الحكومة المصرية لا تعترف بأحكامه.. تيران وصنافير إلى القضاء الإفريقي

تقارير | 16 مارس | مأرب برس :

“تيران وصنافير” القضيّة الغائبة الحاضرة دوماً على الساحة المصرية، وجديدها اليوم إقامة دعوى قضائية أمام اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الإفريقي، حيث يأمل مقدمو تلك الدعوى أن تعمل المحكمة الإفريقية على إنصافهم وإعادة حكم الجزيرتين للمصريين، خصوصاً بعد أنّ أصبح حكم إقرار ملك الجزيرتين للسعودية قاب قوسين أو أدنى.

الأمل الإفريقي الأخير

القضاء الإفريقي أو حتى اللجان القانونية الدولية الأخرى؛ ربما باتت تُشكل الأمل الأخير لمُعارضي تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، غير أنّه أمر لا يَعد بالكثير من الناحية القانونية بحسب القضاء المصري؛ في حين يرى مراقبون أنّه أمرٌ ضروري للضغط على الدولة والقضاء المصري لتجاوز حالة الجمود التي تسيطر على قضية تسليم الجزيرتين.

وأكد المحامي الحقوقي خالد علي وهو الذي رفع القضيّة أمام المحكمة الإفريقية أن هذا التحرك الدولي يُعدُّ الأول من نوعه من أجل عودة الجزيرتين إلى مصر، مشيراً إلى أن هيئة الدفاع تهدف إلى التحرك بعد ما قالت المحكمة الدستورية العليا مطلع الشهر الحالي بعدم الاعتداد بجميع أحكام القضاء الإداري ومحكمة الأمور المستعجلة في قضية تيران وصنافير، ومن ثم استمرار سريان الاتفاقية بأحقية السعودية في الجزيرتين.

وقال مراقبون إنّ هيئة الدفاع المصرية عن الجزيرتين تحاول بهذا التحرك إبقاء القضية حيّة، في حين ذهب عضو مجلس الشعب المصري في العام 2012 محمد محيي الدين إلى أنّ مصر وقَّعت على اتفاق تأسيس اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وبالتالي تكون القرارات الصادرة عن اللجنة ملزمة للحكومة المصرية.

معارك قضائية

البداية الحقيقية لقضية تيران وصنافير بدأتّ مع وصول الرئيس السيسي إلى سُدّة الحكم ومواجهته اقتصاداً شبه منهار إثر ثورتين شعبيتين أطاحتا بالرئيس محمد حسني مبارك ومحمد مرسي، وفي مواجهة هذا الواقع المُتردي وجد السيسي نفسه مُجبراً على التوجه إلى عدد من الدول الخليجية لإنقاذ بلاده مالياً، هذا الإنقاذ لم يكن مجانيّاً حيث اشترطت الرياض تسليمها الجزيرتين مقابل الدعم المالي للخزينة المصرية، الأمر الذي فتح باباً واسعاً من المعارضة من قبل المصريين لتسليم الجزيرتين، حيث رفع عدد من المُحامين قضايا ضد القرار الرئاسي المصري أمام المحكمة الإدارية، التي أيّدت ما ذهب إليه المُحامون، حيث قضت المحكمة المصرية وفي حكمٍ نهائي، ببطلان اتفاقية تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر للسعودية.

القرار الذي لم يُعجب الرئاسة المصرية ودفعها للجوء إلى محكمة القاهرة للأمور المستعجلة التي أيّدت بدورها توقيع الاتفاقية وقضت بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظرها معتبرة إيّاها من أعمال السيادة التي تختص بها السلطة التنفيذية.

التنازع بين القضائين (الإداري والمستعجل) دفع مؤسسة الرئاسة المصرية إلى اللجوء إلى المحكمة الدستورية لحل النزاع، وفي جلسة 3 آذار/ مارس الماضي رفضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها طلب الحكومة تحديد القضاء المختص بنظر الاتفاقية لكنها قالت: “توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتي جمهورية مصر العربية والسعودية يعدّ بالتأكيد من الأعمال السيادية” التي تخضع لرقابة البرلمان، ليُقرّ الأخير وبأغلبيته “التابعة للرئيس المصري” بأنّ حكم المحكمة الإدارية العليا “لن يغير من حقيقة اختصاص مجلس النواب بنظر المعاهدات الدولية”.

ابتزاز مصري.. ومصلحة سعودية

“الرز السعودي” كما يصفه مُعارضون مصريون هو السبب وراء تنازل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن الجزيرتين المصريتين، حيث أصبح الرئيس المصري يبتزُّ الدول الخليجية التي تُمثل فيها السعودية رأس حربة، وذلك للحصول على المال منها، غير أنّ السعودية باتت متيقّنة من مآرب السيسي، ولكنها تُفضل ذلك الابتزاز في سبيل حصولها على الجزيرتين التي ستؤهلانها لتكون طرفاً في اتفاقية “كامب ديفيد” ويعطيها مبرراً لعلاقاتها النامية مع إسرائيل.

الكاتبة المصرية “أهداف سويف” وفي مقال بصحيفة نيويورك أكدت أنّ اتفاقية “كامب ديفيد” تشترط أن تكون مضائق تيران مفتوحة أمام كل السفن، وإن هذا الشرط يسري فقط في أحوال السلم وفي ظروف “المرور البريء”، وما دامت المضائق تحت السيطرة المصرية فإن مصر تستطيع إغلاقها في حالة الحرب أو لو اشتمت نوايا سيئة للسفن المارة، غير أنه وبعد التنازل عن الجزر للسعودية تصبح مياه مضيق تيران دولية وليس لمصر أي حكم عليها في السلم أو في الحرب.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة المصرية لا تعترف بوجوب تنفيذ القرارات الصادرة عن تلك اللجان، ولا سيما أن اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لم يسبق لها أن تعرّضت لموضوع مشابه خصوصاً وأنّه يتشابك مع السياسات العليا للدول الأعضاء، ولا يقتصر فقط على قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة.

المصدر : موقع الوقت .

مقالات ذات صلة