بوتين يستهزئ بأمريكا بعرضه على السعودية شراء منظومات دفاع جوية روسية

أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستهزاء بالولايات المتحدة الأمريكية، عندما عرض على السعودية مساعدة المملكة في حماية شعبها وبنيتها التحتية النفطية، من خلال بيعها منظومات دفاع جوي روسية الصنع.

وجاءت تصريحات بوتين في مؤتمر صحفي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن قال مسؤولون أمريكيون إن إيران هي على الأرجح المسؤولة عن الهجمات التي وقعت مطلع الأسبوع على منشأتين سعوديتين مهمتين لشركة أرامكو، وهو ما نفته طهران.

وبدا واضحاً أن تصريحات الرئيس الروسي كانت موجَّهة إلى واشنطن أكثر منها إلى الرياض، وبدا ابتهاج روحاني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالسخرية من الرئيس الأمريكي الغاضب واضحاً، إذ ابتسما وهما يستمعان إلى بوتين وهو يتحدث وعيناه تتألقان ببريق ماكر، بحسب ما ذكرته مجلة Politico Europe الأوروبية، الإثنين 16 سبتمبر/أيلول 2019.

شراء الأسلحة الروسية

وقال بوتين في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع الأخير الذي جمع بين قادة روسيا وإيران وتركيا، والذي يهدف إلى التوصل إلى «تسوية سلمية» في سوريا عبر ما يعُرف بـ «مباحثات أستانا»: «نحن مستعدون لمساعدة السعودية في حماية شعبها» .

وتابع قائلاً: «هم بحاجة إلى اتخاذ قرار حكيم مثلما فعلت إيران، بشرائها منظومة S-300، ومثلما فعل أردوغان بقراره شراء منظومة الدفاع الجوي المتقدمة S-400 Triumph من روسيا. وهذه الأنواع من المنظومات يمكنها حماية أي نوع من البنية التحتية في السعودية من أي نوع من الهجمات» .

وقالت المجلة الأمريكية إن «تهكم بوتين كان شديد الدهاء، حتى بالنسبة لما اعتدنا عليه من بوتين، المعروف بحبه للتهكم على خصومه» .

وكانت الولايات المتحدة قد عارضت طويلاً صفقة بيع منظومة الدفاع الجوي S-300 إلى طهران، وقد رفضت روسيا إتمام عملية البيع، منذ ما يقرب من عقد من الزمان، بموجب اتفاق أُبرم عام 2007، خضوعاً منها في بادئ الأمر لضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتثالاً منها بعد ذلك للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على البرنامج النووي الإيراني.

لكن تسليم منظومة الصواريخ أرض-أرض تم عام 2016، بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، الذي انسحب منه ترامب من جانب واحد، العام الماضي.

استياء أمريكي

وبالمثل، أبدت واشنطن استياءها الشديد من عزم تركيا شراء منظومة S-400 الأكثر تقدماً، حتى إنها هدَّدت بفرض عقوبات قاسية على تركيا، العضوة في حلف الناتو.

وقد حثَّت إدارة ترامب أردوغان على شراء منظومة الدفاع الجوي باتريوت، التي صنعتها شركة الأسلحة الأمريكية Raytheon.

ولكن تركيا مضت في عملية الشراء، ورداً على ذلك أوقفت إدارة ترامب مشروع حصول تركيا على طائرات مقاتلة أمريكية من طراز F-35، ولكن كان البعض يشجع ترامب على فرض عقوبات أقسى، ومن هؤلاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، التي دعت البيت الأبيض الشهر الماضي إلى فرض عقوبات عليها.

وبعيداً عن النزاعات حول منظومات الدفاع الجوي، تعد السعودية أيضاً واحدة من أكبر المشترين للأسلحة الأمريكية وغيرها من المعدات العسكرية، ولطالما تباهى ترامب بإبرام صفقات ضخمة مع الرياض.

وأكثر من ذلك نقض ترامب قراراً حاول الكونغرس الأمريكي تمريره، لمنع صفقات أسلحة ضخمة مع السعودية عقاباً لها على مقتل الصحفي وكاتب مقالات الرأي في صحيفة The Washington Post جمال خاشقجي.

مصالح روسيا

وتجدر الإشارة إلى أن روسيا هي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، بعد الولايات المتحدة والسعودية، لذا فمن المحتمل أن تستفيد من أي انقطاع في إنتاج النفط السعودي، وكذلك من الارتفاع الحاد في أسعار النفط العالمية، الذي أعقب هجمات مطلع الأسبوع.

لكن الهجوم وردّ فعل ترامب يمنح فرصة أيضاً لبوتين لتسليط الضوء على تأثير واشنطن المتناقص في الشرق الأوسط، وكذلك عزلة ترامب في مسألة الاتفاق النووي الإيرانية، إذ ظل الاتحاد الأوروبي والقوى الأوروبية الضامنة الأخرى لخطة العمل الشاملة المشتركة، فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، ملتزمين بالاتفاق رغم انسحاب ترامب.

ويقول بعض منتقدي ترامب إنه مسؤول عن التوترات التي أدت إلى الهجوم مطلع الأسبوع، بسبب انسحابه من الاتفاق النووي، إلا أن ترامب ردَّد لفترة طويلة أن خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تفاوض عليها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، فشلت في تناول دور إيران في جانب رئيسي من النزاعات العسكرية الإقليمية، وكذلك دعمها للإرهاب.

ويسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتوسط في اجتماع بين ترامب وروحاني يهدف إلى تخفيف حدة التوترات والحد من خطر نشوب حرب.

وقال ترامب إنه سيكون مستعداً لمثل هذه المحادثات، لكن طهران استبعدت الآن أي احتمال لعقد مثل هذا الاجتماع، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي سينعقد الأسبوع المقبل في نيويورك.

مقالات ذات صلة