جنود الاحتياط يتمردون على نتنياهو.. ما أهمية هذه القوات بالنسبة “لإسرائيل”؟

متابعات || مأرب نت || 12 شوال 1444_ه‍

 

حذّر 700 من جنود الاحتياط من تشكيل العمليات الخاصة، في عريضة لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مساء السبت، من أنّ “تمرير التعديلات القضائية، بصورة أحادية الجانب، سيؤدي إلى انهيار تشكيل الاحتياط“.

ووفق القناة /12/ العبرية، فإنه تم إرسال العريضة على خلفية تصريحات أعضاء حزب الليكود الإسرائيلي، ومفادها بأنه “إذا فشلت المفاوضات سيتم تمرير الإصلاح من جانب واحد”.

وقال جنود الاحتياط في رسالتهم لنتنياهو: “أنت ترسل مبعوثك مرارا وتكرارا، بما في ذلك الليلة الماضية لتعلن أنه إذا فشلت المحادثات، سيتم تمرير الإصلاح من جانب واحد، هذه هي أساليب المافيا، التي تشير إلى عدم وجود نية صادقة للتوصل إلى اتفاق”.

وحسب القناة، حدد منظمو العريضة يوم 20 أيار/ مايو القادم، كموعد “يفهمون فيه ما إذا كان هناك تقدم حقيقي في المحادثات حول مخطط متفق عليه. ومع ذلك، لم يُذكروا ما الذي سيفعلونه إذا لم يكن هناك تقدم في غرف التفاوض”.

وأشارت إلى أنّه يتوقع أن يقوم منظمو التظاهرات ضد التعديلات القضائية بزيادة حدتها قبيل الدورة الصيفية للكنيست (برلمان الاحتلال)، وعودة إلى أعمال التشويش وشل الطرقات وقطعها، وتنظيم احتجاجات أوسع أمام منازل أعضاء الائتلاف.

وعلى الرغم من إعلان نتنياهو نهاية الشهر الماضي تجميد مشروع خطة التعديل القضائي، والدخول في مفاوضات مع المعارضة الإسرائيلية، فإنّ المتظاهرين يرفضون هذا التجميد ويطالبون بإلغائه.

وخلال الأسبوعين الأخيرين أعلن مئات الضباط وجنود الاحتياط في سلاح الجو والوحدات الخاصة والاستخبارات الإسرائيلية، أنهم لن يخدموا في وحداتهم حال تمرير خطة نتنياهو المثيرة للجدل التي تضعف سلطات القضاء إلى حد بعيد.

ويعبر إعلان العديد من ضباط وجنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي وطيارين في سلاح الجو رفض الخدمة العسكرية احتجاجا على ما تسميه حكومة بنيامين نتنياهو “الإصلاحات في الجهاز القضائي”، عن أزمة سياسية ودستورية ويعكس تعمّق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي.

ومع ازدياد المظاهرات، تُبدي المؤسسة العسكرية خشيتها من اتساع ظاهرة رفض الخدمة ضمن قوات الاحتياط. وبدت هذه المخاوف واضحة في تحذير رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، من مغبة انخراط الجيش وسلاح الجو في الصراعات السياسية وذلك في ظل المشاركة الواسعة لضباط وجنود الاحتياط في حركة المظاهرات.

وترى هيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي في إقدام الطيارين وضباط في الجيش وبوحدات الاستخبارات على المشاركة في المظاهرات؛ بوادر ومؤشرات لأزمة في صفوف قوات الاحتياط والمؤسسة الأمنية عامة، وخصوصا في سلاح الجو وأيضا ضباط سابقون في المفوضية العامة للشرطة.

وأبدى ضابط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي عاموس جلعاد، تخوفه من احتجاج جنود الاحتياط وتوجههم لرفض الاستدعاء للخدمة العسكرية مستقبلا احتجاجا على الإصلاحات في الجهاز القضائي، حيث يخشى من اتساع الظاهرة داخل الجيش في حال واصلت حكومة نتنياهو الإصلاحات التي يصفها المحتجون بـ”الانقلاب على الديمقراطية“.

ويعتقد جلعاد، الذي شغل سابقا منصب رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية، أن الحالة التي تعصف بإسرائيل مقلقة للغاية. وأن “تغلغل الاحتجاجات بالمؤسستين الأمنية والعسكرية من شأنها أن تتوسع وتتدحرج ككرة الثلج لينضم المزيد من الجنود وضباط الاحتياط إلى رفض الخدمة العسكرية“.

وأوضح جلعاد أن ما يسمى الإصلاح القضائي الذي تقوده حكومة نتنياهو، ما هو إلا “انقلاب” إذ إن الاستمرار في التشريعات قد يوسع رفض الاستدعاء لخدمة الاحتياط لتتحول لظاهرة، مشيرا إلى أن ذلك يعكس عمق الأزمة السياسية والشرخ في المجتمع الإسرائيلي الذي أخذت تداعياته تصل إلى صفوف الجيش والمؤسسة الأمنية.

ويرى المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق أنه بدلا من العزل المؤقت لضباط وجنود احتياط وطياري الاحتياط في سلاح الجو لدورهم في قيادة حركة الاحتجاجات، على حكومة نتنياهو وقف ما تسمى الإصلاحات القضائية.

وتساءل جلعاد، هل ستكون إسرائيل قادرة على المضي قدما دون الجيش وسلاح الجو ودون اقتصاد مزدهر ومتطور؟، وقال إن “إسرائيل أمام محطة مفصلية، يجب وقف التشريعات والدخول بمفاوضات للوصول لتفاهمات، إذا تم تقويض الديمقراطية الإسرائيلية فلن يكون لديك جيش ولا اقتصاد، ولا يمكن للجيش تحمل اتساع ظاهرة رفض الخدمة“.

من جهته يقول يهودا شاؤول، عضو حركة “يكسرون الصمت”، وهي منظمة مناهضة للاحتلال وتوثق انتهاكات جنود الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، أن رفض خدمة الاحتياط قد يتوسع لأسباب متعددة، فإلى جانب الأزمة السياسية، يضاف إلى ذلك الرفض لدوافع “ضميرية” ومناهضة الاحتلال وانتهاكات جنود الجيش بحق الفلسطينيين، وأيضا تراكم الأعباء على قوات وكتائب الاحتياط بظل التصعيد الأمني بالضفة الغربية والقدس وعلى طول حدود الرابع من يونيو/حزيران.

ولا يستبعد شاؤول أن تدفع هذه الأسباب مجتمعة جنود الاحتياط وخاصة أصحاب الرتب الصغيرة إلى التهرب من الخدمة العسكرية، وهي ظاهرة باتت تسمى “الرفض الرمادي“.

كما قال رون بن يشاي محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” وموقع “واي نت”  أن التهرب من التجنيد النظامي أو الاحتياطي سيضر على الفور بقدرة الجيش الإسرائيلي في “الدفاع عن البلاد”. لكن “الرفض الرمادي” سينعكس من خلال انخفاض التجنيد بالوحدات القتالية وعدم الاستجابة لأوامر الاستدعاء لتدريب قوات الاحتياط و”هذا خطير” وفق يشاي.

ويعتقد أنه في حال استمرت رسائل طياري الاحتياط في سلاح الجو وضباط وجنود نظام العمليات الخاصة، واتسعت ظاهرة رفض خدمة الاحتياط والامتناع عن التطوع، فإن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه تحمل ذلك، وهو ما قد يثقل عاتقه حيث يكلف التهرب إسرائيل غاليا“.

وأفاد تقرير في صحيفة “Haaretz” بأن الجيش الإسرائيلي قد لاحظ انخفاضاً كبيراً في عدد القوات البرية التي تلتحق بخدمة الاحتياط. وفي وحدة النخبة لواء المظليين 551، التحق فقط 57% من جنود الاحتياط بالخدمة هذا الأسبوع – مقارنة بنسبة الإقبال المعتادة التي تبلغ 90%. 

وتوقعت وحدة النخبة نسبة إقبال تبلغ 78% بين 700 من جنود الاحتياط التابعين لها وسط معارضة جهود الحكومة لتقييد سلطة المحكمة العليا بشكل جذري، لكن المسؤولين العسكريين “شعروا بالفزع” عندما علموا أن نطاق الاحتجاج قد ذهب إلى أبعد مما توقعوا.

وقال مصدر عسكري لصحيفة Haaretz إن “انخفاض نسبة المشاركة على هذا النحو دليل على ما ينتظرنا في المستقبل إذا أصرَّت الحكومة على المضي قدماً في خطة التعديل القضائي، فما حدث يفوق جميع تصوراتنا عن مآل الأمر، ويصعب القبول به“.

ويبلغ عدد أفراد الجيش الإسرائيلي 635 ألف جندي بينهم 170 ألف جندي فاعل و465 ألف جندي في قوات الاحتياط، حيث تجند إسرائيل معظم مواطنيها في الجيش لمدة عامين إلى ثلاث سنوات، وبعضهم يستمر في الاحتياط حتى منتصف العمر.

لكن يُنظر إلى جنود الاحتياط على أن لهم قيمة خاصة للقوات المسلحة؛ نظراً لمهاراتهم المكتسبة في الوحدات الخاصة والقطاعات الحساسة. ويمكن معاقبتهم لتجاهل الاستدعاء، وإن كان ذلك نادراً ما يحدث.

ويقول قادة بالحكومة إن رفض الخدمة العسكرية خط أحمر. وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي يوم الخميس 23 مارس 2023: “لا مكان لرفض الخدمة، الرفض يهدد أمننا القومي والأمن الشخصي لكل واحد منا“.

ويُلزم القانون العسكري الإسرائيلي الضباط والجنود برفض الأوامر التي تعتبرها المحاكم غير قانونية، ويحذر خبراء عسكريون من أن تعديلات النظام القضائي قد تضع الضباط أصحاب الرتب العليا في “مواقف صعبة“.

ويقول تقرير لمجلة foreign policy الأمريكية إن الأعداد المتزايدة من جنود الاحتياط الذين يعلنون أنهم قد يرفضون التدريب أو الخدمة تؤكد على الانقسامات العميقة التي فتحتها خطط تعديل النظام القضائي في إسرائيل حيث يحتل الجيش مكانة مهمة في المجتمع.

“الوقت”

مقالات ذات صلة