وإذا ما تحدثنا عن القدس، فَـإنَّ قاسم سليماني كان القائدَ الوحيدَ الذي زوَّد فصائلَ المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح والدعم بكافة أنواعه، في حين كان ملوكُ ورؤساء العرب يوجِّهون الطعنات الغادرة في الظهر الفلسطيني.

أمَّا في سوريا ومعركةُ الحرب على داعش في العراق فَـإنَّ الأيّامَ كفيلةٌ بأن تكشفَ عجائبَ هذا القائد وقدراتِه العسكرية الخارقة.

والواقعُ أن الشهيدَ سليماني لم يكن قائدًا عسكريًّا فحسبْ، بل كان المهندسَ لجمع فصائل المقاومة في فلسطين والعراق وسوريا واليمن نحوَ قضية الأُمَّــة المركزية وهي فلسطين، وكان -سلام الله عليه- لا يتردّدُ في دعم جهة تعلنُ ولاءَها المقدَّسَ لفلسطين، ولا يبخل في مناصَرتها على الإطلاق، ولهذا كان الغضبُ الأمريكي يتصاعد، والغضبُ الصهيوني يتصاعد، وتم اغتيالُ قائدنا في عملية واضحة ومكشوفة أعلن ترامب رسميًّا تبنِّيَها وأبدى فرحتَه الكبيرةَ بها.

لفقدانِ هؤلاء القادة لا تبكيهم الأرضُ لوحدها، بل السمواتُ والجبال، فرحيلُهم خسارةٌ فادحةٌ لكل أحرار الأُمَّــة، كيف لا وهو الذي كان شوكةً في حلوق الأمريكيين والصهاينة؟.

لا ندري ماذا قدَّمَ الشهيدُ سليماني لليمن؟ فالحقائقُ لا تزالُ مغيَّبةً، لكن لا يمكنُ أن يمُـــرَّ عدوانٌ غاشمٌ وكبيرٌ دون أن تكونَ للشهيد بصمةٌ في مناصَرة مظلومية اليمن، وتقديم العون والمساعدة لمواجهة هؤلاء المستكبرين.

وحتى لو لم يقدم شيئاً، فَـإنَّ اليمنيين حزنوا كَثيراً لفاجعة الاغتيال للحاج سليماني، فما يجمعُهم هو هَـــمٌّ واحد وقضيةٌ مشتركة، وَإذَا كان جُلُّ تفكير الشهيد هو تحريرَ فلسطين من دنس اليهود، فَـإنَّ الشعبَ اليمني أكثرَ شوقاً لهذا الطموح، ولن يتردّدَ في خوض هذه المعركة المقدسة مع أحرار العالم مهما كلفه من ثمن.

نحن على يقين أن سليماني لم يمُت، وهو حيٌّ عند الله يرزق، وقد فاز بالشهادة وظفر لها، وإنه لَفوزٌ لو تعلمون عظيم، ونحن على يقين كذلك بأن مشروعَ القائد في مواجهة الاستكبار الأمريكي والصهيوني سيتوسع ويزداد، وأن الأرضَ ولَّادة بأمثال هؤلاء، وأن الخزي والعار لن يجنيه إلَّا الظالمون والمستكبرون والمطبِّعون والخانعون.

وفي علاقة اليمنيين بهؤلاء القادة يتعمد الدمُ بالدم، ويتوحدُ الفكرُ مع الفكر، فالهَمٌّ واحد، والقضية واحدة ومحور المقاومة يجمعنا؛ ولهذا فَـإنَّ السير على نهج الشهيد سليماني هو طريق مقدس سيحذوه اليمنيون، مؤمنين بما آمن به الشهيد، ومقتنعين بما اقتنع به، لا سِـيَّـما وأن الامبريالية الأمريكية تمارس نفس الأساليب مع الشعوب المستضعفة من قمع وتوحش واغتيالات؛ ولهذا فَـإنَّ مَن اغتال سليماني هو ذاته الذي اغتال الرئيس الشهيد صالح الصمَّاد بنفسِ الطريقة والتوحش؛ ولذا فَـإنَّ أوجاعَنا واحدةٌ، وعدوُّنا واحد، وقضيتنا مشتركة، وطريقُ دربنا هو القدس، ومع السيد حسن نصر الله والقائد عبد الملك الحوثي ومع أحرار العالم الإسلامي سنكونُ ذاتَ يوم هناك في بيتِ المقدس، وليس على الله بعزيز.

مقالات ذات صلة