الغرب قاتل متسلسل وليس أستاذا – ياسر شعبان

مقالات | 27 اغسطس ” مأرب برس :

ياسر شعبان (*) 

الصراع ليس بين غرب وشرق، ولكن بين مراكز رأسمالية متقدمة تحتكر الثروة والمعرفة وتمتص عبر قوتها الإقتصادية والمسلحة فائض ثروتنا، وما هي فيه من ترف ورفاهية ناتج عن سرقتنا الكثيفة المباشرة وغير المباشرة…فالغرب ليس أستاذا ولكنه لص وبلطجي ..
عبر 500 عام من النشاط الإستعماري القائم علي آليات الإستغلال الرأسمالي استطاع الغرب أن يهيكل كل اقتصادات أغلب دول العالم داعماً وخادماً بها اقتصاده ليصبح العالم في مجمله مجرد مورد للمواد الخام وسوق متسع لسلعه.. افريقيا المثال الأوضح يكرس فيها التخلف والفقر والإنقسامات والصراعات كي تستمر غير قادرة على المقاومة… متيران الرئيس الفرنسي السابق صرح بالقول “من دون القارة الافريقية ستصبح فرنسا في صف دول العالم الثالث ويجب أن نكون صرحاء ونعترف أن جزءا كبيرا من الأموال في بنوكنا آتية تحديدا من إستغلال القارة السمراء”.
فلنقرأ عن هذا الغرب المتسامح اللامتآمر ماذا فعل في الجزائر؟ وماذا فعل في العراق وفلسطين وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية؟ إنه تاريخ أسود دموي ..
ما بيننا وبين الغرب الرأسمالي ليس علاقة استاذ بتلميذ ولكن علاقة ثأر حضاري وصراع مديد وعملية مقاومة يجب أن تستمر بلا هوادة ولا بد أن ننتصر فيها بالقوة وبالحيلة وبوصل ما انقطع من حلقاتها … وفي خضم مقاومتنا لزاما علينا معرفة أعدائنا الحقيقيين داخليا وخارجيا.
في الداخل تأتي: الطبقة الحاكمة الرأسمالية عضوية العمالة وتحالفها مع بقايا الإقطاع والتيار الوهابي والمتمولين من النيوليبراليين واليسار الامبريالي أعضاء منظمات المجتمع المدني المشبوهة …
ومن الخارج يأتي: الكيان الصهيوني والملكيات العربية الرجعية والمراكز الرأسمالية، بشكل مختصر ومكثف عدونا هو منظومة النهب العالمية وأدواتها أو لنقل صبيانها.
أما فكرة المؤامرة التي يشمئز منها “المتثيقفون” ..
نعم الدوائر الرأسمالية الغربية مجتمعة بشكل شبه دائم للتخطيط والتآمر لتكريس حالة تخلفنا لتبقى متجذرة في واقعنا ليسهل بعد ذلك نزح ثرواتنا… ألم يكن إغراق مصر في الديون في عهد إسماعيل وغزوها في 1882 وقمع ثورتها الوطنية مؤامرة ..ألم يكن العدوان الثلاثي مؤامرة، ألم يكن عدوان 67 مؤامرة.. ألم يكن دس السم لعبد الناصر في قهوته للتخلص منه قبل معركة التحرير مؤامرة .. ألم تكن اتفاقية كامب دافيد مؤامرة، ألم يكن الربيع العربي مؤامرة؟؟
من قال إننا لا نملك ما يجعل الغرب الرأسمالي يتهافت عليه.. نعم نملك موارد هائلة من الطاقة هذا بخلاف الموقع الإستراتيجي “اللعنة”.. موارد مهولة وسوق عملاق تعداده 400 مليون عربي ذلك إلى جانب أن تحرر مصر والعرب يحرر افريقيا بالتبعية وخروج افريقيا من سيطرة الغرب الاستعماري يعني سقوطه المحتوم .
وما فعله في سوريا كافٍ للتدليل وما ترويجه لمساعدة السوريين إلا خداع فالغرب مطلقا لم يقدم المساعدة للسوريين ولكنه هو الذي تآمر لهدم دولتهم وتدمير جيشهم وتسبب عبر تمويله ودعمه للتيارات المسلحة عبر دوائره العسكرية والمخابراتية والإعلامية بقتل آلاف السوريين وتشريدهم وتحويل الملايين منهم إلى لاجئين وهدم ما يعادل 200 مليار دولار من البنية التحتية السورية… وذلك ليس بهدف نشر الحرية أو دعم الديمقراطية التي يستخفون بها عقول السطحيين والمخدوعين من شعوبنا ولكن بغية السيطرة علي آبار الغاز التي تم اكتشافها في شرق المتوسط..
ألمانيا تحديدا التي استقبلت الكثير من السوريين هي المسؤول الرئيسي عن ذلك لكي تهرب من السيطرة الروسية على طاقتها عبر توصيل الغاز القطري لها وعبر السيطرة على غاز المتوسط.
اما موضوع الرسوم المسيئة والتضييق على حرية الزي الإسلامي فحقيقة القول إنه دجل إعلامي ومخابراتي… الهاء ما بعده الهاء للشعوب العربية والاوروبية على السواء.. فعندما تشتد الأزمة الإقتصادية في اوروبا وتظهر بوادر تمرد الطبقات الشعبية تقدم دوائر المال هناك على المبادرة لتصدير الأزمة وتحميلها إلى طرف ثالث كي ينشغل الناس بها بعيدا عن السبب الأساسي وليس أفضل وأكثر مناسبة من العرب والمسلمين لهذا الدور.. فتفتعل المخابرات الأوروبية أزمة حول الحجاب وتحرض الصحف الصفراء كي تسيء إلى مقدسات المسلمين ويتم الترويج للأمر عبر صبيانهم في الدول العربية والإسلامية ويتم تحريض القلة الغبية كي تقوم بعمليات انتقامية دينية فيظهر العرب والمسلمون بصورة تم هندستها وإخراجها في معامل المخابرات على أنهم همج إرهابيون، ويتكرس في العقل الغربي الجمعي عدو وهمي جديد يمتص غضبهم بعيدا عن منظومة النهب والإستغلال…ولنتساءل من صنع داعش وأطلقها علينا وتناثرت شظاياها على الغرب في نفس الوقت، إنها المخابرات الصهيوـ اوروبية ومن ورائها دوائر ولوبيات المال والصناعة والطاقة والسلاح العالمية…إلخ.
الغرب الرأسمالي أقذر مما قد نتخيل، ليس أستاذا بالمرة وليس متسامحا ولا عقلانيا، بل إنه بلطجي ولص وقواد وقاتل متسلسل محترف.

(*) كاتب مصري .

مقالات ذات صلة