تل أبيب: روسيا حسمت نهائيًا موقفها لصالح محور المُقاومة والمُمانعة وهدّدّت باستخدام الفيتو في مجلس الأمن لمنع إدانة حزب الله

 

متابعات | 6 سبتمبر | مأرب برس :

يومًا بعد يوم يتبيّن أنّ المزاعم الإسرائيليّة حول الصداقة الوطيدة والمتينة مع روسيا الاتحاديّة ما هي إلّا ذر للرماد في العيون، وأكثر من ذلك، تؤؤكّد موسكو لكلّ مَنْ في رأسه عينان على أنّها اخترت التحالف مع قوى الممانعة والمقاومة: الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، سوريّة وحزب الله، في مواجهة المعسكر العربيّ، الذي راهن على إسقاط الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد، وعلى تفكيك الدولة السوريّة، تمامًا كما طمحت إسرائيل والولايات المُتحدّة الأمريكيّة.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ مسؤولين إسرائيليين كبار في الأمم المتحدة كشفوا النقاب عن أنّ روسيا نشطت من وراء الكواليس في مجلس الأمن خلال الأسبوع الماضي للدفاع عن حزب الله أثناء مناقشة مجلس الأمن تجديد مهمة قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان.
وأوضحت المصادر عينها للصحيفة العبريّة، أنّه خلافًا للسنوات الماضية، لم يكن قرار مجلس الأمن القاضي بتجديد مهمة قوات اليونيفيل تقنيًا فقط، وبضغطٍ أمريكيٍّ وإسرائيليٍّ، جرى إدخال بضعة بنود عليه شددت على زيادة وجود قوات اليونيفيل في المناطق الواقعة جنوبي نهر الليطاني، وعلى ضرورة أنْ تستخدم هذه القوات صلاحياتها لمنع خرق القرار 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية، في آب (أغسطس) من العام 2006، والتي استمرّت 34 يومًا دون أنْ يتمكّن الجيش الإسرائيليّ من تحقيق أيّ مكاسب تُذكر، الأمر الذي دفع أركان تل أبيب من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ إلى الاعتراف بفشل حرب لبنان الثانية، فشلاً مُدوّيًا.
ولفتت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة، كما أفادت (هآرتس) العبريّة، إلى أنّه خلال النقاشات بشأن صيغة القرار جرى استبعاد العبارات التي طالبت الولايات المتحدة وإسرائيل بإدخالها، التي تتحدّث عن النشاطات العسكريّة الممنوعة التي يقوم بها حزب الله في جنوب لبنان وتعتبر خرقًا للقرار 1701. فقد أعرب الدبلوماسيون الروس الذين شاركوا في النقاشات، تابعت المصادر عينها، عن معارضتهم للاقتراح الأمريكي، وأوضحوا بشكلٍ حازمٍ أنّه إذا تضمنّت صيغة القرار أيّ إدانة لحزب الله، فإنّ روسيا ستُعارض القرار وستستخدم الفيتو.
وفي رأي موظف إسرائيلي رفيع يعكس الموقف الروسيّ التقارب الحاصل بين روسيا وحزب الله الذي يشكل جزءً من الائتلاف الذي تقوده روسيا بمشاركة إيران للدفاع عن بقاء نظام الرئيس بشار الأسد في سوريّة.
ويأتي هذا التطوّر بعد مرور بضعة أيام على لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي على البحر الأسود، حيث ناقش نتنياهو موضوع حزب الله خاصّةً بعد انتهاء الحرب الأهليّة في سورية، وتخوف إسرائيل من انتقال سلاحٍ متطورٍ من صنعٍ روسيٍّ إلى يد الحزب.
وأعربت المحافل الإسرائيليّة عن امتعاضها الشديد من الموقف الروسيّ الأخير، مؤكّدة على فشل اللقاء بين نتنياهو وبوتن، خصوصًا وأنّ الأخير أبلغة بشكلٍ غيرُ قابلٍ للتأويل بأنّ علاقات روسيا مع الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة هي علاقات إستراتيجيّة، وأنّ موسكو ترفض رفضًا قاطعًا المسّ بهذه العلاقات من أجل عيون الدولة العبريّة.
على صلةٍ بما سلف، رأت دراسة جديدة صادرة عن “المركز الأورشليمي لدراسات السياسة والمجتمع″ في القدس الغربية أنّه في نهاية المطاف تقوم السياسة الروسيّة بتفضيل سورية على إسرائيل، لافتةً إلى أنّه ليس غباءً سياسيًا أنْ تدعم روسيا الأنظمة على الشعوب، لأنّ الواضح الذي فهمته موسكو هو أنّ الإسلاميين هم الذين سيحكمون الدول العربية في المستقبل المنظور، وهذا ما سينشط الحركات الإسلامية في روسيا للثورة هناك ما يجعل روسيا في موقفٍ محرجٍ إذا وافقت على الـ”ثورات” في الدول العربيّة، في حين تبقى خسارة إسرائيل مؤقتة لأنّ روسيا أصبحت بمواقفها الأخيرة العدو الأكبر للعرب مع العدو الآخر التقليدي للعرب والدائم إسرائيل، كما زعمت الدراسة.
إلى ذلك أصدر مركز “بيغن-السادات” للدراسات الإستراتيجيّة، بحثًا جديدًا أشرف عليه الجنرال في الاحتياط، يعقوف عميدرور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ، وشدّدّ ّ على أنّ  روسيا، خلافًا لأمريكا لا تتخلّى عن مواقفها، وأنّ الرئيس فلاديمير بوتن، عازم على إعادة الوضع الذي كان يتمتع به الاتحاد السوفيتي في الأيام الخوالي.
وبحسبه فإنّ الروس يعتقدون بأنّ لا مبالاة الغرب هي السبب الرئيسيّ لظهور تنظيم “داعش”، وأنّهم يستخدمون المسرح السوريّ لإثبات قدرتهم الإستراتيجيّة.
وأوضح: لقد تغيّر وضع روسيا في الشرق الأوسط بشكلٍ ملحوظٍ في السنوات الأخيرة، ويذهب البعض إلى حدّ القول، مع بعض التبرير، إنّ روسيا أصبحت القوة العظمى الأقوى في المنطقة، أوْ على الأقّل في سياق الصراع السوريّ. والسبب الرئيسيّ لذلك مردّه قدرة بوتين على استثمار موارد كبيرة في المنطقة، إلى جانب استعداده لاتخاذ مخاطر كبيرة.
*رأي اليوم .

مقالات ذات صلة