
الجوع يأكل وجه عزة: أمهات يسقطن أمام أطفالهن في انتظار الخبز
متابعات || مأرب نت || 1 صفر 1447هـ
في العصر الحديث، وفي قلب الشرق الأوسط، تتسع وتتصاعد مؤشرات معاناة غزة ، وتبقى متصدرة واجهة المأساة الإنسانية ، حيث يتعمق الجحيم الذي يصنعه العدو الإسرائيلي، تحت وطأة جريمة إبادة جماعية تُمارس بدمٍ بارد بحق أبناء القطاع المحاصر.
بين القصف المستمر، وتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس واستهداف كل شيء، تترسخ مأساة تستهدف ما تبقى من رمق للحياة هناك، حيث تترك المجاعة خلفها وجعًا وألمًا لا يُحتمل، وتبقى تلك المأساة اختبارًا غير مسبوق للضمير العالمي.
وسط هذا الواقع الكارثي، نقل موقع” فلسطين أون لاين” شهادات موجعة من قلب المخيمات المنكوبة، حيث تتجسد المجاعة في أجساد النساء المنهكة، ووجوه الأطفال الذابلة.
آمنة (28 عامًا)، أم لثلاثة أطفال، سقطت فجأة وهي تغسل الملابس أمام خيمتها غرب غزة، بعدما لم يعد جسدها الهزيل يحتمل الجوع.
زوجها يقول إن هذا الإغماء ليس الأول، إذ باتت تفقد وعيها كلما مرّ يوم أو يومان دون طعام. “أعطي كل ما لدي لأطفالي، لكن قلبي يتعب، وجسدي ينهار”، قالتها آمنة وهي موصولة بالمحلول الوريدي.
وتؤكد آمنة أنها مثل معظم سكان غزة لم تتناول وجبة كاملة منذ أكثر من أربعة أشهر، وغالباً ما تكتفي بماء الأرز أو بضع ملاعق من العدس المسلوق.
وفي حي الشيخ رضوان شمال المدينة، سقطت هناء الخالدي (35 عامًا) أرضًا بينما كانت تخلط بقايا الأرز والمعكرونة لصنع ما يشبه الخبز.
حين أفاقت، كانت جارتها ترش الماء على وجهها وتردد اسمها. لم تكن تدري أين هي، ولا ما حدث.
تقول بصوت خافت: “ابنتي تبكي كلما أغلقت عيني… تظن أنني متّ ولن أعود”. الجوع سرق قوتها وذاكرتها، لكنها ترفض أن يسلبها أمومتها.
أما يوسف الهبيل (39 عامًا)، فقد أنهارت قواه فجلس على ركام منزل في شارع فرعي غربي غزة. كان يعمل في إزالة الحطام مقابل لقمة، لكنه اليوم لم يعد يقوى على المشي.
يجلس عاجزًا، يحدّق في يديه المرتجفتين ويقول: “ابني يبكي ويقول: بابا أريد خبزاً.. وأقسم أنني لا أملك شيئًا”. إحدى بناته، آلاء (7 سنوات)، لم تعد تقوى على الحركة. “صارت كأنها عجوز… الجوع أكل وجهها”، يقول يوسف بعينين اغرورقت بالدموع.
في غزة، لا تنتهي المأساة جرائم القصف قتلا وتدميرا، بل تمتد إلى صراع يومي ضد الجوع والبرد والخذلان. ومع غياب الغذاء والدواء، وصمت العالم، يزداد عدد من يسقطون ضحايا… ليس فقط للقنابل، بل أيضًا للانتظار القاتل للخبز!