ضعف الإيمان يؤدي إلى ضعف الثقة بالله إلى الاهتزاز عند الشدائد

مأرب نت || من هدي القرآن ||

 

إذا كان الإنسان ضعيف الإيمان، ضعيف الثقة بالله، ضعيف في إدراكه لتنـزيه الله سبحانه وتعالى قد يهتز عند الشدائد، إما أن يسيء الظن في موقفه: [ربما موقفنا غير صحيح وإلا لكنا انتصرنا، لكنا نجحنا..] تحصل ربما، ربما..إلى آخره، أو يسيء الظن بالله تعالى وكأنه تخلى عنا، وكأنه ما علم أننا نعمل في سبيله، وأننا نبذل أنفسنا وأموالنا في سبيله: [لماذا لم ينصرنا؟ لماذا لم..؟].

الإنسان المؤمن، الإنسان المؤمن يزداد إيمانًا مع الشدائد: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران:173)؛ لأن الحياة كل أحداثها دروس، كل أحداثها آيات تزيدك إيمانًا، كما تزداد إيمانًا بآيات القرآن الكريم {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} (الأنفال: من الآية2) كذلك المؤمن يزداد إيمانًا من كل الأحداث في الحياة، يزداد بصيرة، كم هو الفارق بين من يسيؤون الظن عندما تحصل أحداث، وبين من يزدادون إيمانًا؟ وهي في نفس الأحداث، أليس الفارق كبيرًا جدًا؟

لماذا هذا ساء ظنه، وضعف إيمانه، وتزلزل وتردد وشك وارتاب؟ وهذا ازداد يقينًا وازداد بصيرة وازداد إيمانًا؟! هذا علاقته بالله قوية، تصديقه بالله سبحانه وتعالى، وثقته بالله قوية، تنزيهه لله تنزيه مترسخ في أعماق نفسه، يسيطر على كامل مشاعره فلا يمكن أن يسيء الظن بالله مهما كانت الأحوال، حتى ولو رأى نفسه في يوم من الأيام وقد جثم على صدره [شمر بن ذي الجوشن] ليحتز رأسه كالإمام الحسين (صلوات الله عليه).

حادثة كربلاء ألم تكن حادثة مؤلمة جدًا؟ كانت كلمات الإمام الحسين فيها تدل على قوة إيمانه، كمال وعيه، كمال يقينه، بصيرته، كان همه من وراء كل ذلك أن يكون لله فيه رضى، ما دام وفيه رضى لك فلا يهمني ما حصل. وهذه هي نفسية المؤمن، نفسية المؤمن هو أن ينطلق في أعماله يريد من ورائها كلها رضى الله.

رضى الله هو الغاية.. وإن وضع له أهدافًا مرحلية، وداخلية، هي ليست كل شيء لديه، ليست كل شيء لديه، فإذا لم يتحقق ذلك شك وارتاب، أن يجندوا أنفسهم لمعركة ما مع أعداء الله ثم ينهزمون، أو يرون أنفسهم مضطرين إلى أن يتصالحوا صلحًا مؤقتًا، فيرجعون بنفوس مرتابة لماذا؟ ألم نسمع أن الله تعالى قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: من الآية40) لماذا، لماذا؟!

المؤمن هدفه هو أن يحصل على رضى الله، وأن يكسب رضى الله، وأن يكون في أعماله ما يحقق رضا الله، وأن النصر الذي يريده، النصر الذي ينشده هو نصر القضية التي يتحرك من أجلها، هي تلك القضية التي تتطلب منه أن يبذل نفسه وماله، فإذا كان مطلوب منك أن تبذل نفسك ومالك فهل ذلك يعني بالنسبة لك نصرًا ماديًا شخصيًا؟ الذي يبذل ماله ونفسه فيقتل في سبيل الله، هل حصل نصر مادي له شخصي؟ هو انتصر للقضية، هو حصل على الغاية التي ينشدها، حتى وإن كان صريعًا فوق الرمضاء، ألم يصبح شهيدًا؟ حظي بتلك الكرامة العظيمة التي وعد الله بها الشهداء، دمه ودم أمثاله، روحه وروح أمثاله، أليست هي الوسيلة المهمة لتحقيق النصر للقضية؟

المؤمن لا ينظر إلى نفسه، النصر الشخصي، المقصد الشخصي، قضيته الخاصة، خِطته المعينة، موقفه الخاص. المسيرة هي المسيرة الطويلة: العمل على إعلاء كلمة الله، النصر لدين الله، في هذه المرة أو في المرة الثانية أو في المرة الثالثة، إن لم يكن على يديك أنت فقد يكون على يد آخرين ممن هيأتهم أنت، وهكذا.. حتى تنتصر، ولا بد أن يتحقق النصر.

وأنت منتصر أيضاَ عندما تسقط شهيدًا في سبيل الله، أنت منتصر أيضًا، أنت عملت ما عليك أن تعمله فبذلت نفسك ومالك في سبيل الله. فأن يرى المسلمون، أو يرى المؤمنون بعضهم صرعى في ميادين الجهاد، كما حصل في يوم أحد، ألم يتألم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما رأى حمزة صريعًا؟ وصرع كثير من المجاهدين، ولكن هل توقف بعدها؟ لم يتوقف أبدًا، وإن كانت تلك خسارة أن يفقد أشخاصا مهمّين كحمزة لكنه نصر للمسيرة، نصر لحركة الرسالة بكلها.. ولا بد في هذه المسيرة أن يسقط شهداء، وإن كانوا على أرفع مستوى، مثل هذا النوع كحمزة سيد الشهداء.

المهم أننا نريد أن نقول: أنه في حالات الشدائد، في حالات الشدائد وهي الحالات التي يضطرب فيها ضعفاء الإيمان، يضطرب فيها من يفقدون نسبة كبيرة من استشعار تنـزيه الله سبحانه وتعالى، الذي يعني تنـزيهه عن أن يخلف وعده وهو القائل: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.

وفعلًا لو تتوفر عوامل النصر لدى فئة، تكون على المستوى المطلوب، ويوفرون أيضًا من الأسباب المادية ما يمكن أن يوفروه، لا شك أن هؤلاء سيحققون نصرًا كبيرًا.

ولا يعني النصر: هو أن لا يتعبوا، ألا يستشهد منهم البعض أو الكثير، ولا يعني النصر هو ألا يحصل لهم من جانب العدو مضايقات كثيرة، ولا يعني النصر: هو ألا يحصل منهم سجناء.. إنهم مجاهدون، والمجاهد هو مستعد لماذا؟ أن يتحمل كل الشدائد في سبيل الإنتصار للقضية التي من أجلها انطلق مجاهدًا، وهو دين الله.

عمار بن ياسر في أيام صفين كان يقول: والله لو بلغوا بنا سعفات هجر – أو عبارة تشبه هذه، قرى يشير إليها في البحرين – لعلمنا أننا على الحق وهم على الباطل. يقول: لو هزمنا معاوية وجيشه حتى يصلوا بنا البحرين لما ارتبنا أبدًا في أنهم على باطل وأننا على حق.. إنسان واعي، إنسان فاهم، يعرف طبيعة الصراع، يعرف ميادين الجهاد التي تتطلب من هذا النوع، يحصل فيها حالات كر وفر، يحصل حالات تداول في الأيام فيما بين الناس، يحصل كذا يحصل كذا.

فهو لا ينطلق على أساس فهم قاصر للمسألة، أن يفهم قول الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} إذًا سيتحرك وبالتالي فلن يلاقي أي صعوبة، وأن معنى تأييد الله هو إمداد غيبي له بحيث لا يلاقي أي عناء.. ليس هذا هو الفهم المطلوب.. وأنت واثق من المسيرة التي تسير عليها أنها مسيرة حق، والمواقف التي تتحرك فيها أنها مواقف حق، هذا شيء مهم، ثم ثق، وعندما تثق هل تثق بنصرك شخصيًا؟ يجب أن تلغى، وإلا فسيكون من ينظرون إلى أنفسهم شخصيًا، أن يتحقق لهم شخصيًا كل تلك الوعود فهم من قد يضطربون عند أول شدة يواجهونها.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن

معنى التسبيح

ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 9/2/2002م

اليمن – صعدة

مقالات ذات صلة