ماذا حققت السعودية بعد 1000 يوم من المغامرة العسكرية في اليمن (2-2)

متابعات | 27 ديسمبر | مأرب برس :

تدمير البنية التحتية :

تناول كتاب غربيون أولا وعرب بدرجة أقل، آثار الغارات الجوية التي نفذها طيران التحالف السعودي منذ 26 مارس 2015، وكان ولا يزال لدى الجميع تساؤل حائر حول علاقة استهداف البنى التحتية بإعادة شرعية هادي.

غارات سعودية استهداف منزل مواطن بحي عصر بالعاصمة صنعاء أودت بحياة 8 أشخاص أغلبهم من أطفال و النساء – 25 ديسمبر 2017

تظهر الإحصائيات أن عشرات الآلاف من الغارات استهدفت كل البنى التحتية على امتداد خارطة البلاد: المدارس والمعاهد والجامعات، المستشفيات والمراكز الصحية، الطرقات والجسور، محطات الكهرباء، خزانات المياه، الوزارات والمؤسسات، وغيرها من المباني الحكومية، المرافق الحزبية، الأسواق، المزارع ومخازن الغذاء وصوامع الغلال وغيرها.

وتبرز الإحصائيات أنه تم استهداف حتى المساجد، والمواقع التاريخية والأثرية.

في الأسابيع الأولى كان التحالف السعودي يبرر قصف المباني باستخدامها مخازن للأسلحة ومآوي لعناصر ومقاتلي حركة أنصار الله؛ إلا أن ذلك لم يثبت أبدا.
وكانت تبرر الغارات التي تستهدف الطرقات والجسور بقطع طرق الإمداد، إلا التساؤلات قادت للبحث والتحري، وكانت النتيجة أن السعوديين تعمدوا التدمير بهدف التدمير ومحاولة تكريس الخسائر أمام سلطة صنعاء باعتبار ذلك وسيلة من وسائل الضغط.

والآن بعد 1000 يوم، يتضح أن البلد الفقير قد خسر ما بني طيلة نصف قرن، سواء من موارده المحدودة أو من المساعدات والقروض.

لم تكسب الرياض سوى إضعاف جيرانها وكسب عداوتهم، ولم يخسر الحوثيون وإنما كسبوا الحرب النفسية، بإثبات أن السعوديين لا يستهدفون مكونا سياسيا أو جماعة مسلحة، وإنما أمعنوا في تدمير كل شيء، ولم يستثنوا شيئا أو أحدا، في تعبير عن العداء الصريح لليمنيين جميعهم.

استهداف المدنيين  :

كالبنية التحتية، كان استهداف المدنيين مثيرا لتساؤلات وجدت طريقها نحو الحقيقة.
عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وأضعاف أضعافهم من المشردين، ومن فقدوا أقاربهم ومعيليهم.

طوال الألف يوم والغارات المتواصلة تستهدف الأحياء السكنية في مختلف المدن اليمنية، والمنازل في القرى والأسواق المزدحمة بالبشر، ووصل الأمر إلى قصف تجمعات الأعراس ومجالس العزاء.

قانونيا، تعد هذه الممارسات جرائم حرب، وإنسانيا تعد سلوكا وحشيا غير مبرر، لأنه حتى الحروب لها قواعدها وقوانينها وخطوطها الحمراء التي تجاوزتها جميعا قوات التحالف السعودي.

الديمقراطية الموؤدة :

مثل اليمن بعد توحيده عام 1990 نموذجا فريدا في المنطقة بتبنيه خيار التعدد والديمقراطية في محيط تتقاسمه الأنظمة الوراثية. وبرغم ما يمكن قوله عن التجربة الديمقراطية في اليمن خلال عهد صالح وابان الفترة الانتقالية المليئة بالاضطرابات، إلا أنها تجربة كانت قابلة للتطوير، حتى بدأ التدخل العسكري السعودي في اليمن.

الآن، يبدو أن البلاد قد أعيدت إلى عهد سابق لعهد الحكم الشمولي الذي ساد مرحلة التشطير (من 1962 إلى 1990).

لا وجود للعمل الحزبي، وإنما تنامت النزعات المناطقية والمذهبية، وتكاثرت الجماعات المسلحة التي يؤلمها تحت التحالف السعودي و تقاتل تحت رأيته، ولذلك يظهر أن وسائل التغيير الديمقراطية قد ولى زمانها، إلا في حالة وصول أطراف الصراع إلى امتلاك قرارهم الحر وإنهاء الاقتتال، والانخراط في حوار يؤدي إلى مرحلة انتقالية توافقية تحت سقف الوحدة، على أن ينظم انتقال سلس إلى مرحلة جديدة عبر انتخابات رئاسية ونيابية ومحلية.

نتيجة عامة :

تؤدي قراءة مختلف المعطيات عن نتائج التدخل العسكري لقوات التحالف السعودي إلى حقيقة أن الرياض قد سرقت سنوات من حاضر اليمنيين ومدة أطول من مستقبلهم؛ لأنهم بافتراض انتهاء الحرب والوصول إلى توافق، يحتاجون عقدين على الاقل لإعادة بناء ما تم تدميره في مختلف الأصعدة.

المصدر : الميدان .

مقالات ذات صلة