“ميدل إيست إي”: الحرب على اليمن أول مشروع فوضوي لـ”محمد بن سلمان”وتحالفه على وشك الإنهيار

متابعات | 27 نوفمبر | مأرب برس :

هل تذكرون الاسم الذي أطلقه السعوديون على حملتهم التي أطلقوها في اليمن في 25 مارس 2015 ؟ عملية : “عاصفة الحزم”.

وبحلول 21 نيسان / أبريل، أعلن رسمياً عن انتهاء العاصفة، الا أن الغارات الجوية استمرت بطبيعة الحال، ولكن الضربات التي استهدفت المستشفيات والمدارس، اضافة الى أحدى أبرز الضربات التي ذاع صيتها، وهي الضربة التي استهدفت حفل زفاف في صنعاء، باتت الآن جزءاً من العملية الجديدة التي أطلقت عليها تسمية “إعادة الأمل”.

اما الأن وبعد عامين ونصف العام، لا يزال البؤس الذي يعاني منه اليمنيون جميعاً بمختلف مشاربهم وقبائلهم وانتماءاتهم مستمراً، لكن قوات التحالف البرية التي جمعها السعوديون بدأت بإظهار عدد من علامات التعثر والانهيار.

حيث بدأت الانقسامات تظهر بين القوات البرية اليمنية والأجنبية التي تقاتل في مختلف مناطق البلاد وهو ما قد يهدد مستقبل التحالف الذي تقوده السعودية.

السودان

تعاني القوات السودانية، التي تشكل الجزء الأكبر من أكثر من عشرة الاف مقاتل أجنبي ينشطون تحت لواء التحالف الذي تقوده السعودية، من ارتفاع معدلات الخسائر، حيث قال مصدر كبير مقرب من الرئاسة في الخرطوم ل “ميدل ايست اي” أن اكثر من 500 جندي سوداني قتلوا في اليمن.

وكان قائد قوة الدعم السريع التابعة للجيش السوداني الفريق “محمد حمدان حميدتي” قد أعلن قبل شهرين فقط بأن 412 جندياً سودانياً بينهم 14 ضابطاً قد لقوا مصرعهم في لقاء مع صحيفة الأخبار السودانية.

وقال المصدر السوداني ان “هناك ضغوطا ًكبيرة للانسحاب من هذه المعركة المستمرة”.

وحالياً، هناك قوة قوامها يتكون من 8000 جندي سوداني يقودها جزئياً ضباط إماراتيون، وهي منتشرة في جنوب اليمن وكذلك في عدد المناطق التي تقع إلى الجنوب الغربي من محافظة تعز وتحديداً في المخا.

أما في الداخل، فالرئيس السوداني “عمر البشير” قد بدأ في إعادة النظر فيما يحصل. فهو لم ينسى بعد شريان الحياة الذي حصل عليه عندما أودعت الرياض مليار دولار في البنك المركزي السوداني قبل عامين من الأن، تليها قطر التي أودعت 1.22 مليار دولار.

إلا أنه ليس مرتاحاً بصفة “رئيس المرتزقة” الذي يطلق عليه حالياً، كما أنه بات لديه الأن أيضاً علاقات أخرى لإعادة النظر فيها.

ففي يوم الخميس الماضي، أصبح البشير رئيس أحدث وأخر المواكب العربية التي وجدت طريقها الى باب “فلاديمير بوتين”، حيث قال للرئيس الروسي أنه بحاجة الى الحماية من الولايات المتحدة، وأنه ضد المواجهة مع ايران، اضافة الى دعمة لسياسة الإبقاء على الرئيس السوري “بشار الأسد” على رأس هرم السُلطة هناك.

ويأتي ذلك عقب الحادثة التي وقعت في البيت الداخلي السوداني، والتي وصفت بأنها عملية تجسس ومحاولة انقلاب، وقد تم فصل “طه عثمان أحمد الحسين” من منصبه كمدير لمكتب الرئيس السوداني بعد اكتشاف حملة جواز سفر سعودي وأوراق إقامة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بعد أن تم القبض عليه وهو يقوم بعمل اتصالات سرية مع كل الدولتين المذكورتين سلفاً.

التجمع اليمني للإصلاح

كانت العلاقة بين المملكة السعودية وحزب الإصلاح – الذي يعتبر الحزب الذي يضم أكبر مجموعة من المقاتلين اليمنيين الذين يستخدمهم التحالف في القوات البرية المنضوية تحت لواءه – في أفضل الأحوال متناقضة ومتضاربة، كما يعادي ولي عهد أبوظبي الذي يعتبر من أكثر الشركاء المقربين لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حزب الإصلاح المرتبط بالإخوان المسلمين معاداة علنية.

وباستخدام القوات السودانية، فرض الإماراتيون حصاراً مطبقاً على تعز، التي تعتبر معقل حزب الإصلاح ومدخله إلى كل من الجنوب والغرب اليمنيين، اضافة الى استخدامهم لتلك القوات في محاربة الشمال.

ومع ذلك، فإن السعوديين أنفسهم يستضيفون حالياً قيادات حزب الإصلاح في الرياض حيث يستضيفون أيضاً “عبد ربه منصور هادي”.

لكن يبدو بأن الخط الفاصل بين الإقامة في فندق والإقامة في السجن غير واضح هذه الأيام في الرياض، وهذا ينطبق على الضيوف اليمنيين شأنهم شأن نظرائهم اللبنانيين.

حيث وصف مصدر مقرب من هادي الظروف التي كان فيها محتجزاً بأنها “مريحة ولائقة لكنها لا تمت للحرية بأي صلة”، كما قال أيضاً أن “هادي” كان محتجزاً فعلياً في “قفص ذهبي” وغير قادر على زيارة اليمن أو الإدلاء بأي بيانات أو تصريحات، على الرغم من أنه سيسمح له بالعلاج في الولايات المتحدة.

ومع ذلك، وفي الوقت نفسه فإن قيادة حزب الإصلاح تمتلك نوعاً من الحرية في التحرك والعمل كما أنهم يظهرون علامات تشير الى تمكنهم من القيام ببعض أمورهم الخاصة.

لكنهم وبأية حال يشعرون بأن السعر السياسي الذي دفعوه لدعم الحملة السعودية قد تحول في عيون اليمنيين من التحرير إلى الاحتلال.

كما أنهم أيضاً يدفعون ثمناً مادياً باهظاً، فقد قتل عدد من الشيوخ والعلماء الإصلاحيين، وكذلك السلفيين الذين رفضوا توجيهات القيادة الإماراتية كما استهدفوا أيضاً في محاولات الاغتيال.

لقد طفح الكيل الأن، وقد بدأت القيادة الإصلاحية تتحدث اليوم عن بدء مفاوضات مباشرة مع الحوثيين، وفقاً لما ذكره مصدر كبير في حزب الإصلاح.

وقد قال المصدر أيضاً “إن الإماراتيين لا يخفون عداءهم تجاه الإصلاح، حيث يتم اغتيال الشيوخ والعلماء، بالتنسيق مع المليشيات الموالية للإمارات، وبالإضافة إلى ذلك، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تدعم وبوضوح الحصار على تعز، وتقوم بعرقلة وصول الإمدادات الى مقاتلينا في المدينة”.

“ونتيجة لذلك، فإن الكثير من أعضاء وأفراد القاعدة الشعبية لحزب الإصلاح اضافة الى قادة الحزب بدأوا يشعرون بأن هذا التحالف له سعر أغلى من أن يدفع، خاصة وأن شعبية التحالف السعودي بين أوساط اليمنيين الذين دعموا التدخل قبل عامين بات الأن في ادنى مستوياته”.

كما أن حسابات حزب الإصلاح قد تنقسم بشكل رئيسي الى ثلاثة أقسام أساسية هي :

أولاً، لا يزال حزب الإصلاح يمتلك نواة كبيرة من المقاتلين مجهزة تجهيزاً كاملا من حوالي 20،000 مقاتل، والذي يحتفظ بهم كقوات احتياط، لذلك فإنه يعتقد بأنه إذا بدأ المفاوضات مع الحوثيين فسيكون ذلك من منطلق القوة العسكرية.

ثانياً، بدأ قادة الحزب المحليون بالفعل في نشر قوات في كل من محافظتي مأرب والجوف، غير أبهين برغبات ومخططات بقية دول التحالف الذي تقوده السعودية.

حيث قال المصدر أن “حزب الاصلاح قد ضحى بالكثير من أجل أن يكون جزءاً من التحالف لكننا لم نحصل على أي عوائد، بل وعلى العكس فإحدى الدول من اعضاء التحالف تتآمر ضدنا – أي الامارات”.

ثالثاً، يضع حزب الإصلاح في حساباته بأن الحوثيين يمكن أن تكون لديهم أسبابهم الخاصة للدخول في محادثات، حيث أعتبر الحوثيون التجمع الجماهيري الذي دعا إليه حليفهم الرئيس اليمني السابق “علي عبد الله صالح” في صنعاء مؤخراً ، كمحاولة انقلاب عليهم.

وعلى الرغم من إنكار صالح، الا أن الحوثيون زعموا بأنه قد عبر خطًا أحمر وأنه بذلك قرب الجانبين إلى حافة الانهيار، وقد بات “صالح” منذ ذلك الحين هادئاً وأصبح الآن شخصية مهمشة، ولكن شعور الحوثين بالخيانة قد انحسر.

ولهذه الأسباب بدأ قادة حزب الإصلاح باتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وتعزيز وجودهم في مأرب والجوف، بشكل مستقل عن قرارات التحالف”.

سلطنة عمان

حاول السعوديون احتواء التمرد الذي بدأ في صفوفهم من خلال إيلاء المزيد من الاهتمام لقيادة الإصلاح في الرياض، حيث التقى ولي العهد الامير “محمد بن سلمان” مؤخراً برئيس حزب الإصلاح “محمد الييدومي”.

وقد خلق ذلك عاصفة من التعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعتبر الأمير جماعة الإخوان المسلمين “إرهابيين”.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد سمح السعوديون لنائب هادي ، “علي محسن الأحمر”، بالعودة إلى الخطوط الأمامية بالقرب من العاصمة صنعاء، متجاوزين اعتراضات أبو ظبي على ذلك، حيث يعتبر الجنرال الأحمر من أقرب المقربين إلى القوى الإسلامية التي ظهرت في اليمن بعد الربيع العربي الذي تسارعت أحداثه في العام 2011.

لكن كبار القادة في حزب الإصلاح ينظرون إلى هذه التحركات والترتيبات الجديدة على أنها قليلة جداً، ومتأخرة جداً.

وكما لو كان توازن القوى الخارجية المتنافسة في اليمن ليس معقداً بما فيه الكفاية أصلاً، تدخل سلطنة عُمان.

فعُمان التي تعتبر أيضاً جنوب اليمن كفناء خلفي لها، ويساورها القلق بشكل خاص إزاء استيلاء الإماراتيين على سلسلة الموانئ والجزر الاستراتيجية قبالة سواحل اليمن، حيث وصف مصدر دبلوماسي قطري هذه التحركات بأنها ولاده “لإمبراطورية بحرية إماراتية”، الا أن العمانيين أيضاً متضايقون جداً إزاء ذلك.

ومن المفهوم أيضاً لماذا لا يزال العُمانيين على اتصالات هادئة ومستمرة مع زعماء القبائل اليمنيين المحليين في جنوب اليمن، الذي يعتبر بعضهم من القوات الانفصالية، وذلك لتنظيم “استجابات وتفاهمات مُنسقة” مع الميليشيات التي تدفعها وتسيطر عليها أبوظبي.

وبصفة عامة، فإن أول مشروع عسكري يطلقه الأمير السعودي البالغ من العمر 32 عاما كوزير للدفاع ليس سوى فوضى تكتيكية واستراتيجية.

فالأمير الذي أُشيد به في الأوساط الغربية كالشاب المخلص الذي سيقود حملة العودة ضد إيران، نجح في توحيد اليمنيين ضده، وهو إنجاز نادر في عالم متعدد الأقطاب، لقد أطلق النار على نفسه، مراراً وتكراراً في القدم.

 

 

المصدر| الميدان+ميدل إيست إي .

مقالات ذات صلة